حسام الدين يحيى
يتصبب العرق على جبينها ، ينساب رويدا
رويدا حتى يختلط المالح بتشققات شفتيها ،
تلهث مسرعة بينما تجرجر ابنتها من ورائها .
-
هيا يا مريم اسرعى قليلا لم يتبقى لنا سوى القليل
تتعثر تارة فى فستانها المكسوا
بالأزهار الملونة وتارة اخرى تطلق العنان لزفرات تنهداتها الناشجة فيخرج منها
عفويا شهقات متفرقة تتبعثر بالدموع على ارضية ذلك الزقاق الضيق الذى لم ترى له
نهاية بعد ، بصوت مبحوح اطلقت
-
اماه لقد تعبت ، يكاد قلبى ان يتوقف
تتوقف مشفقة عليها ، تميل وتنحنى لها
حتى تخبئها فى صدرها رافعة اياها
-
لقد اقتربنا يا مريم لا تيأسى يا صغيرتى ابدا
تنظر الى نهاية الزقاق التى لا يجىء ،
ثم تبداء الركض من جديد ، لم تكن هكذا من قبل ، ولكن ما تريده منذ زمن قد كان ، لن
تسلم امرها وامر ابنتها الى شخص غادر لا يؤتمن ثانية ، ستجعل مستقبلها افضل منها هى
، حتى وان دفعت حياتها ثمن لذلك .
ترتعش اقدامها حتى تكاد ان تسقط
انهيارا على الأرض ، تتعثر مرة بعد مرة حتى قررت التنحى جانبا ، تستند على حائط
اطلال منزل قديم ، وتعدل من حملها ، تلتقط انفاسها لاهثة ، غصة بأيدى قوية تعتصر عنقها ، ترفع رأسها حتى يلوح
لها المبتغى ، تقترب من خط النهاية اخيرا ، فيلوح
لها على مرمى بصرها فوهة غليظة لمدفع دبابة حربية موجهة اليها ، بينما
ينتشر حولها جنودا مدججين بأسلحة عديدة .
تستشعر مريم ما يحدث حينما تلامس
قدميها ارض رطبة ، تخبئها امها باليسرى ،
بينما ترتفع اليمنى مشكلة بأصابعها علامة النصر هاتفة بصوت انتشر بصدا عال
-
عاشت سوريا حرة
-
اماه المنزل ، هيا يا اماه فلتسرعى
بصوت مختنق مبحوح ، اطلقت هتافها ساحبة
امها من يدها ، مسرعات تجاه الأطلال تلاحقهم فوهة الغدر الغاشمة ،فيفرد الموت جناحية
من فوقهم ، حتى تختلط الحجارة بالدماء .
-تتساقط قطرات المياة من السماء على أنقاض
منزل قديم تساوى بأرضية زقاق ضيق-.
تنتشر فى الصباح على صفحات الفيس بوك
صورة لجسد مسجى على ارض لسيدة تحتضن طفلتها يردمهما حطام منزل قديم ، كتب تعليق على
جدار لم يتحطم بأكملة ( عاشت سوريا حرة ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق