2013/12/11

شباب لا ينتهي.. بقلم: زينب علي البحراني

شباب لا ينتهي

زينب علي البحراني السعودية
 
لكل شيء نناله أو جهد نبذله في هذه الحياة ثمن يحقق التوازن في دورة الأخذ والعطاء. قد لا يأتي الثمن المدفوع لنا فوريًا سريعًا، وقد لا يكون ماديًا، لكنه لا بد وأن يجد طريقه إلينا سواء بعد يوم أو بعد أعوام، وقد لا ندفع نحن ثمن ما نحصل عليه كاملاً دفعة واحدة، بل نضطر لدفعه بالتقسيط البطيء الميسر، يومًا بيوم، وساعة بساعة.

بعض الناس يُبدون – أو يخفون- ضيقا شديدا من مرور الأعوام لأنهم يعتبرونه طريقا للتقدم في السن، فقدانهم العديد من الفرص، وتغير نظرة الناس لهم. لكنهم لو تأملوا الأمر قليلاً بشيء من الحكمة الواقعية؛ لاكتشفوا أن كل عام تأخذه الحياة منا تعطينا بدلا عنه مخزونًا من الخبرات والذكريات التي تقينا آلام الصدمات المستقبلية أمام مواقف مشابهة لها، ومساحات جديدة من الثقة بالنفس والإيمان بقدرات الذات، ومساحات أوسع من المعرفة وحب الاكتشاف، وعدد أكبر من العلاقات الإنسانية التي لا تقدر بثمن إلا ما أخذته منا الحياة، وهذا يعني أننا بينما نتقدم نحو عمر أكبر بأجسادنا وملامح وجوهنا؛ تتقدم أرواحنا نحو شبابها الحقيقي البعيد عن القشور الظاهرية للشكل الخارجي، وهو ما يصفه الأديب الأديب الهولندي أوسكار وايلد بقوله:  "تولد الروح هرمة وتزداد شبابًا مع مرور الأيام؛ هذه كوميديا الحياة.. يولد البدن فتيًا ويهرم مع مرور الأيام؛ هذه تراجيديتها".

شباب الروح يواكب مقدرة دائمة على التجدد في الأفكار، وعدم التخلف عن ركب الحاضر والمستقبل في السلوكيات ما لم تتضارب تضاربًا شديدًا مع الثوابت الدينية والمبادئ الإنسانية، وتلك المقدرة على التجدد المعنوي تعلّم الإنسان الطريقة المثلى للحفاظ نمط حياة صحية لا يفارقها النشاط ولا تطرق الأمراض المزمنة أبوابها، كما تعلمه كيف يحافظ على مظهره الخارجي لائقا أنيقا بشكلٍ يبدي للآخرين عمره الداخلي الشاب حاسمًا تلك السنوات التي قد تبدو آثار ما خلفته من دمار جسدي ومعنوي على وجوه وأجساد أقرانه، وبتثقيفه المستمر لذاته ومتابعته كل مستجدات العصر يسهل اندماجه مع الأشخاص الأصغر سنا دون حواجز أو تعقيدات، بل يطمئنون إليه وتكون له السيادة في مجالسهم لأنه يحقق معادلة لا يمكن إلا الترحيب دائمًا بأصحابها: وهي الجمع بين روح الشباب وحكمة الشيوخ دون تفريط أو إفراط.
--

ليست هناك تعليقات: