2015/10/23

إِسْــــــرائِيلُ ... نَبتٌ عَـــــــــدِيـــــم الفَائِــدَة بقلم: د.محمد مبارك البندارى



إِسْــــــرائِيلُ ... نَبتٌ عَـــــــــدِيـــــم الفَائِــدَة  
بقلم: د.محمد مبارك البندارى


إسرائيلُ هو يعقوب - عليه السلام - وهى كلمة عبرانية تعنى " عبدالله أو صفوة الله " ، وللأسف الشديد اتّخذت الصّهيونية العالميّة من اسم نبى الله يعقوب دلالة على هذا الكيان الصهيونى الغاصب ،  الذى غرسه الغرب في المنطقة ؛ بيد أنَّه نباتٌ عديم الفَائدة ، يغزُو حقُول الشَّرق الأوسط نظرًا لغيابِ الفلَّاحِين .
ويبقَى سؤال يتكرَّر دائمًا ويلحّ في تكراره المسؤُوم : من أين أتَى هذا النَّبت عديم الفائدة في بيئةٍ
لا تُلائمه ؟
الفيروس  والبكتريا ؟ كلّ هذا هراء !
لكن هذه النبتة عديمة الفائدة توطَّنت وذهبتْ إلى أكثر من ذلك فقد تمكّنت في بيئتنا بقوّة غَيرها ، ... غيرها اللدّون يؤمنون عكس ما يؤمن به هذا النبات عديم الفائدة ، فيقولون في المسيح – وحاشاه – مسيح كذّاب ودجّال .
كان هذا النبات عديم الفائدة  لا قوّة له حتى تعلّق بأقدام غيره ، وغدا هذا الغير اليوم يلحس أقدام إسرائيل ، وأصبحتْ الفئة القليلة تتحكّم في مصير العالم ، يرفعون دُولًا ويضعونهَا كما يشاءون .
وأما عن أسباب ظهور هذا النبات عديم الفائدة ونموّه  فى قلب وطننا العربى بالذّات ، فلم يكن بمحضِ الصّدفة ، وإنَّمَا هو نتيجة تراكمات عديدة ، فوجود إسرائيل في المنطقةِ ليس مجرّد صدفة ، إنّه  مثل وجود الأعشابِ البريّة في المزرعةِ المهملةِ عمل غير طبيعى يحدثُ في العالمِ بصُورةٍ تلقائيّةٍ ، ومزرعةُ الفكر المهملة في الشَّرق الأوسَط لا بدّ أنْ تغزوهَا الطَّحالب والصُّهيونيّة .
ولم يكن وعد " بلفور"  ليعى أخطار زرع هذا الكيان في المنطقة على مصالحه المستقبليّة ، بل نظر فقط إلى مصالحه السّياسية على مدى القريب ، والخلاص من " الجيتو اليهودى " في أوربا لتصبح خالية من هذا السرطان الذى يهدّد مجتمعاتها ،  ولكن سرعان ما تناوبتْ الدّول على تغذيَة هذا النبات عَديم الفائدة ، فزرعتهُ إنجلترا ، ومن أوائل من اعترف به الاتّحاد السوفيتى ، وأهدته فرنسا مفاعل ديمونة ، وناصرته وتناصره أمريكا ، منذ أن فتحنا أعيننا يوم 16 مايو 1984م على صوت بغيض يعلن قيام أول دولة " أوربية  " في أراضينا منذ عصر صلاح الدين .
بيد أنَّ مفكرى وساسة العالم الغربىّ لا يعرفون مطامع صهيون جيّدًا ، فهى لا تتوقف عند العالم الإسلامىّ وحده ، بل تتطلّع إلى أوربا ، وأمريكا ، وهو شئ أصبح لا يحتاج إلى دليل حتّى أقلام الكتّاب والمفكّرين الأوربيين والأمريكيين الأحرار تتحدّث عن ذلك ليل نهار .
وذلك لأنّهم أعدّوا العدّة ، وأخذوا في أسبابها منذ أنْ أصبحَ من عملائهم المستهلكين أمثال : ترومان ، وتشرشل ، وأيزنهاور ، وأديناور !

بل أكثر من ذلك كتّاب اليهود أنفسهم يبشّرون بذلك ، وأن يعُود عرش سليمان وداود ، ويؤلّفون الكتب والرّوايات ، ويقعّدون قواعد الفلسفات ، الشَّاذة والمنكرة ، ويعرضُون ذلك في وسائلِ الإعلامِ التى يُسيطرون عليها من مسرح وسينما ... إلخ ، وبالطَّبع أكثر أبطالها وبطولاتها منهم .
بل إنّ الأزمة الاقتصادية التى عصفت بالعالم 2011م ، ومفاتيح البنوك بأيديهم ، حقّا إنهم ( قَوَارِين ) هذا العصر المادىّ الذَّميم .
وإسرائيل ذلك النبت عديم الفائدة يسعى قادتها إلى تدميرِ بقائها بإعلانهم الحرب دائمًا، ومحاولاتهم للتمدّد عبر أراض جديدة يحتلّونها ، لأنّ القانون العظيم الذى لا يمكن تغيير مجراه ، يجعل الأهداف النهائيّة لأىّ عنصر شرّير أنْ يدمّر نفسه في نهاية المطاف ، فالسّرطان يدمّر الجسد لكى يدمّر نفسه ، والنّار تأكلُ الخشب لكى تتحوّل إلى رماد ، والمبادئ الرّديئة تأكلُ الإنسان لكى تموت  بالجوع على أشلاءِ جثَّته .
فمشكلة الصّهيونى في منطقتنا بل في العالم أنّه لا يريد الأرض ، بل يريد شخصية الأرض أى شكلها العربى والسياسى على وجه التّحديد ، يريد شكلًا يقول له على الدَّوام : أنت صهيونى إذن أنت أحقّ بقيادة العالم والسيطرة عليه وسلب أرضه وقتله كلما طالب بحقّه ، لا لشئ سوى لأنك تختلف عن جميعِ النَّاس ، فأنتَ مُختار ومفضَّل على جميعِ البشرِ ، هنا يُصبح الصُّهيونىّ مشكلة تهدّد العالم بأسْرِه ، وليستْ المنطقة فقط – كما توهّم الغرب عند زَرْعِهَا – لأنّه يحتاجُ إلى دولةٍ لا حدودَ لها  بدل قطعة أرضٍ تكفيه ، وحينئذٍ يضطر إلى الصّدام مع العَالم ، ويكون لزامًا على العَالم الصِّدام معه .
إنّها مهزلةُ الصّراع في منطقتِنا بين فلسفةِ الصّهيونية البلهاء التى تَتبنَّى مناهج غير إنسَانيّة ، وبين مواطن المَنطقة العربيّة صَاحب الأرض والتّاريخ الذى لم تُتح له قطّ فرصة الدّفاع عن إنسانيّته .

فالأزمةُ الحقيقيّة بيننا وإسرائيل الصّهيونية العنصُريّة  أزمة فِكر وعَقيدة ؛ لأنّها لا تَملك ما تفاوض عليه ، وتطمع في اغتصاب المزيد من الأرضِ ، وليست على استعدادٍ لردّ الحقّ إلى أهله ، وللأسفِ الشديد تُحاولُ إقناع العالم أنَّ الخلافَ معها خلاف على الحدود بين الأراضى ، وليس خلافًا على الحدود بين النّاس ، وبَنَت إسرائيل ما يسمى بالجدار العازل ، والنتيجة أنّ العالم يحثّنا على تسويّة خلاف الحدود مع إسرائيل ، وكأنّ فلسطين أصبحت دولة مستقلة عاصمتها القدس الشّريف والخلاف على الحدُود ، يريد العالم منّا أن نَرسم خطًّا فاصِلًا على الخريطةِ ، وينسى العالم أنَّ إسرائيل تُريد حدودًا بين الإنسانِ  الصّهيونىّ وغيره ، فالجميع عَبيد في مَملكتِه التى لا حدُود لها.
 وهذه الفلسفةُ العقيمةُ ، ومهما كانتْ تمثّل من أيدلوجيا دينيّة ، ومهمَا حاولتْ أن تفرض هويّتها على فلسطين ، فإنّها فلسفة فَقيرةٌ ومَريضَةٌ ، وتَحمل موتهَا في صَمِيمهَا،  ذلك أنَّ الحربَ المُشتعلة في القدسِ ليسَ من أجلِ أرضِ فلسطين ، ولكنّها حربٌ من أجلِ شخصيَّة الشّعب الذى كان يَحرثُ تلك الأرض  .
إنّ مصرَ تدافعُ عن أرض فلسطين التى اغتصبها نظام نازى ، وعندما عرضت الأرض مقابل السلام ، أى الاعتراف بوجود هذه الدّولة مقابل السّلام ، كانت تريد عودة السلام للمنطقة ، وكبت جماح الشّخصية الصّهيونيّة ، فمصر تريد العدالة ، وتُحاول عبر الدبلوماسيّة أن تستعيد أرضنا المحتلة عبر كسب الرّأى العام العالمىّ لكى تسود العدالة على أرض فلسطين المغتصبة  . 

ليست هناك تعليقات: