2015/02/11

صدور"السفر آخر الليل" عن "الآن ناشرون وموزعون"

صدور"السفر آخر الليل" عن "الآن ناشرون وموزعون"
عمّان-
أصدرت "الآن ناشرون وموزعون"، بالشراكة مع دار أزمنة في عمّان الطبعة الثانية من رواية "السفر آخر الليل" للكاتب يعقوب الخنبشي.
وتستوحي الرواية أحداثها من خلال رصد يوميات "أحمد" فرّاش الوزارة صباحاً، وسائق التاكسي مساء، يسعى الشخصية الرئيسية "أحمد" جاهداً لتحسين ظروف حياته المعيشية من خلال التنقل بين العملين بجهد عالٍ.
تبدأ الرواية بسرد للكابوس الذي طارد البطل وأفزعه، حينما رأى في المنام أطفاله يتحركون دون رؤوس، يسبحون في بركة من الدماء، وهو الكابوس الذي يقدم تمهيداً نفسياً للقارئ حتى يدخل في أجواء الرواية، ويقول الخنبشي حول استثماره لرمز الكابوس: "الحلم صورة رمزية متفردة في ذاتها، متحررة من المنطق واللامعقول، تتوقف عندها ساعة الزمن وتصطدم معها على شكل تنبؤات أحيانا".
ويشير الروائي إلى أن العمل التخيلي يتقاطع عنده مع العمل السردي في مدارات مفتوحة غير مستقرة أحياناً، مما أغنى النص السردي بمواقف فريدة تحمل أبعاداً معاصرة وفي الوقت نفسه تتكئ على عوامل ثقافية راسخة مضفية على العمل السردي حلة جمالية خاصة.
يمهد هذا الحدث لما سيأتي بعده، حيث الحادثة التي تغير مسار حياة "أحمد" عندما تركب معه فتاة اسمها "طاهرة" كي يقلّها حيث تريد، ليجد نفسه منجذباً إليها، رغم أنه متزوج من امرأة تدعى "شريفة"، وأب لثلاثة أطفال، هم: "سالم" و"صفية"، و"خالصة"، ويدفعه انجذابه إليها  لتكرار لقاءاته بها، وبتصاعد الأحداث تتهمه الفتاة بأنه والد الجنين الذي في أحشائها، فينكر هو ذلك، ثم يلجأ إلى الفحوصات المخبرية التي تثبت بدورها أنه عقيم ولا يمكنه الإنجاب، وهنا تنقلب حياته رأساً على عقب.
جاءت معظم حوارات الرواية باللهجة العمانيَّة المحكية، وانطوت على طرافة في الطرح منحت السرد حيوية ومصداقية، ومثال ذلك حوار الشخصية المحورية "أحمد" مع النادل، ومنه: "أخيراً.. وبعد مكابرة؛ قرر الرجوع إلى المطعم الذي تعوَّد عليه، جاءه العامل، حاملاً في يديه قنينة ماء، وكوباً أبيضَ؛ كعادة النُدّل في مثل هذه المطاعم، لم يستطع أن يفرق بين رائحة زيت الطبخ التي تفوح من ملابسه، والروائح الأخرى المنبعثة من المطبخ! صوت المسجل مرتفع، لدرجة يخيل للمرء بأنه داخل أحد المراقص المنتشرة في هذه المدينة! طلَب من المحاسِب أن يخفض صوت الجهاز قليلاً.. ردَّ عليه العامل:
ـ ليش أنت ما في حب أغاني مال هندي؟
ـ لا أنا في معلوم هندي.
ـ حاول تعليم.
ـ زين إن شاء الله بس مو في أكل موجود؟
ـ كلّه موجود: برياني سمك، برياني لحم، دجاج مكبوس، لحم مقلي، دجاج مصاله، لحم ناشف.
ـ جيب برياني سمك وما في نسيان سوب".
ولم يتم اختيار أسماء الشخصيات، على ما يبدو، بشكل عفوي الخاطر، وإنما كان لكل اسم منها دلالته التي تشير إلى دوره في السرد الروائي من جهة، وتعطي انطباعاً مغايراً لما تنطوي عليه حقيقة طباع هذه الشخصيات من جهة أخرى، فالأسماء الواردة في الرواية لا تقدم رؤية واضحة لسمات الشخصية بقدر ما تقدم مفارقة تقوم على مبدأ الغموض، وهذا الاختيار الواعي من الكاتب إنما يدل على الرغبة في توظيف فكرة الرواية التي تتناول قضية شائكة في مجتمع يستوحي أداءه من إرضاءٍ للعادات والتقاليد، لا مما يبطنه إرضاءً لرغباته. فالخيانة في نهاية الأمر فعل يدين فكراً مجتمعياً لا يعنيه إلا الظاهر من الأمر ولا يحكم إلا بما يرى.
يقول الخنبشي: "الكتابة بالنسبة لي هي الرئة الثالثة التي من خلالها أتنفس وأركض بحرية إلى الورق، فأنا اكتب لأنني أعيش ولأنني أعيش فلا مفر لي من الكتابة، أشتهي الكتابة كما اشتهي بقية الأشياء، الكتابة بمعنى آخر هي مدينة فاضلة ذات أبواب ونوافذ بها شخوص تحيا، وتموت، ترقص وتحزن".

مؤكداً أن الكتابة كما يفهمها هي "الخطوة الأولى للملمات القلم"، وقد بدأت معه عندما كان يلملم منذ صغره شظايا حكايات شعبية، ثم يعيد كتابتها، إلى أن "تطورت إلى إرهاصات الكتابة، وولدت لي نصوصا وقصصا قصيرة"، مؤكداً: "في أعماق كل منا شرارة خامدة تستدعي المشاغبة تجاه شيء ما في الحياة، ولا بد لنا من إشعالها في لحظة من اللحظات كلا على طريقته حسبما يرى ويعتقد لنظل في مأمن من السقوط".
ويؤكد الخنبشي أن المبدع العماني بحاجة إلى "التحرر من الرقيب الذاتي أولا، وأن يكتب ما يعتقد وما يؤمن به، وأن يعمل بمقولة أن الآراء المقبولة حاليا كانت أراء شاذة في يوم من الأيام"، مشيراً إلى أن الكاتب لا يستطيع تقريب الهوة بين المجتمع وبينه "بخاصة في مجتمعنا العربي الذي تحكمه عوامل معينه بعينها".

 وتشي متوالية الأحداث في الرواية التي تنطوي على الكثير من التشويق الفكري، بقدرات كامنة لدى الخنبشي. وهو عماني صدر له مجموعة قصصية بعنوان "لذة ميتة"، وهو عضو الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، والمدير المالي والإداري في النادي الثقافي، شارك في العديد من الأسابيع الثقافية العمانية المختلفة في كل من فرنسا وإسبانيا والقاهرة وتونس والأردن.

ليست هناك تعليقات: