محمد جابر
إن الحقائق ذاتها ليست هي شاغلنا وما
يشغلنا حقا هو الدلالة , يقول شتراوس ( إنني من ثم لا أتوخى إظهار الكيفية التي
يفكر بها البشر في الأساطير بقدر ما أتوخى الكيفية التي تفكر بها الأساطير في
البشر دون وعي منهم)
تتقدم هذه الرواية للروائي العراقي حسين رحيم
والصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب على كثير غيرها ... سردا واسعا لهذه
الكيفية عبر مشهدية استقرائية تحدد الاختلافات الوظيفية داخل هذا المجتمع ربما لتعد
الدلالة المطاردة داخل المتن هي عينها دلالة طاردة لمعنى ذي بعد واحد . كمال
أسطورة من أساطير الشعوب التي يتحقق معناها شعائريا أكثر من تحققه فعليا وهذا ما
تمارسه علينا هذه الرواية بما تحققه شعريا لغة الفعل تبدأ الرواية باستهلال يلي
العنوان " احذر يا بني فالقران العاشر آت لا محالة وانفر بنفسك قبل نقر
الناقر " من قصيدة منسوبة لابن سينا عن "طبقات الملوك " إن هذا
الاستهلاك ذا المرجعية الماضوية المستندة
على علم الأفلاك والنجوم عند العرب قديما والذي كان يعتمد على قرانات
الكواكب في تحديد أزمان الخير والجفاف والكوارث. والتي أخطرها " القران
العاشر" الذي ينبئ بكارثة تحل بالأرض . سيشهد ذلك متفتحا داخل متن الرواية
وبين طيات صخوره المعلقة عليه مرة ومرة في إهماله كليا
"البيت
"ص2
إن اعتلاء البيت لهذه الصفحة في مستهل
الرواية يعد (فاهمتنا ) بشئ تسكنه ويشكل داخلا لما فيه من حاجز عن الخارج .هذه هي
لعبة الرواية حيث ستمتد هذه التداخلية بين التخيل والتمثيل ، بين السؤال والمثال ،
لا تعرف بيتها كما تعرف البيت .الذي سيأخذنا من بيتنا الملجأ إلى ملجأ داخل البيت
، ستبقى ربما فيه أو خارجه ذلك ما تحدده
الأقواس عادة ، وان كانت تخيلاتنا ومخاوفنا بلا أقواس داخل البيت وخارجه معا ..
وعبارة
مقطوعة ومترابطة هذا ما تبديه الرواية .. لتبدأ الرؤيا متى بدأ ذلك .. لا احد يعلم
.. تجمعت أشلائي صخرة .. صخرة إن هذا التقطيع والتقطير بشكل صخرة هو النبوءة
الاولى... نعم إن شفرة الكتابة مستغلقة
كهذه الصخرة التي تشكلت منذ قليل دون كيفية مبررة شأنها شأن لغة الأساطير التي ليس
لها حتى الآن متكلمون سوى هسيس لغة الإنتاج نظام وأضواء زعما تقربه إلى محاولة
المطابقة بين المنهج والموضوع ، وذلك من إنتاج عقولنا ومن خصوصياتها ، لكي تعود
إلى رشدها بعد هذه السياحة الأسطورية
صخرة ، صخرة " تستكين فوق بعضها
البعض بألفة والتحام (...) لتنمو جدراني كفروع شجرة متوحشة "
"في
النهاية أعلن عن وجودي "
إن هذه الأحكام هي الدليل الوحيد الذي
نملكه حول طبيعة الأعراف غير الطبيعية المشتغلة داخل المتن بشعرية لإنتاج المعنى
أو حتى للإعلان عن وجوده كسطوع في النهاية ، إذ أن التعارض بين الصخرة والانا يمثل
فاعلا منطقيا مشفرا وتنطوي عليه هذه السيرة من البداية إلى النهاية ، ليغدو ممكنا
أن تضاعف القراءة والكتابة معا لسيرورة هذه السيرة حتى نهاية الرواية مرورا باليوم
الموعود الذي دخل فيه (حاطوم) الغرفة .. وادخل التعويذة في الجدار المواجه لضوء
القمر .. إلى أن (توحد حاطوم ) الذي لا يتوحد مع صورته في بقايا الأشياء والأشخاص
والفرسان والذاكرة التي لا تتذكر كلما عاد من رحلته الأولى مربوطا بسلاسل العادية والاستمرارية
واللاإرادية إلى وظيفة وامرأة
*
( حاطوم .. أول مرة)
- هل رأيته .. ؟؟
"أصبح
علي لزاما أن أؤمن و إلا سأفقد عقلي "
*
"حاطوم مرة أخرى "
"لا
ادري كيف فتحت عيني وكيف استيقظت "
لا
يمكن لنا الاستيقاظ داخل تشكلات الرؤى وتناسخها حتى لو كانت عيوننا مفتوحة لمشاهد
من (حديث العرافة) الذي (قد أوضح كل شئ) "صمت"
- ابني
- نعم الذي جاء إلى الدنيا يوم مماتك .. وان
لم تصدق سأريك قبرك " تصبب العرق غزيرا من جبهتي" ، وانا في طريقي الى
المقبرة مع العرافة .. فكرت في تلك الرحلة .. هل خدعت ؟؟
*
" الاخ"
*
" فاجأتني زوجتي "
-
عندنا ضيف
-
من .. ؟؟
-
لاادري .. يقول انه اخاك الكبير .. حاصر معدتي مغص كبير"
*
( الاخ .. مرة اخرى )
"
كل يوم اجلس في المقهى ويجلس قبالتي احدهم ، لايهم من ، المهم ان يعرف كيف يصغي
"
*
"الزوجة"
*
" الثلاثة "
"
من رحم الغضب خرجنا .. من قلب الشتاء نبتنا "
لا
يمكن لنا ان نقرر أي الشخصيات الثلاثة يتعين ان نولها اهتمامنا لنقوم بوضع
الشخصيات الاخرى في علاقة معها . كما هو متعين في قراءة الروايات بحث عن شخصية
رئيسية لتقوم بوضع الشخصيات الاخرى في علاقة معها كما يتجادل جوناثان كلر "
البنيوية الشعرية ص274 " لغياب الدليل على صحة كلام الراوي وتجسيداته وغياباته وتناسخاته دائما " حاطوم .. ايضا
" " البيت .. مرة اخرى"
ان
هذا التكرار هو تذكر لتقسيم الرواية او المحكي لعودات وفراغات ماضية ومستقبلية
" انها رواية كارثية خرافية يجب قراءتها مرارا الى اخر مقطع ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق