بقلم: محم الكامل بن زيد
بسكرة.الجزائر
زاغ بصرُه وانسابَ سريعا نحو ظلام هلامي ..تملّك الارتعاش القاسي جسده الواهن - في أدغال الزمن المر- حال تسلمه صورة له من يد المصور .. أماء له بما يشبه اليمين القاطع أنه هو .. ثم قال وهو يفرج عن ابتسامة بلهاء .. (أحلف برب الكعبة .. أنك أنت) ... تأمل الصورة مليا...دقق فيها مقلبا إياها مرات ومرات ..و زم شفتيه استغرابا ..أعاد السؤال بمرارة قاتلة ونفس مكبوتة إلى أقصى الحدود .. (هل هذا أنا فعلا ؟)...لم تكن هذه حاله منذ هنيهات ..فقد كانت نوادره تحدث في قاعة الانتظار جلبة صاخبة من الضحك والهرج ..الجميع أجمع على خفة دمه ..والجميع وافق على ما قام به أحدهم حين تحمس وألح عليه أن يفيض أكثـر فأكثــر ( مضى زمن طويل لم نضحــــــك هكذا..يا رجل ).... حتى المصور لم يقو على إخفاء رغبته في الاستماع إليه دون أن ينس الإشارة برأسه مرة أخرى إلى الصــــــــــــــورة..(أكيد أنت ..هو ) ..امتعض منهم بشدة وأسكنها فؤاده المجروح ثم تقدم نحو المرآة يسبقه بصيص أمل يشتاق إلى حكاية جميلة من الزمن المر .. ( غير معقول ..هذا أنا ..أين هو ؟؟..أيها الناس ماذا يحدث ؟ ) ..بركان مهول ينفجر فجأة.. نظراته المشحونة بألم البؤس تتوزع بسرعة فائقة بين الصورة والمرآة .. يرفض رفضا قاطعا فكرة العودة إلى البيت ثم يتقدم بانفعال شديد نحو المصور ليجبره على الولوج معه إلى الغرفة السوداء ..مذكرا إياه بأن يحرص على إتقان عمله هذه المرة .. ( أريده ..أنا !..أنا فحسب ) ..فيما كانت جلبة أخرى من القهقهات تنتشر في أرجاء قاعة الانتظار ..وكلمة صامتة تحاول عبور الشارع .. (رجل طيب)
مكة المكرمةيوم الجمعة 29 أفريل 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق