2012/08/16

سقوط أحلام...اليقظة ؟.. قصة بقلم:محمد الكامل بن زيد


سقوط أحلام...اليقظة ؟
محمد الكامل بن زيد
لوحة ........1 :
لا أخفي عنكم شيئا مما تكنه نفسي من اضطرابات عصفت بكل ما كان مستـقرا داخل ذاتي..فبمجرد تخرجي من الجامعة منذ سنتين...وإثر اصطدامي بحواجز حديدية مثبتة بمسامير عملاقة صدئت في أرض الواقع.. واقع شخصي والكثير من أمثالي..من هؤلاء الشباب ..أجدني قد أصبحت شخصا آخر..شخصا يختلف تمام الإختلاف عما كنت عليه قبل يوم واحد من حفلة التخرج...فمعادن كل خلايا جسمي تناثرت فوق التراب الرمادي...ليسمح لسنابل ميتة بالنمو... هــــذه السنابـــل لا أدري..كيف إستهــوت الغربـــان التي جـــاءت من أقاصي البلاد...حـــتى تبني لها عــــشا بين ذراعي..غـــــيرمبالية ؟؟..حتى أنـها لم تعر لنظراتي المصوبة نحوها بشكل ينم عن تذمر قاتل..وكأني لا أساوي عندها أكثر من غصن بشري..
في البدء... حاولت رفض هذه الفوضى ـ فوضى الأشياء ـ المتراكمة حولي..أصررت على الرفض..لكن كلما أقسمت علنا..تطاولت عدة أياد غليظة إلى رقبتي السميكة لتختم عليها.. قطعة هلالية على شكل أصابع متراصة..لا أكذب عليكم..كان صراعا مريرا إلا أني استسلمت في النهاية فالكثرة كما يقولون  تغلب الشجاعة..وإني أشهد الله أنه لم يكن استسلاما بقدر ما هو خطة..نـــعم خطة أي والله..حتى أجد السبيــل  للخلاص من أياديهم الغليظة وتخطي الحواجز الحديدية وأنعم براحة أبدية...فأخذت أبحث في القواميس عن السبل فلم أجد إلا حيلة واحدة...إذ لاحظت أن الكثير من الشباب مثلى مولعون بولوج بوابة أحلام اليقظة فقلت في نفسي لا بد أنـها فكرة جميلة فهم أكبر مني سنا  إذن.. هم أكــبر مني فهما..وساعة بساعــة.. ومع مضى الوقـــت تباعـــا.. اكتشفـــت أن الحيلة التي استأنستــهــا في شراييني..ما هي إلا حلية قديمة.. وقديمة جدا أيضا.. وفي المقابل أيقنت أني أصبحت مدمن..أحلام اليقظة..

لوحة ........2 :
تقاطيع الوجه دلت عمن يكون.. وعما هو عليه..كان غارقا حد النخاع حتى أنه نسي نفسه ولم ينتبه إلى أصوات المارة بجانبه..يصرخون.." احذر أمامك حفرة عميقة ".. لم يكن بجانبهم..كان في أبعد مكان على وجه المعمورة ..لذا جاء السقوط حتميا..
ووقع..؟؟                     
يا الله..
المارة أحاطوا بالحفرة العميقة..صفارات الإنذار تقطع الصمت الساكن في الشارع..هل تكسرت عظامه..هل مات؟..أسئلة تبيح الفضول..كلا..أغمي عليه.. فقط..
إذن أيقظوه..ماذا تنتظرون؟؟
...وأفاق من غيبوبته..تأمل التقاطيع..أين البحر.. أين السمــاء الصافية..أين المـــروج..أين بنــــت الجيران..أين  الأسطورة التي كنت فيها بطلا لا يقهر..أين أحلام اليقظة؟..ذهبت أدراج الريح..آه..يا أبناء الـ.....تبا لكم أيها المارة.. أنا لم أطلب منكم المساعدة.. فماذا ...فعلتم...أغبياء...حمقى...نيران الغضب تحطم  فوهة البركان .. الأفكار تعطلت   و الهدوء انسحب خفية .. الأيدي تتصارع في مسك الأجساد الهاربة الويل لكم  .. سأنتقم .. السن بالسن .. و العين بالعين و البادئ أظلم .. أين أنتم أيها الجبناء .. حسابكم عسير .. أقدامه لا تعرف الطريق  .. الغضب أعمى بصيرتـها .. إنـها لا ترى شيئا ..
- أي
سقط مرة أخرى في الحفرة العميقة .. عاد شريط قدميه إلى الحفرة السابقة .. غير أن هذه المرة .. لا يوجد أحد بجانبه .. وحده يقاوم السقوط .. يتشبث بأمل المساعدة ولا من مجيب ؟ ..لم اقترب منه .. لكني من بعيد صرخــت .. ليس تشمــتا معاذ  الله
- لم لا تطلب من أحلامك المساعدة .......
ثم قفلت مسرعا من حيث أتيت  ..و كلمات اللعن و الشـــتم    و الوعيد تلاحقني .. تلاحق شخـــصا مجهولا ..لعن أحـــــلام اليقظة
لوحة ........3 : تبا لهؤلاء الشباب  ..إنـهم حمقى ..إلى متى  لا يدركون أن العلم في الرأس ..وليس في الكراس ..و أن أيدينا الغليظة خليقة بحماية الحواجز الحديدية .. وأننا مهما فعـــــلنا.. مهما حلـــمنا ..مهما اخترعنا من أحلام .. سنبقى على هامش الحياة ..مجرد أحلام اليقظة...                                                
بسكرة في مارس 1999  


ليست هناك تعليقات: