2013/08/28

حورية من الجنة .. بقلم: هشام جلال أبوسعدة



حورية من الجنة

هشام جلال أبوسعدة
خلف شلالات منابع نهر النيل الأبيض الهادرة، جلس آمان، ملابسه مبتلة، هادئًا كعادته، تتمدد أمامه مونا على الساحل فاردة جسمها، تبدو أنها في حالة صدمة جراء حادثة وقوع الطائرة، تتمالك نفسها، تُحدثه ناظرة إلى البعيد:
-           نبهتكم كثيرًا، قلت دائمًا (زيرو ناين) عميلة مزدوجة، هي من أبلغت عن أمكنة وجود الطائرات وعن مقصّدْنا، كُل ماحدث لنا بسببها.
-          مستحيل!! .. نادين صديقة فارس!! .. بينهما علاقة صداقة!
مُندفعًا آمان بحسن ظنه الدائم في الآخرين ناظرًا لها في حياء، يخشى النظر في عينيها، ثم مًشيحًا بنظره بعيدًا:
-          كان بينهم حب، ارتباط عاطفي، كانا سيتزوجان قريبًا.
تنظر إليه مونا بمحبة؛ تبدو كأم ترى ابنها ليس لديه خبرة بالنساء:
-          مش هتتغير يا آمان، حسن النية دائمًا، محب، عطوف، البنت خاينة، نادين ليس اسمها، اسمها الحقيقي آتيلا، إبنة الأخت لرجل الأعمال متشولح، تُكمل مُنفعلة: أنا عارفة، أبلغت المنظمة بشكوكي، الخائنة مراقبة منذ فترة، تصرفت أسرع منا كعادتهم، كعادتنا نأتي متأخرين، ما نفعله ردود أفعال.
يتلفت حوله، المشهد لمكان يبدو كَأنِّه الجنه، رزازُ ماءٍ يتطاير من شلالاتِ مياهٍ مُتدفقة من المنابع، تلف الخضرة المكان، مساحاتٌ من أراضٍ منبسطة بكثافةٍ نباتية غيرّ مسبوقة: مزروعاتٌ رأسية مرتفعة ومتوسطة الارتفاع وأفقية منبسطة. تنطلق في المراعي والسهول الخضراء قوافلُ ماشيةٍ أليفة ترعى وطيورُ سماءٍ تُغني. يلف حول نفسه، يفرد زراعيه الاثنتين يكاد المنظر يخلب لبه، رومانسي يأمل في يومٍ أن يحب وأن تحبه امرأةً لحَتَّى الذوبان. ينظر لمونا جالسة على الأرض مُمسكة شعرها الناعم المنسدل الطويل المُبتّل تجدله في خصلاتٍ لتجففه، تتساقط منه المياه، حورية من الجنة، كأنها من الحور العين، أرض المنابع كأنَّها الجنة، سبحان الله. مَشدوهًا مَبهوتًا، ملكت غرائزه، ملابسها المتبقية مُبتلة، مُنحصرة قليلًا عن ساقيها وكتفيها، لتتبين شديدة الفتنة، اتجه ناحيتها، جلس أمامها، لما رأته أتٍ ابتسمت، نزل هو على ركبتيه أمامها، همت هي على ركبتيها، اقتربَ هو منها، ينظر في عينيها تنظر في عينيه، لم يخطر يومًا على بالها ما حصل في هذا اليوم. أطال النظر إليها، ابتسمت، تعتبره مثل ابنها، إنما هو فكان له رأيًا آخر، مُحيطها بكلتا يديه، لم تتحرك، احتواها، التهم فمها، ليغيب معها في قبلةٍ حارة. لم يفيقا. فاقا على أصوات ضحك بعض أطفال القرية القريبة من المنابع، لتنتبه له وجلة:
-          يا مجنون؟ .. إيه اللي أنتَ عملته ده؟
ضحكاتُ أطفال متواصلة، مُصفقين، تبدو المراعي تلف بما فيها من خضرة وكائنات حية وبشر حولهم، يتمنى أن تدومَ تلك  اللحظة، لم يشعر في حياته أنه أسعد مما هو فيه، بالفعل  حبيبته، تكبره سنًا إنما هو يعشقها، عرفته معنى أن تذوب بين يديه إمرأة، ذابت من قُبلة، لأنه هو يحبها.. فهل هي تحبه؟ .. يتمنى.

ليست هناك تعليقات: