2013/08/31

جوائز الدولة بين فساد الوزارة وفساد المثقفين.. بقلم: أحمد قرني



جوائز الدولة
بين فساد الوزارة وفساد المثقفين
أحمد قرني*
يبدو أن فساد جوائز الدولة فى مصر ليس مرتبطا قط بعهد من العهود أو فترة من الزمن سواء عهد فاروق حسنى أو ما تلاه من وزراء ساروا على خطاه, سواء كان قبل الثورة أو بعدها ,الأمر لم يختلف أبدا تلك الجوائز التى تمنح دائما لعواجيز الفرح وقدامى الكتاب لأسماء أكل الدهر وشرب على إبداعها ماتت اكلينيكيا وماتوا ابداعيا منذ سنوات لكن حب البقاء وتلك الشيخوخة التى تستحوز على وزارة الثقافة والمواقع المؤثرة فيها .تجد أسماء بعينها تتصدر المشهد المؤسف ..تحارب أى جديد أو تجديد انظر إلى الأسماء التى تستحوز على مقاعد لجان المجلس الأعلى للثقافة هى أسماء تجاوزها الزمن فى مصر الفساد يطال النفوس ذاتها, لن تنجح ثورة مهما كانت قدرتها فى استئصال ذلك الفساد إلا أن يقضي الله أمرا كان مفعولا حتى الجوائز الخاصة مثلا جائزة ساويرس استحوزوا عليها إلى حد كبير فلا يحصل عليها إلا من كان تابعا أو مسنودا أو صحفيا يمتلك عمودا فى جريدة يتم استرضائه أو خوفا من بطشه ولولا الجوائز العربية النظيفة التى تمنح للكتابة الهامة والمبدعة المصرية ولا تمنح لشخص الأديب تمنح دون وساطات ولا محسوبيات لكان مثلي الآن ـ معى آخرون كثرـ قد كف عن الكتابة وجلس في صومعته بعيدا ...والعجيب أن من سيقرأ هذا من هؤلاء سيعلن تماما أنه معك ! وأن الفساد فعلا يستشري فى الحركة الثقافية المصرية سواء على صعيد الجوائز الأدبية أو صعيد النشر بمؤسسات الدولة! ولن يختلف معك! وهنا تبدو حالة من "الشيزوفرنية" العجيبة فهويمارس الفساد وينكره فى ذات الوقت ..هؤلاء عواجيز الكتابة الذين غادرهم الإبداع منذ سنوات وباتت حياتهم متوقفة على الذكريات  ونفوذهم محصور فى الإفساد و إعطاء من لا يستحق جائزة هنا أو هناك لإنتاج أدب ضعيف مراهق لنفر لا يملكون من الإبداع وكلفة الكتابة ومهارتها سوى القليل القليل ولكى يكفر الكاتب الحقيقي بواقعه ويترك الساحة بعيدا وكم ترك الساحة من كتاب وأدباء حقيقيين هربا ..أعرفهم والله وبعضهم مات كمدا وسخطا على الواقع المؤلم للثقافة في مصر, المدهش أن المثقفين هم من صنعوه بأيديهم ورضوا به ...صدقونى إن فساد المثقفين طغى على فساد الدولة ..وصار هم هؤلاء هو إفساد الواقع الأدبي المصري وحدث ولا حرج عن حكايات الفساد التى لا تمل من سماعها عن واقعنا الأدبي المخيف فمثلا يحدثك أحدهم عن ذلك الناقد العجوز المراهق الذى منح كاتبة مراهقة جائزة كبيرة خاصة ؟!! وآخر يعلن أنه مستعد لمنحك جائزة (؟؟) فقط سيطلب منك نصف قيمتها المالية وآخر سينشر لك كتابا فقط نظير تنازلك عن قيمة مقابل النشر بتلك المؤسسة  وآخر منح صحفيا جائزة كبيرة ارضاء لقلمه وليضمن ولائه فى وقت الشدة ..هؤلاء متى يختفون عن المشهد ..هم لا يريدون أن يتخلوا عن الصدارة والمشهد العفن الذى صنعوه بل يصرون كل يوم على التشبث والبقاء ليمعنوا فى قتلنا وإزاحتنا . لا يريدون أن يغادروا واقعنا إلا وقد أجهزوا على كل شئ ,إنهم حتى لا يتركون الفتات ولا تتعفف نفوسهم عن ترك بقايا الطعام لجيل يصارع البقاء يكتب وقلمه يتوجع وحلمه يتساقط نحن جيل يئن سخطا يرتاب في جيل الأساتذة الذي تخلى عن دوره كمعلم وملهم لجيل يأتى من بعده وقعد يتشبث بأهداب كرسي زائف أو رئاسة تحرير مجلة لا يقرأها سواه أو يقتنص مقعدا للسفر إلى دولة خليجية لحضور مؤتمر من أجل حفنة من دولارات لا يحتاجها.كنا نسمع عن جيل سبق كان يقدم جيلا صاعدا ويفتح له الأبواب سعيدا بدور المعلم, جيل مثل يحي حقي ومحفوظ وطه حسين والعقاد والحكيم ونحن منينا بجيل يتصابى على كبر ويتهافت على جيفة نتنه ولا يترفع ولا يترك ولو خرم إبرة لجيل يريد أن يتنفس يصارع البقاء ويصارع فى الآن نفسه جيل عواجيز الإبداع الذين لا يبرحون مكانهم منذ سنوات ولم يكتب أحدهم حرفا منذ سنوات وسنوات, والأعجب أنهم يريدون الآن أن يصنعوا لنا مستقبلنا أى مستقبل سيصنعون ؟!! وهم أفسدوا الحاضر وشوهوا الماضى بأنانيتهم ورغبتهم الملحة فى البقاء عبر كل العصور كائنات لا تفنى ولا تموت أفسدت الواقع وتريد أن تشوه المستقبل.

  *روائي مصري

ليست هناك تعليقات: