بقلم: أحمد حلمي
أعرف ﺃﻧﻚ ﻗﺮﺃﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ , ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﺟﺪﺍ , ﻣﺎﺭﻛﻴﺰ ﻭﺩﻳﺴﺘﻮﻓﻴﺴﻜﻲ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺗﺸﻴﻜﻮﻑ ﻭﻣﺎﻛﺴﻴﻢ ﺟﻮﺭﻛﻲ ,ﻣﺮﺭﺕ ﺑﺴﺎﺭﺍﻣﺎﺟﻮ ﻭﺇﻳﺰﺍﺑﻴﻞ ﺍﻟﻠﻨﺪﻱ ﻭﻣﻴﻼﻥ ﻛﻮﻧﺪﻳﺮﺍ , ﻗﺮﺃﺕ ﻛﻞ ﻣﺎﺧﻂ ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮﻅ ﻭﻳﻮﺳﻒ ﺍﺩﺭﻳﺲ ,ﻋﺮﺟﺖ ﻧﺤﻮ ﺍﺩﺏ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺠﻮﺯ ﺧﺼﻴﺼﺎ ﻟﺘﺮﻯ ﻟﻢَ ﺣﺎﺯ ﺃﻟﺒﻴﺮ ﻛﺎﻣﻮ ﻓﻲ ﺃﻭﺧﺮ ﻋﻘﺪﻩ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺑﻞ ﻭﻛﻴﻒ ﻛﺘﺐ ﺍﻭﻧﺮﻳﻪ ﺩﻭ ﺑﻠﺰﺍﻙ احدى وتسعون رواية في تسعة عشر عاما فقط , ﺑﻬﺮﺕ ﺑﺸﺎﻋﺮﻳﺔ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻧﺼﺮﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻠﻘﺖ ﻋﺎﻟﻴﺎ ﻣﻊ ﻣﻌﺰﻭﻓﺎﺕ ﺭﺿﻮﻯ ﻋﺎﺷﻮﺭ , ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ -ﺍﻻ ﻗﻠﻴﻼ- ﺻﺎﺭ ﻟﻪ ﻃﻌﻢ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻔﺎﺗﺮ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ , ﻗﻠﺖ ﻳﻮﻣﺎ ﻟﺼﺪﻳﻖ ﺃﻧﻪ ﻗﺮﺃ ﻛﻞ ﺍﻻﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻣﺒﻜﺮﺍ ﺟﺪﺍ ﻟﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﻀﻄﺮ ﺍﻵﻥ ﺃﻥ ﻳﺠﺮﺏ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺮﺍﺀ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺼﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ .
ﺣﺴﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻬﺮﺍﺀ ﺑﻌﻴﻨﻪ , ﻫﻨﺎﻙ ﺟﺰﺭ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺭﺍﺋﻌﺔ -ﺗﺘﻮﺳﻂ ﻣﺤﻴﻄﺎﺕ ﺍﻟﻼ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺮﻧﺎ ﻧﻐﻮﺹ ﻓﻴﻬﺎ- ﻟﻢ ﺗﻄﺄﻫﺎ ﻗﺪﻡ ﺑﻌﺪ .
ﻟﻮ ﻗﻠﺖ ﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻟﻄﺒﻴﺐ ﺃﻓﻐﺎﻧﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﻣﻮﻃﻨﻪ ﺍﻟﻀﺎﺋﻊ ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻦ ﺗﺘﺤﻤﺲ ﻛﺜﻴﺮ ﻟﺘﺴﻤﻊ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ , ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻗﻞ ﻃﺎﻟﺒﺎﻥ , ﺭﺑﻤﺎ ﺗﻘﺮﺃ ﻣﺎﺗﺮﻳﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻳﺴﺮﻱ ﻓﻮﺩﺓ ﻣﺜﻼ , ﺣﺴﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺻﻮﺭﺓ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻠﻄﺨﺔ ﺑﺎﻟﻬﺮﺍﺀ .
ﺣﻴﻦ ﻗﺮﺃﺕ ﺗﻘﺪﻳﻢ" ﺇﻳﺰﺍﺑﻴﻞ ﺍﻟﻠﻨﺪﻱ " -ﻭﻣﺎ ﺍﺩﺭﺍﻙ ﻣﻦ ﻫﻲ ايزابيل اللندي- ﻋﻠﻰ ﻏﻼﻑ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻟﻤﺆﻟﻒ ﻳﻨﺸﺮ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ ﺍﻻﻭﻟﻰ , ﻗﻠﺖ : بئس ﻫﺆﻻﺀ القوم المجاملون ﺑﻄﺒﻌﻬﻢ , ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺗﻘﻮﻝ ﻻ ﺗﺘﺒﻊ ﺍﺑﺪﺍ ﻣﺆﻟﻒ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻏﻼﻑ ﻣﺆﻟﻒ ﺁﺧﺮ .
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻳﻀﺎ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺛﺒﺖ ﺧﻄﺄﻫﺎ ﻫﻨﺎ .
ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ ﺇﻳﺰﺍﺑﻴﻞ ﺍﻟﻠﻴﻨﺪﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻭﺍﻟﺘﻠﻔﻴﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺎﻣﻠﺔ . ﺗﻘﻮﻝ : ” ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﻬﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻫﻲ ﺗﺮﻛﻴﺒﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ : ﺍﻟﺤﺐ , ﺍﻟﺸﺮﻑ , ﺍﻟﺨﻮﻑ , ﺍﻟﺬﻧﺐ , ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ .ﻫﺬﻩ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻟﺤﺪ ﺍﻧﻪ ﻟﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﺳﻴﺒﺪﻭ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺮﺃﺗﻪ ﺳﻄﺤﻴﺎ .
” ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻓﺤﺴﺐ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻳﺰﺍﺑﻴﻼ ﻣﺤﻘﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ . ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻟﻢ ﺍﻛﻦ ﺍﺗﺨﺬﺕ ﻗﺮﺍﺭﻱ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻓﺤﺴﺐ , ﻛﻨﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﺍﻥ ﺍﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﻋﺸﺮ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻓﻘﻂ ,عن كل عشر صفحات فيها . ﻧﺤﻜﻲ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ ﺭﻭﺍﻳﺔ " ﻋﺪَّﺍﺀ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﻮﺭﻗﻴﺔ " ﻟﻸﺩﻳﺐ ﺍﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻻﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2003 .
******************
ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺳﻌﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﺍﻥ ﻧﺮﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ , ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻲ ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ ﻷﺳﺮﺓ ﺍﻓﻐﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺎﺑﻮﻝ ﻋﺎﻡ 1965 ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻣﻊ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻻﻳﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1970ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻞ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻟﺪﻯ ﺳﻔﺎﺭﺓ ﺩﻭﻟﺘﻪ ﻓﻲ ﻃﻬﺮﺍﻥ ﺛﻢ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﻛﺎﺑﻮﻝ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ1973 . ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺴﻨﻮﺍﺕ ﺣﺼﻞ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﺑﺎﺭﻳﺲ ﻭﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺍﻻﺳﺮﺓ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﻘﺒﻬﺎ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ , ﻓﻄﻠﺒﻮﺍ ﺣﻖ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻛﻤﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1980 ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻴﺚ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﻭﻣﺎﺭﺱ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﻟﻌﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻗﺒﻞ ﺍﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻭأكمل حياة الطبيب ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻟﻤﺪﺓ ﺳﻨﺔ ﻭﻧﺼﻒ ﺣﺘﻰ ﺍﺩﺭﻙ ﺍﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺍﻥ ﻳﻐﻴﺮ ﻣﻨﺤﺪﺭ ﻫﺒﻮﻁ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺻﻌﻮﺩﺍ ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻟﻴﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﻻﺟﻠﻪ ﺣقا.
لاحقا نشر الحسيني ” ألف شمس ساطعة ” و ” رددت الجبال الصدى ” , بعد عشر سنوات أخرى حين يحصل الحسيني على نوبل سوف يشار لرواية اليوم في الهامش على انها ارث ثقافي تاريخي وانساني عظيم الاهمية .
******************
”ﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﻮﺭﻗﻴﺔ“ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻓﻲ 366 ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﻢ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻧﻘﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺒﺮﺍﻋﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﺗﻨﻘﺺ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﻣﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﺭﺩﻧﻴﺔ ﺗﺪﻋﻰ ﻣﻨﺎﺭ ﻓﻴﺎﺽ, ﺭﺑﻤﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﻣﻊ ﻋﺬﻭﺑﺔ ﻟﻐﺘﻬﺎ ﺍﻧﻚ ﺗﻘﺮﺃ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺑﺎﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ - ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻭﺃﻫﻞ ﻣﺴﺮﺡ ﺍﻻﺣﺪﺍﺙ ﺍﻻﺻﻠﻴﺔ - ﺩﻭﻥ ﻓﻮﺍﺻﻞ ﺍﻭ ﻫﻨﺎﺕ , ﻻ ﻓﺮﺍﻏﺎﺕ ﺗﻜﻤﻠﻬﺎ ﺍﻧﺖ ﺑﻤﺨﻴﻠﺘﻚ ,ﺍﻧﺖ ﻟﺴﺖ ﻣﻀﻄﺮﺍ ﻟﺘﺠﺎﻫﺪ ﺫﻫﻨﻴﺎ ﻛﻲ ﺗﺨﻤﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﻧﺼﻪ ﺍﻻﺻﻠﻲ ﻛﻤﺎ ﻧﻔﻌﻞ ﺩﻭﻣﺎ ﻣﻊ ﺍﻻﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﺮﺟﻤﺔ , ﺑﻤﺎ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺘﻜﺮﺭ ﻛﺜﻴﺮﺍ , ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺍﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺍﻻﺷﺎﺩﺓ ﺑﻪ . ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻣﻠﺤﻤﺔ ﺍﻧﺴﺎﻧﻴﺔ , ﺳﺠﻞ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﻭﺟﻐﺮﺍﻓﻲ ﻟﻮﻃﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻪ ﺍﺛﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ , ﺑﺎﻻﺿﺎﻓﺔ ﺍﻟﻰ جلد للذات مع ﺻﺮﺍﻉ ﻧﻔﺴﻲ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﻤﺰﻳﻖ ﺳﻮﺭ ﺑﺮﻟﻴﻦ ﺫﺍﺗﻪ . ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻗﺮﺃ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺤﻜﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻼﻝ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ , ﻫﺬا مصطلح ﻧﻘﺪﻱ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻻﻳﺠﻮﺯ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﺫﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ . ﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﺍﻟﻮﺭﻗﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻟﺨﺎﻟﺪ ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ خمس ﻭﻋﺸﺮﻭﻥ ﻓﺼﻼ , وﻳﻤﻜﻨﻚ ﺍﻥ ﺗﻜﺘﺐ ﻣﻘﺎﻻ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻓﺼﻞ ﺑﻀﻤﻴﺮ ﻣﻄﻤﺌﻦ ﺗﻤﺎﻣﺎ . ﺯﻣﺎﻧﻴﺎ , ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺗﻘﻊ ﺍﺣﺪﺍﺛﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1970 ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ 2001 ﺗﺨﻠﻠﻬﺎ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﻓﻲ ﺍﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻋﻼﻥ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﺩﺧﻮﻝ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ وخروجه ﻭﺻﻌﻮﺩ ﻧﻈﺎﻡ ﻃﺎﻟﺒﺎﻥ ﻭﻫﺒﻮﻃﻪ ﻛﺬﻟﻚ , ﺭﺑﻤﺎ ﻻﻳﻌﺮﻑ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ ﺍﻱ ﺷﻲﺀ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﺻﻼ , ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻻﻭﻝ ﺑﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻧﻬﺎ ﺭﺳﻤﺖ ﻣﻼﻣﺤﻪ ﻭﺁﺛﺎﺭﻩ ﻭﺗﺪﺍﻋﻴﺎﺗﻪ ﺑﺪﻗﺔ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﻨﻈﻴﺮ . مكانيا الرواية تجري وقائعها بين افغانستان وباكستان والولايات المتحدة بطريقة البناء المتوازي وعليك ترتيب الاحداث وتجميع الصورة النهائية .
في حديث صحفي يقول الحسيني ان روايته نقلت لملايين القراء كيف كانت الحياة في افغانستان , واستخدم كلمة الحقيقية لوصف الحياة . ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﻣﺠﺮﺩ ﻃﺒﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻲ . ﺗﺼﻨﻴﻒ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻛﺒﻜﺎﺋﻴﺔ ﻟﻮﻃﻦ ﻣﻔﻘﻮﺩ ﻫﻮ ﺗﺴﻄﻴﺢ ﻣﻬﻴﻦ ﻟﻠﻌﻤﻞ .
******************
عن اي شيء تحكي قصتك أمير أغا ؟
القصة تبدأ برجل فقير يجد كوبا سحريا كلما بكى فيه تحولت دموعه الى لآلئ وبرغم من فقره الا انه كان يضحك كثيرا , تنتهي القصة بذات الرجل يبكي على جبل من اللآلئ يحمل سكينا وبين يديه زوجته المقتولة . ولماذا كان عليه ان يقتل زوجته ليبكي أمير اغا , لماذا لم يشم بصلا مثلا . هنا صعقني الجواب , حتى حسان الجاهل استطاع ان يهدم منطق قصتي الاولى
ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻤﻨﺤﻚ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﺣﺎﺩﻳﺔ ﻟﻜﻞ ﺳﻨﺘﻴﻤﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ ﻓﻲ ﺍﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ,ﺍﻧﺖ ﺗﺮﻯ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﺍﻟﺒﻄﻞ -منذ طفولته حتى يبلغ عقده الرابع- ﻓﺤﺴﺐ , ﻟﻜﻨﻪ ﻧﺠﺢ ﺍﻥ ﻳﻌﻄﻴﻚ ﻛﺎﺩﺭﺍ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻳﺤﻜﻲ ﻣﻦ ﻓﻮﻕ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ , ﺃﻣﻴﺮ , ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺍﻻﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ ﻓﻲ ﺣﻲ ”ﻭﺯﻳﺮ ﺃﻛﺒﺮ ﺧﺎﻥ“ -حي راقي في كابول- ﻳﺤﻜﻲ ﻋﻦ ﺻﺪﺍﻗﺘﻪ ﻟﺤﺴﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺧﺎﺩﻣﻬﻢ ﺍﻟﻤﻤﺎﺛﻞ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ , ﻳﻘﻮﻝ : ” ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺗﻨﺸﺄ ﺑﻴﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﺿﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺼﺪﺭ , ﻣﺸﻮﺍ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺮﺝ , ﻟﻌﺒﻮﺍ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻻﻟﻌﺎﺏ , ﻛﻠﻤﺘﻲ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﺑﺎ , ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻣﻴﺮ ” ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻛﺎﻥ ﻫﺎﺩﺋﺎ ﺣﺘﻰ ﺷﺘﺎﺀ ﻋﺎﻡ 1975 ﻫﻜﺬﺍ ﻳﻜﺮﺭ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺍﻟﺤﻜﻲ ﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﺧﺮﻯ .
******************
ﻫﻞ ﺟﺮﺑﺖ ﺍﻥ تُطَيّر ﻃﺎﺋﺮﺓ ﻭﺭﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻚ , ﺣﺴﻨﺎ ﺳﺘﺠﺮﺏ ﺫﻟﻚ ﻫﻨﺎ , يحكي أمير جان -كما كان يناديه حسان- عن أهم احداث طفولته , مسابقة الطائرات الورقية التي تجري احداثها كل شتاء في كابول , يتضح ان هذه ليست مجرد لعبة للأطفال , هذا طقس سنوي تنتظره المدينة كلها , عليك يا صاحبي ان تصمد بطائرتك حتى نهاية اليوم كي تربح , ثم يحصل الرابح على اخر طائرة تسقط خلال المنافسة , وسط الاحتفالات يطلب أمير من حسان أن يأتيه بجائزته قبل أن تصل للأرض , في العربية نقول في المواقف المشابهة " أية خدمة " بالفارسية يقولون "لأجلك ألف مرة أخرى " في شتاء 1975 كانت هذه آخر مرة يبتسم فيها حسان المرة الاخرى كانت في صورة غير واضحة المعالم بعد 26 عاما . المرة التالية التي نطق فيها سائق افغاني ذات الجملة بعد نفس المدة كان امير ينتحب بدون سبب واضح . بعد ان تنتهي من الرواية لا اضمن ما يمكن ان يحدث لك اذا قرأت او سمعت او تذكرت تلك الجملة .
********************
الحسيني مولع برسم المشاهد الايقونية , ربما تشعر ان البطل حياته كلها كانت لحظات فارقة , لكن دون ان تشعر بثقل لوحاته الفنية تلك او ان تنفر لوحاته من داخل بناءه المتماسك للغاية , في شتاء 1975 يتعرض حسان لاعتداء جنسي على مرأى ومسمع أمير , دون ان يستطيع الدفاع عنه , هنا يقرر أمير انه لا يستطيع رؤيته مرة أخرى , بابا هل فكرت في تغيير خادمك , فكانت ثورة الوالد عظيمة , فقام بتلفيق واقعة سرقة لحسان .
وقف حسان وعلي وعيناهما منتفختين متى كنت قادرا على احداث كل ذلك الالم حسان , هل سرقت ساعة امير , قال بابا وسط الصمت الذي ساد مكتبه . اومأ حسان دون أن يرفع عينيه عن الارض , اجل أغا صاحب , أنا فعلت . هنا صعقت , لماذا يضحي حسان من اجلي الان . لكن الصاعقة الاكبر كانت حين رد بابا دون تفكير , حسنا , انا اغفر لك . اليست هذه هي الخطيئة الاعظم بابا , الم تقل لي يوما يمكنك ان تفعل اي شيء لكن لاتسرق حق احدهم في الحياة او في الحقيقة او في الامان . لماذا تغفر له بهذه البساطة . لا أغا صاحب لم يعد لنا مكان هنا , رد علي, لم نعد نعمل لديك بعد الان . انتهى اليوم ببابا ينتحب طالبا من علي العفو والبقاء لكنه غادر مصرا .
هناك مشهد آخر في ملحمة الهروب من افغانستان بعد الغزو حين يقف جندي قوقازي عند مؤخرة العربة ليقول للمترجم الباكستاني اريد قضاء نصف ساعة مع المرأة التي هناك في المقدمة , حين نقل لنا المترجم ما قاله كنت اعرف اني سأقضي باقي عمري بدون بابا , وقف بابا في مواجهة جندي يحمل كلاشنكوف قائلا ألا تستحي ? فلما كان الجواب بلا قال ستحتاج اذا ان تمر على جثتي اولا , لكن عليك ان تقتلني من الرصاصة الاولى لأنني سأمزقك ان لم تفعل , وهو ما حاول الجندي تنفيذه بكل اخلاص , اغمضت عيني رأيت كل الشريط الذي يحمل ذكرياتي مع بابا امام عيني في نصف ثانية قبل ان اسمع الرصاصة , انا بدون بابا الان , اين سأستند لباقي عمري , حين فتحت عيني كان بابا يقف بمعجزة ما دون خدش . حين مررنا بسلام قام زوج السيدة وقبل يد بابا شاكرا .
**********************
في فيلم عاليا في السماء يقول البطل : ما الذي يوجد في حقيبة ظهرك ؟ عليك ان تسأل نفسك هذا السؤال كلما قررت ان تتحرك للامام , لان هذا اول ما سيعوقك . في روايتنا يتساءل المؤلف مرارا ماذا تعرف عن الحقيقة كي تدير ظهرك للماضي وتمضي ؟ لو ان هناك طريقة لتصحيح كل خطاياك هل ستعود ؟ , انا بدون بابا الان , دفنته في المقابر المخصصة للافغان في فيرمونت ووضعت على قبره باقة من الاقحوان السبت الماضي , لماذا علي اعود لافغانستان مجددا , هذا ليس انا , بابا كان ليعود لكن ليس انا . لكن هناك مفاجأة عظيمة تجبره على العودة . هناك مزيج جميل للحكي بين الواقع والاحلام والافكار والهواجس والرؤى والذكريات دون الاشارة لذلك , الرواية تحكي على مستوى الواقع , ثم تغوص عميقا الى اعمق اعماق البطل لتحكي لنا هواجسه , ثم تطفو بنا نحو ذكرياته , تطير مع احلامه , ثم تحط بهدوء ريشة سالمة تحت اقدام واقعه مرة اخرى دون ان تشعر انت بأي اضطراب .
**********************
لا يمكنني ان اخبرك كيف سارت الرواية بعد ان عاد امير لافغانستان ليصف لنا ان وطنه تم محوه تماما , لكن هناك فقرة من نهاية الرواية تلخص كل شيء
يقول كنت في متجر للافلام في فيرمونت حين اقترب مني رجل وسأل مستفسرا : هل شاهدت العظماء السبعة ؟ قلت نعم , ثلاث عشرة مرة , يموت تشارلز برونسن فيه وايضا جيمس كوبيرون وروبيرت فوغن . نظر الي بقسوة كأنني بصقت في كوبه وتمتم بشيء ما وابتعد , وقتها تعلمت انه في اميركا لا تكشف ابدا عن نهاية الفيلم , ان فعلت ذلك فعليك الاعتذار , في افغانستان كل ما كان يهم هو هل وجدت الفتاة في الفيلم السعادة , هل حقق بطل الفيلم ما يصبو اليه , لو سألني احدهم يوما كيف انتهت قصتك انت وحسان لن اعرف كيف اجيب . من يستطيع ان يضع عنوانا لحياته , افكر في عنوان لمقالي لمدة تقارب الاسبوع ثم اجلس غير راض عنه بعد نشره لكن خالد الحسيني وضع عنوانا لائقا بكل شيء , الطائرة الورقية لم تكن مجرد لعبة اطفال , الطائرة كانت ترمز لكل شيء للوطن والاسرة والحبيبة والبيت , لمخاوفك وهواجسك وذنوبك , وخطاياك , ستراها تحلق , تداعب خيطها كي ترتفع , تبني عليها كل آمالك , تنتابك الهواجس حول الخيط , ترخي قبضتك , تراها تسقط فتعاود الجذب , فتنقطع بقسوة دون مقدمات , تهم بمطاردتها قبل ان تضيع ويضيع كل شيء , فقط لتعاود الكرة من جديد . الطائرة الورقية في روايتنا هي الحياة بلا ادنى مبالغة , الطائرة الورقية كانت سببا مقنعا للعدو . يبدو اننا سنلجأ ليوسا مجددا يقول : ” لايوجد ماهو مثل الأدب لكي يجعلنا نكافئ ونمجد فروقنا بوصفها مظهرًا من مظاهر الإبداع الإنساني متعدد الأوجه. قراءة الأدب الجيد هو مصدر للمتعة بطبيعة الحال، ولكنه أيضًا تجربة لنعرف من نحن وكيف نكون، بعيوبنا وبنقصنا، من أفعالنا وأحلامنا وأشباحنا، وحيدين وفي العلاقات التي تربطنا مع الآخرين، في صورتنا العامة الظاهرة لدى الآخرين أو في تجاويف وعينا السرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق