2016/05/10

سبيل ، وسلسبيل.. قصة بقلم: غادة هيكل



سبيل ، وسلسبيل
بقلم: غادة هيكل
مياة الزير باردة  برغم حر الصيف الشديد ، وهى تقبع تحت عشة سقفها من الجريد الناشف الذى تدلى خوصه حتى وقع أرضا ، السيدة التى وهبته للطريق عقيم  ، وضعته كى يشرب منه الشارد والوارد وعلى حمالته التى بنيت من الطوب ودهنت ببعض الطين حتى يبس ، لونتها ببعض الجير الأبيض وجعلت أحد المارة يكتب عليها ، ندعوكم لقراءة الفاتحة لصاحبة هذا السبيل ، بنية الحمل والولادة ، مر عليه صبى صغير متشرد ، وعندما قرأها وقف امامها طويلا وقال: لو تركت عنوانها لذهبت إليها وقلت لها أن الولد الذى أرسله لك الرب دون عناء الحمل والولادة ، ثم انصرف يطرق الأبواب يطلب صدقة تشبع جوعه ، ثم مر رجل على السبيل ، وعندما اغترف منه شربة ماء وشعر بالإرتواء ، جلس بجوار الزير يطلب من رطوبة جسمه بعض الهواء البارد  ، وعندما قرا المكتوب ، انتشى و شرد لحظات يفكر  ثم همس لنفسه لو كان زوجها فحلا لروى أرضها بالأطفال ، آه لو أعرف عنوانها فأذهب لها كى أروي أرضها بما تريد ، واخذته سنة من نوم وغاب فى انتشائه حتى ابتلت ثيابه بماء الزير الذى يتساقط من الشاربين ، وعندما استيقظ كان ماؤه قد اختلط بماء الزير والوحل على ألارض فنبتت حشيشة خضراء بجوار الزير ، نظر إليها ومضى وعلى وجهه ابتسامة رضا .
 ثم مرت امرأة تحمل طفلا وتجّر اثنين ، تنهر الكبير ليتقدم ، وتمسك بيدالصغير حتى لا يتأخر    ، ، عندما رأت الزير وكأن النجاة قد اتتها فكم بكى الصغار فى هذا الحر رغبة فى شربة ماء والطريق طويل من البيت وحتى بيت أهلها الذى تقصده غاضبة من زوجها ، جلست المرأة تحت العشه ، وأمسكت بالماء تسقى أولادها وتروى عطشها وتمسح بقايا الدمع على وجهها ، انتعشت لبرودة الماء وصمت الأطفال ، ونسمة الهواء التى لفحت وجهها ، تذكرت أيامها ألاولى فى بيت زوجها والسعادة التى كانت تملؤها والجسد الممشوق الذى تتخايل به ، ويترك زوجها يلهث وراءها ، ثم نظرت إلى أطفالها ، الذين كبلوها بقيودهم وطلباتهم وجعلوا من ايامها جحيما مع زوجها فلا هى تستطيع ارضاءه ولا هو يتحمل ما ألت إليه ، ثم لمحت ما دوّن على حاملة الزير  وخطر لها أن لو كان هناك عنوان لذهبت إلى تلك المرأة ووهبت لها أحد أطفالها وتركته عندها هبة من الله لها دون عناء ،  لعلها ترضى ، ولعل زوجها يرضى ، وتعود لها السعادة التى فقدتها ، وبعد أن ارتاحت وشعرت بقوتها تعود لها ، وابتسامة أطفالها تجعل منهم أقمارا يشع ضوؤها بالنهار ، ضمتهم لحضنها وشعرت بحركة غريبة فى بطنها تنقبض وتنبسط فرحة بتلك الضمة وكانهم مازالو فى الرحم ، ثم خطر لها سؤال توجهت به إلى السماء ، لماذا جعلتنى أرنبة ألد كلما ضاجعنى زوجى ، وحرمتها هى ، ثم انتبهت إلى ضحكات أطفالها  ، وعرفت لماذا سميت سلسبيل .

ليست هناك تعليقات: