محمود درويش .. وغلمانه الحاقدين .. !
ليث فائز الايوبي
ظاهرة قتل الاب كما اوضح اعراضها عالم النفس الشهير فرويد , لم تكن معنية
بزمان او مكان او شريحة معينة دون سواها , فقد عانى تبعاتها كل فطاحل الفكر والادب
, عربيا لم يكن الشعر بمنأى عن هذه الاعراض المازوخية التي طالت المتنبي قبل الف
سنة وارتدت في نحور من اتهموه بالسرقة والمروق وانتحال الحكم والامثال بخمول الذكر
والاهمال , حيث بقي المتنبي شاعرا راسخا رغم انوف من ناصبوه العداء وتواروا هم في
زوايا النسيان , ولم يكن صفوة مبدعينا في العصر الحديث بمنأى عن اسنان اولئك
القتلة من مصاصي الدماء , وهم يتلذذون كما
هو دأبهم دائما بقتل رموزهم والتنكيل بها , حية كانت ام ميتة , بدم بارد واعصاب
هادئة , وكأنهم يرتشفون اقداح الحليب امام شرفة مطلة على بحيرة مليئة بالتماسيح ..
قبل اعوام لا اكثر .. لم
يكن أي شاعر او ناقد عربي سوي , يجرؤ على
النيل او الطعن علنا بشاعرية محمود درويش
, , لا خوفا من هالته الشعرية ومكانته في قلوب محبيه وانما خجلا من موهبته الفذة ,
واعترافا منهم بضحالة حججهم الواهية , مكتفين بالتعتيم عليه نقديا – قدرما
استطاعوا - كما شكى درويش اكثر من مرة في
حواراته الصحفية . معلنا ان الوسط الثقافي العربي وسط يشوبه اللبس والضغائن
والمصالح وعدم الانصاف , تحركه مافيات ضليعة بالسير على الحبال تحترف تزييف
الحقائق وتضليل الرأي العام الثقافي .
وبالرغم من ان مهازل النقد الانكشاري المكشوف وروائحه الكريهة وفضائحه لم
تعد خافية على احد , حيث لم يدع لنا هذا النقد العجيب نكرة الا والحقها بالف لام التعريف
وفق مصالح متبادلة لا يمكن اخفاءها , مستغلا كون هذا الوسط الثقافي مجازا يعيش
حالة انحطاط سلوكي غير مسبوقة , ويدار من قبل مافيات ضليعة بالتضليل ومحاربة
المبدعين الطليعيين والتعتيم عليهم بشتى الطرق والوسائل . معززة بكتائب وميليشيات
نقدية ومنابر اعلامية تكاد تكون حكرا على بركة التماسيح اياها خصوصا عندما تناط تلك البرك الراكدة باشباه
الشعراء , لا تفرق بين الرفيع والوضيع ابداعيا الا لغايات في نفس يعقوب , ما فتأ
اصحابها يمطروننا بوابل من الخواطر المسيلة للدموع حفاظا على مكانتهم ( الشعرية )
المتكلسة , والبحوث النقدية التمجيدية الهزيلة , التي يتطرقون فيها لتجارب ( شعرية
) خاوية من الابداع بدوافع معروفة طبعا , لا تثير الضحك والاستهجان فحسب وانما عدم
الرغبة اصلا في متابعة هذا الخليط الطاغي من الدجل ، امثال
محرر الصفحة الثقافية لصحيفة ( القدس العربي ) اللندنية ومحرر القسم الثقافي لصحيفة الدستور الاردنية وسواهم
من ذوي التجارب الشعرية المحدودة .
فكم من دراسة نقدية هجينة ما ان نضع مقتبساتها الشعرية المنتقاة تحت مجهر
التذوق النقدي حتى نصاب بالاحباط والرغبة الشديدة بالضحك , جراء تلك الجمل الساذجة
والركيكة المنتزعة من بطون الروايات ربما او المنتحلة من حوارات افلام الرسوم
المتحركة .. كما يبدو ذلك جليا لكل متابع حصيف .
اليوم يتداول اكثر من منبر اعلامي عربي في هذا البلد او ذاك , لغايات
معلومة.. ( فضيحة ) تأثر محمود درويش بالتوراة وقطف الثمار المتدلية من غصونها دون
الرجوع الى حراس العتبات المقدسة في (اورشليم) ! , متهمين اياه بانتحال ونشر اسطر
كاملة من ذلك الكتاب المغمور عربيا في شعره , وكأنه ارتكب جنحة السطو على بنوك النبي داوود
وشركاته واساطيله , متجاهلين ان للشاعر المبدع حق تحويل التراب الى معادن نفيسة , دون
الرجوع الى حارس المقبرة ! , والا عد
اليوت سارقا كبيرا في الشعر الانكليزي .
ما هذا الجهل المدقع ..؟
من حق الشاعر الذكي ان يحول الملعقة او الحصاة والممحاة الى مادة شعرية مدهشة , لا ان ينتحل
حوارات الرسوم المتحركة وحوارات الافلام او الروايات المترجمة في شعره , كما هو حاصل
حاليا .. لحيازة رضا وطمأنينة اصحاب المعاطف الثقيلة وصفحاتهم الثقافية المنتفخة
كاكياس الرمل , هذه الصفحات التي يكاد يكون العلف فيها اغلى من الحمير ..!
اما جريرة محمود درويش ان كانت له جريرة اصلا , فلا تكمن الا في ذلك
البئر العميق الذي حاول اخوته , القاءه فيه نكاية بابيهم المحب ليوسف أي نكاية بشعره
الاسطوري ,, هؤلاء الاخوة الاعداء اذا صح التعبير , يحاول بعضهم اليوم شحذ معاولهم
وفؤوسهم استعدادا لقطع كل شجرة ظاهرة تؤدي الى الغابة .
هؤلاء الذين طالما زعموا
ان درويش غيمة هائلة حجبت عنهم الشمس , وانهم يشعرون شأنهم شأن الخيول المسنة
بالبرد , كلما ورد ذكره و بالجفاف الجماهيري
بسبب طغيان اسمه و شهرته , بل ان بعضهم لم
يتورع حتى عن تغيير جنسيته الفلسطينية الى جنسيات دول عربية اخرى مجاورة للخروج من
هذا المأزق التاريخي , لكنهم مع ذلك فشلوا في ترسيخ اقدامهم الشعرية على غرار مواطنهم
السابق محمود درويش حتى بعد وفاته ( ياللسخرية ) , مكتفين بالارتماء في وحل
الاضواء الاعلامية الكاذبة بطرق ملتوية والقبض بيد من حديد على منبر هذه الصفحة
الثقافية او تلك المؤسسة المعنية بالثقافة , ظنا منهم ان الاقمار يمكن اصطيادها
واغواءها بخواطر حزينة عن الليل ..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق