2012/08/29

"آخر مترو" قصة بقلم: محمد نجيب مطر


آخر مترو
 محمد نجيب مطر 
أسرعت الخطى نحو محطة مترو شبرا الخيمة لتلحق بآخر قطار متجه إلى الجيزة، وبالفعل وصلت قبل وصول القطار بقليل، فجلست على أحد المقاعد لتستريح، وبعد مدة وجيزة وصل المترو فركبته وكما توقعت وجدت مقاعد خالية كثيرة فلقد كانت الساعة تقترب من الواحدة صباحاُ والليلة باردة جداً، جلست في أحد المقاعد وسرحت بخيالها في الوصول إلى المنزل وتناول العشاء الساخن من البيض المقلي والبطاطس المحمرة والجبنة الرومي، ثم احتساء الشاي الساخن وتخيلت يديها تقبض على الكوب الساخن فيسري الدفء إليهما فتحس بالأمن والانتعاش.
أفاقت على وقوف المترو وهالها نزول جميع الركاب بسرعة وغلقت الأبواب وتحرك المترو، أحست بخوف غامض، لم يحدث أبداً في أي وقت وتحت أي ظروف أن وجدت نفسها وحيدةً في عربة المترو.
نظرت من خلال الزجاج الفاصل بين العربات فوجدت العربة التي أمامها وكذلك العربة التي خلفها خالية تماماً من الركاب، أحست بهستيريا الخوف من الأماكن المغلقة تتسرب بسرعة إلى نفسها، وفجأة توقف القطار في مكان مظلم داخل النفق، وبدأت مصابيح الإضاءة داخل المترو في الإظلام واحدةً تلو الأخرى فاندفعت في رعب حقيقي تحاول فتح الأبواب دون جدوى، أحست بأن معها داخل العربة مخلوقاً ما لا تراه ولكنها تحس بأنفاسه وتشعر بأن شئ ما يحتك بجسمها، انفلتت في قوة لا تدري من أين جاءتها وركلت الباب بكل قوتها فانفتحت كل أبواب المترو ولم يهبط أحد غيرها، أخذت تنادي في الظلام على السائق أو أي أحد في القطار وهي واقفة على شريط المترو في الظلام في وسط النفق ولم تسمع إلا صوت الصدى، وفجأة تحرك المترو مبتعدا عنها وهي تجري وراءه حتى تعبت فتوقفت ، فكرت في أنها ربما ركبت القطار المتجه إلى المخازن ولكن لماذا توقف القطار في تلك النقطة ولماذا أطفأ الأنوار ولماذا تحرك بسرعة فور نزولها، حاولت أن تهدئ من نفسها وأن تجد تبريراً منطقيا تطمئن إليه حتى يمكنها التصرف في هذا الموقف العصيب ، وفجأة ظهر لها شبح في الظلام يتجه إليها ، حاولت أن تخرج المحمول من شنطة يدها لتضئ المكان حتى تتعرف على القادم، ومن فرط اضطرابها سقط المحمول على الأرض فاقداً الحياة، استعاذت يالله من الشبطان الرجيم وكان الشبح يتجه إليها بسرعة عالية رافعاً قبضته إلى الأعلى وكأنه يحذرها من شئ ما، وما لبث أن سقط على الأرض على بعد عدة مترات فقط منها، أسرعت إلى الشخص الملقى على الأرض فوجدته غارقاً في دمه، فصرخت صرخة مدوية زادتها رعباً ، ونظرت فوجدت عدة أشخاص يهرولون نحوها ويرفعون في أيديهم السيوف والخناجر التي تلمع في الظلام ، فأطلقت ساقيها للريح في الاتجاه المعاكس وفجأة ظهر لها مترو آتيا في سرعة كبيرة في الاتجاه المقابل لم تستطع أن تتفاداه وأحست بصدمة المترو المروعة لها وسقطت مضرجة في دمائها تجرها عربة المترو خلفها ومد أحد الأشخاص الذي ظهر لها فجأة يده وسحبها من تحت العجلات  ....
فانتبهت فإذا بأحد الركاب يوقظها في لطف ويخبرها أن آخر مترو في المحطة على وشك القيام، نظرت حولها وتحسست أجزاء جسدها وشكرته وخرجت مسرعةً من محطة المترو لتلحق بآخر أوتوبيس أو ميكروباس متجه إلى الجيزة

ليست هناك تعليقات: