ضمائر ميتة
بقلم: عبد القادر كعبان
خرجت من أجواء مكتبه.. حاولت أن أفلت من
أفكاره الجهنمية.. رئيسي في المؤسسة العمومية.. أحسست بالغليان في داخلي.. تركته
يفكر في استدراجها.. فتاة عاطلة عن العمل تطرق أبواب المؤسسة.. تتشبث بخيط من
الأمل.. جمالها أخاذ.. عيونها زرقاء.. تطير كفراشة في الهواء.. للحظة اهتز ضميري
بعنف.. جاءني الجواب من أعماقي المتألمة..
- رئيسك قد طعن الفتاة بلسانه..
بدأت أشعر أنها لن تنجح من عبور جسر الوظيفة
بسلام.. شعرت ببركان يكاد ينفجر في رأسي.. وقفت خارج دائرة الزمن لدقائق أتفرج على
عالم تملأه ضمائر ميتة..
عاد الصوت من الأعماق مرددا:
- ابدأ بنفسك.. أثبت لغيرك أنك إنسان سوي..
اصفع مبررات الرضوخ لأوامر رخيصة.. أنت حتما المنتصر..
تجاوبت نفسي مع تلك الكلمات الصادقة.. أسرعت
الخطى.. فاجأته في مكتبه.. أخبرته بقرار تقديم استقالتي.. ابتسم بينما يده تمتد
لتمعس عقب السيجارة..
- لقد علمتني تلك الفتاة يقظة الضمير..
رد ببرود مفتعل:
- انني أحس و أنا أستمع الى كلماتك، أن كاهلي
يئن تحت عبء ثقيل.. صراحة.. ملف تلك الفتاة مرفوض نهائيا..
سرت الطمأنينة في أعماقي.. تركت مكتبه بعدما
امتدت يده لإشعال سيجارة أخرى بكل شراهة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق