2012/08/20

"سوق العيد" قصص قصيرة جدا بقلم: ياسر محمود محمد


 سوق العيد
قصص قصيرة جدا
بقلم / ياسر محمود محمد

 عيونها
 (    1   )
في عينيها يبدأ الخلق والعالم والناس دنيا جديدة مليئة بالأحلام الوردية ، بياض واسع في وسطه دائرة صغيرة تظهر فيها صورة وجهي المنعكس داخلها .. سموني إنسانها إنسان عينها .. أعيش بداخلها كأنها كوني وحياتي.
(    2   )
هوايتها الدائمة أن تبحلق بعينيها الواسعتين في عالمي الغامض المبهم ، تجلس هكذا عاقدة بين ذراعيها .. تتأمل في .. تقول عني كل ما يخطر ولا يخطر علي بال ، بألفاظ غاية في البساطة تجعل من عمري صورة لأحداث الأخرين ، بخبث تميز في حبي الغامض للنساء ، توقظ أنات من العمر الجميل.
لا أعرف لم تقول أنها دائماً ما تتذكرني حينما تكون بمفردها ؟ وتحس بأن العالم ممتلئ عن آخره بأشياء جميلة مثل السهر وصوت "عمرو دياب" و "فيروز" و "عبد الحليم" و "فؤاد" و "منير" وموسيقي صاخبة من مثل موسيقي "حميد الشاعري" وأفلام مصرية رائعة مثل "الكيت كات" و "أحلام هند وكاميليا" بل أن الفرجة علي فتارين العالم هي من أمتع الأشياء في هذه الدنيا بالنسبة لها ، تتذكرني حينما تقرأ  أشعار  "عبد الرحمن الأبنودي" ، تتذكرني هي حينما تفكر في كل تلك الأشياء الجميلة التي لا أعرف أحداً في هذه الدنيا لا يحبها.
صورتك
الصورة.. الوردة.. رؤياك 
أهديتني إياها .. هي ووردة كل ما تبقي من أحلامنا معاً ، كنت حريصاً عليها .. أخذتها منك بأعجوبة.
يوم أن غسلت أمي كل الأشياء .. بطاقتي الشخصية .. صوري .. صور أصدقائي.. أصدقائي حقاً التصقت صورتك بأحد صوري .. لم تكن مهمة .. صورتي .. لكن صورتك .. صورتك كل ما تبقي منا.
(هامش)
         منا ß أحلامنا معاً/ ذكرياتنا/
  الأجزاء الخاصة والمحببة فيها/ سمارها/
 أحلامي/ أيامي/ زماننا/ الوطن / السماء/
الصلاة/الممكن/وأشياء أخرى كثيرة كثيرة)
*     *     *
نزعت صورتي بحرص .. حريصاً علي أن يبقي كيان صورتك سليماً .. بقي عليها غبش من آخر طبقة ورقية في صورتي ..  حاولت أن أنزعه .. لتتضح صورتك .. نزعت جزءاً من الحافة .. ظهر الجزء الأزرق "الخلفية" ، جزء من المنتصف .. شعرها الليلي القصير .. نزعت جزءا..  ظهر جيدها الأسمر  نهار ممتد مشرق جميل مقدمه للجسد الرائع ، ظهر جزء من فستانك .. لم يظهر صدرك .. حاولت أن أتبين عينيك .. لم أنجح حتي في إذابة الغبش عنهما ، ظهرت عيناك من خلف الغبش مشوشة .. غير واضحة.
هي امرأة
ترتدي الشيفون بنطلوناً وفانلة من نفس اللون .. نما ما تحت بطنها قليلاً .. مضي ما مضي من سنوات لكن هل نسيت ؟ كل يوم من أيام العشق الغير مألوف.
أردت أن تصبح ملكك لكنها غابت .. غابت خلف الليالي والأحاسيس .. ليالي فراش رجل آخر بأحاسيس أخري.
هل هذا صعب ؟ هل هو شئ غريب ؟ كل شئ إذن صعب بعد أن غابت من لا تغيب.
*     *     *
هي امرأة .. ومن لا يدري أنوثتها ، ها أنت -  وكنت تتمني -  تراها امرأة سمراء رائعة .. بجسد بض  بدأ في الإمتلاء ، وجه بدأ في التدوير .. وملامح امرأة.. ضحكتها ضحكة امرأة .. نظرتها نظرة امرأة .. نهداها نهدا امرأة .. دخلت دنيا الآن وعرفت وأصبحت من ضمن النساء .. دخلت دنيا ورأت وعرفت لكنها للأسف .. ليست دنياك!
سوق العيد
الناس في الأزقة .. هو العيد .. وحدها كانت تمشي في الشارع المزدحم بالمارة .. وخلفها كان الخطر .. تمشي باضطراب .. عيونها علي شئ غامض .. تحدق في المجهول.
الطبول عالية .. صوت الطرقات علي الطبول بينما  المراجيح تدور .. هي وحدها كانت لا تعبأ بالأشياء .. فتيات النيشان يقفن بالأحمر البلدي الذي يضعنه علي وجوههن وصوت النيشان "تك" عندما لا تصيب الطلقة البمب المعلق في صورة شبه عارية لبطلة السينما والمسرح.
كانت لا تعبأ بذلك ، لا تعبأ بالمراجيح الدائرة .. تمثل أحصنة يركب عليها الأولاد والبنات .. بينما موتوسيكل الخطر الذي يدور في دوائر أفقية ورأسية يظهر إعلانه ومن خلفه لاعب الأكروبات الذي يرقد في زيه الأحمر منتظراً إشارة البدء ليدور بالموتوسيكل حول وفوق الأرض.
كانت تسير لا تعبأ بكل ذلك .. لا يدهشها سوق العيد الذي طالما أدهش الكثيرين.
عادت من الخلف للأمام مرة ثانية في سوق العيد تمشي وحولها العيون.

ليست هناك تعليقات: