2013/12/06

عالقون.. قصة بقلم: خيري عبدالعزيز

عالقون
خيري عبدالعزيز
   منكفئا على مكتبه, يكتب بجد في روايته التي لا تريد أن تنتهي.. على غرة أخرجته نقرات مريبة من حالته؛ والتي هي في الظاهر جمود, وفي الباطن ضجيج وحيوات غرائبية.. هي من كانت تنقر لينتبه, وعلى شفتيها انطبعت ابتسامتها الحلوة.. أخذته المفاجأة لوهلة, وما لبث إعجاب شديد أن تملكه؛ فهي تماما كما صورها.. رائعة بكل المقاييس..
   قام يدور حولها عدة دورات.. قالت تسأله:
-       ما خطبك؟!.. ما يحيرك؟!..
     توقف.. أصابه ارتباك, وقد ذكرته بحالته.. أشار إلى كوم الورق..
-       هؤلاء الذين لا يريدون للرواية أن تنتهي!!.. هؤلاء الذين لا يريدون أن يذهبوا ويتركوني لحالي.. وكلما هممت بوضع نهاية اصطنعوا حدثا وانفلتوا من بين أصابعي..
   نفث غيظا مكتوما. عقب:
-        أيتمردون علي؟!.. أنا من أوجدتهم.. ويلهم..
   ابتسمت الغمازتان على خديها. قالت:
-       أخذنا منك عنادك..
-       والحل؟!..
-       أنا رسولهم.. أرسلوني بمطالبهم.. فكما أنت عالق, نحن أيضا عالقون..
-       هات ما لديك أيها الرسول الجميل!!.. كلي أذان صاغية..
   رفعت سبابتها في وجهه, وفي عينيها برقت إشعاعات الصرامة..
-        نهايات سعيدة..
    رنا إلى الفراغ, تمتم ببؤس شديد..
-       وكيف السبيل؟!.. سعادة؟!..  كيف أسطر ما لا أعيشه.. ما لا أملكه.. فاقد الشيء لا يعطيه يا عزيزتي!!..
   هزت رأسها الجميل في عناد..
-       وما ذنبنا؟!!.. أنت كما تقول من أوجدتنا!!.. أنت ربنا.. اقدح قريحتك.. أين خيالك الخصب؟!!.. أين إبداعك الذي تزعم؟!!..
   أمسك برأسه, وبدا وكأنه يعاني وجعا ما.. قالت فيما يبتلعها العدم:
-        نحن وأنت عالقون حتى تقرر.. جميعنا عالق.. عالقون.. عالقون..
 

ليست هناك تعليقات: