ماذا نريد من الإخوان ؟
فؤاد
قنديل
جماعة " الإخوان المسلمين " فصيل من
القوي السياسية الحالية التي شاءت صناديق الانتخاب – برغم الشوائب- أن تعتلي سدة الحكم بعد عقود من الظلام ، ارتكب
خلالها رجالها الكثير من الأخطاء والخطايا ،
كما تعرضواعلى إثرها لبعض الظلم ،
والتجربة بشكل عام تجربة غامضة وملتبسة ،ولم نلمس حتى الآن من سمات معلومة لهذه
الجماعة غير أربع هي ، الكيان المنظم والمتماسك . الأعداد الكبيرة . قوة البنيان
المالي .غريزة الاستحواذ. ويعترف الكثيرون بأنهم رحبوا ببزوغ الدور السياسي
لجماعة " الإخوان " تعويضا عن
فترات الحصار والقمع وعلى أمل إثراء الحياة السياسية جنبا إلى جنب مع الأحزاب
العتيدة والوليدة التي ثبت بكل الأدلة والشواهد إنها مفككة وعاجزة ، ومعظم قادتها
يفتقدون لقدر كبير من الوعي والرؤية بالإضافة إلى تخلخل الهياكل التنظيمية وتجذر
النزاعات الداخلية وغياب البرامج التنموية والثقافية ومن ثم انعدام الحضور
الجماهيري . ومن ثم لم يكن لأحد أن يندهش للضربة القاضية التي وجهتها جماعة "الإخوان
" لكل القوى السياسية المتناحرة ، التي لم تعرف غير التصريحات منزوعة الأرصدة
والضجيج الإعلامي الهش والمضلل .
لم تمر غير أسابيع قليلة حتى شمل الجميع ذهول
وهم يتابعون بشوق الصورة البانورامية لأداء أعضاء مجلس الشعب الجديد ذي الطابع
الدينى ، وأدركوا أنهم تسرعوا باختيار هذا الفريق الذي لا علاقة له بالسياسة ولا
الاقتصاد ولا الإدارة ولا لغة الخطاب ولا يعرف شيئا عن الشئون الخارجية والقضايا
الدولية ولا ما تعنيه بالضبط المفاوضات والمعاهدات والبروتوكولات ، وانزعج
المراقبون من كمية الصراخ والتهجم والاعتراض الهائج والصخب ، حيث كانت مواقف
سيارات الميكروباس والأسواق الشعبية أرحم بكثير، إلى أن أنقذتنا المحكمة الدستورية
أطال الله عمرها وأنقذها من المتربصين الراغبين في الانتقام .
إن عدم وجود أحزاب أو
تكتلات تستطيع التصدي لما يمكن أن يهدد أماني الجماهير في التنمية والنهضة والوحدة
الوطنية ، فضلا عن التصريحات العدوانية لقيادات الإخوان والإجراءات التعسفية التي
تتصاعد كل يوم ضد الحريات والمكاسب الثورية والاستقرار سوف تسهم – بحكم الفعل ورد
الفعل - في خلق كيانات وجبهات قوية لمواجهة الانفراد بالحكم وفرض أجواء سياسية
مشبوهة تتنافي وأسس الديمقراطية والكرامة والعدل ، ويتحتم الآن - حرصا على السلام
الاجتماعي وكمبادرة لفتح صفحات للحوارقبل الصدام الذي لا مفر منه في حالة الإصرار
على استمراء غواية الهيمنة - أن نتوجه إلى الحُكام الجدد ببعض المطالب الأساسية
التي يتوقف علي تحقيقها قبولهم :
1 – القدوة .. إذا كنتم تنتمون حقا للدين الإسلامي فالمطلب
الأول هو أن تكونوا في كل قول وفعل مثالا يحتذي في الوطنية والنزاهة والشرف
والأمانة والتضحية وإنكار الذات . والقدوة تتعارض مع قهر العباد إذا تجاوزوا مع
الحاكم ، وقد قال د. مرسي : إذا رأيتم فيّ اعوجاجا فقوموني ، وقال العرب قديما
لعمر : لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا ، والحاكم المعاصر لا يتحمل أن يلام أو حتى يُسب ، دون أن يسأل نفسه ما سبب
التجاوز، ربما يحسب نفسه ظل الله.
2 – الوطن هو الأصل .. ( انظر قول الرسول الكريم لمكة وهو
يهجرها إلى المدينة ).. الهدف هو الوطن ، حتى الدين نفسه يسعى لخدمة الوطن ..
البشر والشجر والحجر ، ولابد من الإيمان الراسخ بأن الدين لله والوطن للجميع ،
واضربوا بيد من حديد على كل من تمتد يده للمال العام فقد شبع الوطن نهبا ، ونرجو
أن يكون الوطن بيتنا الذي يضمنا ويحمينا .
3 – الصدق مع الله والنفس والناس .. فمنكم من يقول : الدين لله
والوطن للجميع ويتصرف على خلاف ذلك ، وكذلك يفعل في كل الأمور والأمثلة بلا حصر.
4 – الكفاءة هي معيار اختيار القائمين بالأعمال وليس الانتماء
الديني أوالإيديولوجي أو المواقف الشخصية مثل ما حدث مع وزير التنمية فقد عٌين
شقيق المدام الخارج من السجن إبان عمله محافظا فاختير وزيرا ومثله مكي وزير العدل.
5 – الحفاظ على الحريات العامة ، خاصة حرية التفكيروالاعتقاد
والتعبير بكافة مجالاته ، ومنكم من ترسخ عنده أن الحرية تعني الانفلات وترتبط بشرب
الخمر وكل الغوايات ، وهذا غير صحيح ، لأن الحرية تصحح نفسها ، والنهضة لن تتحقق
إلا بالخيال و بالابتكاروانفتاح الآفاق والتلاقح الثقافي ، ولا خيال ولا ابتكار
ولا ازدهار إلا بالحرية ، والقدوة النبيلة السامية تشجع الخارجين على الانسجام مع
منظومة القيم .
6 - احترام كل المعتقدات
سماوية كانت أو أرضية ، وتوفير كل ما يلزم لأبنائها كي يعيشوا في أمن وانسجام مع
كل الأطراف ، ومن ثم يترسخ الانتماء الذي يفجر كل الطاقات لصالح الوطن.
7 – رفض العنف والإرهاب بكل صوره حتى مع الخارجين على الآداب
والقانون ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )( ادفع بالتي هي أحسن فإذا
الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) صدق الله العظيم ، فهل حدث ذلك مع
الإعلاميين المحالين للمحاكم الذين صرح
وزير الإعلام بأنه لابد من الغرامة الموجعة !!!!
8 - احترام حقوق الإنسان
.الهدف الأول من كل سلوك على كافة المستويات وكل الهيئات سيادية أو غير سيادية ،
وتوفير كل ما يحافظ على سلامته البدنية والنفسية والعقلية .
9 – الدين الإسلامي نعمة كبري يفخر بها كل مسلم ، لكن المسئول عن
خدمة الناس ليس مطلوبا منه أن يعطل مصالح العباد لأي سبب . الشعب في حالة لا تحتمل
رفاهية أن يغيب عنه خادم من خدامه الموظفين ساعة..الناس تشرب المجاري ويؤنس ليلها
الظلام ويأكلها الجوع وتلاحقها البطالة والتلوث والأمراض والبلطجة وسوء التعليم
والنقل..انقذوا الناس أولا وثانيا .
10 – أعيدوا السيطرة الكاملة على سيناء خلال شهور أو اذهبوا
يرحمكم الله .
11 – لستم وحدكم في البلاد .. أنتم جزء من التشكيل السياسي
وليس كله ولا نصفه ، ولن يسمح لكم أحد باحتلال جميع غرف القصر . يجب أن تدارشئون
الأمة بالتوافق ومشاركة كل الفرقاء وخاصة أصحاب الخبرة والفكر والعلم والتضحيات .
12 - الدستور لكل الشعب
وليس مؤقتا .. الدستور كتالوج الحكم والإدارة لكل شئون البلاد ،و يتعين صياغته
برؤية نموذجية تعني الجميع في كل زمان ولكل الأطياف والشرائح قدر الإمكان ولا علاقة
له بالأغلبية أو الظروف المعاصرة .
13 – تحريم وتجريم الفتاوى العشوائية المدمرة للنسيج الوطني .
14 – احترام القانون .. لن تنعم أية دولة بالاستقرار وتنفيذ
خطط التنمية بسلاسة إلا إذا حرص كل مسئوليها على تطبيق القانون على الجميع ، وهذا
هو المناخ الصحي الذي تتنفس فيه كل المشروعات ويطل من خلاله المستقبل المشرق.
15 – قبول الاختلاف واحترام الرأي الآخر . لا أحد يملك
الحقيقة المطلقة ( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب)، والهدف هو
إثراء الفكر وتعميق الوعي وتطوير التجارب واختيار الأفضل بصرف النظر عن مصدره .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق