ووهم تفعيل
الخطاب الثقافى !!
أحمد قرني
على طريقة "الكتاب الأخضر " للقذافى فوجئ
الكتاب والمثقفون بكتاب هيئة قصور الثقافة الذى يطرح مبادرات عشرة لتحرير الثقافة
المصرية!ـ ودون الجلوس مع المثقفين والكتاب أنفسهم وهم المخاطبون بهذه المبادرة
ـوعلى مبدأ أن الهيئة بالضرورة تعرف مصلحة الكتاب والأدباء أكثر منهم ! فقد هبطت
علينا من السماء المبادرات العشرة والذى يقرأ هذه المبادرات سيعرف أنها لا تحوى
سوى عبارات إنشائية لا قيمة لها طالما ترددت على مسامعنا كثيرا وهى من قبيل الكلام
المعسول الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع مثل "وإيماناً من الهيئة العامة لقصور
الثقافة بأهمية الفترة القادمة في تغيير وجه التاريخ المصري "!وإذا لم يكن
هذا كلاما فارغا فما معنى قولهم " تغيير وجه التاريخ المصري !"؟ومن أين
أتت الهيئة ورجالها بيقين أن الفترة القادمة سيتغير وجه التاريخ المصري "؟!!
هذا كلام مضحك والله وعيب أن يقال فى محفل
أو أن يدون فى كتاب وأيضا ما جاء بالمبادرة عن المفاهيم الأساسية؟! حين قالت المبادرة"
وطرح المفاهيم الأساسية ومناقشتها مع الجمهور؛ للوقوف على المعاني الحقيقية لهذه
المفاهيم، بهدف تنوير المجتمع"؟!!فما هى تلك المفاهيم الأساسية التى ستطرحها الهيئة ؟!وعن أى مفاهيم أساسية تتحدث
؟!!أم إنه مجرد كلام نطلقه فى الهواء لا معنى له ونصك مصطلحات وأكلشيهات للترويج
الإعلامى ولنصفق لقائلها إلا إذا كانت الهيئة ورجالها يعرفون تلك "المفاهيم
الأساسية "!!بالطبع وأنه فى ملحق لهذه المبادرة ستوضح لنا الهيئة هذه
"المفاهيم الأساسية" التى تعرفها الهيئة ولا نعرفها ـ طبعا وكما قالت ـ
للوقوف على المعانى الحقيقية لهذه المفاهيم ؟!!
ولا أعرف كيف تبنت الهيئة هذه المبادرات العشرة لتطلقها
على الملأ دون أن يدرك القائمون على أمر الهيئة أنهم فعلا قد تبنوا مشروعا ثقافيا
هاما قد أعلنوا عنه فى مؤتمر أدباء مصر الذى عقد فى شرم الشيخ والذى حمل عنوانا
" نحو عقد ثقافى جديد " وكيف تبنت الهيئة مشروعا ثقافيا كبيرا صاغه
مثقفون كبار ؟!!أم أن الهيئة تتعامل بذاكرة دجاجة وأننا سرعان ما ننسي
ثم نتابع مبادررات الكتاب الأخضر للثقافة الجماهيرية لنقرأ فيه كلاما ضحلا عن إنشاء مائة ملتقى ثقافى
والإحتفاء بالكاتب " تهدف المبادرة
الى تأسيس 100 ملتقى ثقافي سنويا مزودة بمكتبات .... على أن يضاف كل عام 100 ملتقى
جديد بأسماء جديدة وصولا الى إيجاد شبكة ملتقيات ثقافية لكل أدباء مصر في الأقاليم
.. ويتم ذلك بإقامة احتفالية كبيرة تحمل اسم المثقف في مكان إقامته يحضرها من 500
الى 1000 مواطن إلخ"ولا أعرف ما الهدف من إنشاء "شبكة ملتقيات ثقافية
"؟!!كما نسمع عن شبكة الطرق !وما تعريف تلك الشبكة ؟!!كما أسمتها المبادرة
الميمونة ولماذا حددت المبادرة عدد الحضور من 500 إلى 1000 هل لأن هذا العدد ذكر
مثلا بأحد الكتب المقدسة !! والذى كتب هذه المبادرة والذى تبناها كلاهما لا يعرف
أن واقعنا قد تغير وأن ما تبنته المبادرة مجرد مظهر إحتفالى لا قيمة له على أرض
الواقع, مظهر احتفالى اتضح فى النهاية ومع أول مبادرة لتطبيقه أن الهيئة تلعب برؤوسنا
وأنها تخص المقربين منها لتكريمهم !! وأن الحديث عن " شبكة الملتقيات و الطرق
!! تلك التى ستحدثها الهيئة ما هو إلا حديث وهم فى ظل العولمة ووسائل الإتصال
الحديثة ولأن الهيئة العامة لقصور الثقافة تغط فى نوم عميق فهى لا تعرف أن الدنيا
تغيرت وأن القرية لم تعد تلك القرية البعيدة المنعزلة بل إن الوسائط الحديثة أتاحت
لأبناء القرى البعيدة أن يتصدروا المشهد على كافة الأصعدة الثقافية ولم تعد هناك
عزلة بالمعنى الضيق المكانى ,وأنه كان يجب على القائمين على أمر الهيئة أن يدركوا
أن الدنيا تغيرت تماما وأن المبادرة الجديدة يجب أن تستلهم روح العصر ,ليكون هناك
حديث عن الكتاب الرقمى وعن تحميل الكتب التى تطبعها الهيئة على شبكة المعلومات
بدلا من الحديث المكرور والممل عن إنشاء مكتبات لا وجود لها وهى مسألة صعبة ولأنه
الفكرة تتعثر لعدم توفير المكان الملائم والمبنى فما بالك بحديث المبادرة عن مئات
المكتبات !!وكم سيتكلف ذلك أما أننا نتحدث عن كتب توضع فى مخازن وكفى ...بينما
يصرخ بعض الكتاب من أنهم يودون التبرع بمكتباتهم للهيئة والأخيرة لا تستجيب لعدم
القدرة على توفير المكان " ومنهم مبادرة د محمد حسن عبد الله وورثة الشاعر
الكبير حسن فتح الباب " وطبعا لا
يفوت المبادرة أن تدلى بدلوها هى الأخرى وتحمل المبادرة كلاما إنشائي مما يروق
تداوله الآن عن تصحيح الخطاب الدينى ولا تحمل المبادرة أى جديد سوى ما يتردد ليلا
ونهارا فى الصحف مثل قولهم " كما تسعى المبادرة إلى تقديم ثقافة دينية معتدلة
تعمل على تعريف المتلقين بأساسيات الفقه الإسلامي ومناهج الإسلام فى التعامل مع
أمور الدنيا" وهل هذا الكلام الصحفى الإنشائي يحتاج إلى مبادرات ؟!! ولا يفوت
المبادرة الجامعة الشاملة التى ستحل جميع مشاكل الثقافة المصرية بأن تتحدث أيضا عن
دورها فى دحر الإرهاب ومقاومة المخططات الخارجية نعم صدقونى المبادرة تحدثت أيضا
ولكونها جامعة مانعة عن تقديم "ليالى الشعر والشعراء " بتعبير خفيف الظل
!!هكذا قالت المبادرة الميمونة وقالت أيضا إنها ستقدم " موائد مستديرة وحلقات
نقاشية " وفقرة " حفلات التوقيع للكتب والإصدارات "
ونقدم المبادرة الأكثر حظا والأروع والأفكه !وهى
المبادرة السابعة ولم تأت هكذا فقد حملت البشرى لشعرائنا العظام فالمبادرة لن
تنساهم أبدا فقط طرحت مبادرة " شاعر الجماهير " وتشترط المبادرة
الميمونة الآتى " يكتب بالعامية المصرية أو بالفصحي شريطة أن يكون شعره جماهيريا" ولم تقل لنا
المبادرة الميمونة كيف لها أن تعرف الشعر الجماهيري من غير الجماهيرى؟! طبعا مفهوم
سنعتذر مثلا للشعراء أمثال حسن طلب وأحمد عبد المعطى حجازىلأن المبادرة لها
شعرائها الجماهريون ..كما أن للتكريم ناسه
؟! أليس هذا مثيرا للضحك أن يصدر هذا الكلام عن هيئة يفترض أنها هيئة ثقافية,وكأنه
لأول مرة تقيم الهيئة أمسيات شعرية وهى على مدار العام وكل عام تفعل هذا كفى عبثا
والتوهم بأننا نأتىبما لم يستطعه الأوائل ..
أما عن المبادرة الثامنة " سيرة حياة وإبداع "
فيقول صاحب المبادرة "من خلال التعرّف أكثر على الواقع الاجتماعي الذي دفع الكاتب
إلى التحول من شخص عادى إلى شخص مثقف" بالذمة ده كلام؟ والأغرب أن المبادرة
تشترط شرطا عجيبا ومدهشا وهو أن يعترف
بأخطائه " وقد يعترف بالأخطاءالتي ارتكبها في مرحلة ما من حياته" إذا
كان الكاتب مثلا قد سرق كتابا من مكتبة أو عاكس فتاة فى الشارع فالإعتراف هو هدف
المبادرة قإذا لم تكن لديك القدرة على الإعتراف بأخطائك فأنت صديقي المبدع لن تصلح
لهذه المبادرة ,وكأن الهيئة لم تقدم فى كل مؤتمر جلسة شهادات إبداعية تتضمن سير
الكتاب ومسيرتهم ,وإذا كنت تبحث عن الحضور الجماهيرى فحاول أن تقيم هذه الفعاليات
فى الجامعة بالقرب من التجماعات فى المدارس أما أن توهم الناس أنك تأتى بجديد فهذا
أمر عبثي
أما المبادرة التاسعة عن " أعلام وأماكن " فهى
لا تستحق سوى تعبير الفيس بوك المشهور
" ههههههههه"
ولم تنس مبادرة الهيئة الميمونة أطفالنا وتحدثت فى
المبادرة الأخيرة العاشرة عن " براعم "طبعا كلام عام ومرسل ولا يساوى
قيمة سوى أن فى الإعادة إفادة وفى التكرار إفادة للشطار عن أهمية النشء والتربية
وأدب الأطفال كلام يقال ليل نهار على موائد الأدب
أظن أن هيئة قصور الثقافة لها من الآليات التى يمكنها من
وضع مبادرة حقيقية إن أرادت لا أن تترك شخصا مهما ارتفع شأنه أن يضع لها مبادرة
تحمل اسم الهيئة العريقة الفاعلة ولديها أمانة مؤتمر أدباء مصر فهو برلمان حقيقي
للكتاب والأدباء يمكنها من خلاله طرح أفكارها بدلا من أن تهبط علي رؤوسنا بمبادرات
عشرة تحوى مضامين مكرورة وكلاما إنشائي ربما يبدو معسولا لكن بتحليله نتأكد من أنه
كتب على عجل ودون مراجعة ويهدف إلى الدعاية ومخاطبة الإعلام والصحافة أكثر منه
للمثقفين والكتاب والأدباء دون أن يكون له مردود حقيقي على الثقافة والمثقفين
نحتاج إلى عمل مؤسسي يستلهم روح العصر لا أن يسوق العبارات تلو العبارات دون أن
يدرك أن واقعنا تغير وأن آلياتنا أيضا يجب أن تتغير لتلائم هذا الجديد الوافد وإذا
كانت الهيئة ستجعل ودن من طين وودن من عجين !
فهنيئا لكم أيها
المثقفون المنعزلون هناك فى قرى مصر وشعرائها الجماهيريون بمبادرة هيئة قصور
الثقافة العشرة وطوبى لمن كتبها وطوبى لمن تبناها وطوبى لمن شارك فيها....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق