2015/12/27

دار المعارف رائدة نشر كتب ومجلات الأطفال فى مصر والوطن العربى بقلم: يعقوب الشارونى

دار المعارف رائدة نشر كتب ومجلات الأطفال فى مصر والوطن العربى 
 أ. يعقوب الشارونى

(بمناسبة الاحتفال بمرور 125 عامًا على تأسيس دار المعارف )
 فندق ريتز كارلتون القاهرة – 27 ديسمبر 2015 العاشرة صباحًا
 القِراءَةُ لِلْحَياةِ .. وَالْكِتابُ لِلتَّقَدُّمِ : الْمَعْرِفَةُ أساسُ الحَضارَةِ ، وتَراكُمُ المَعْرِفَةِ والخِـبْرَةِ أساسُ التَّقَدُّمِ . قال نيوتن مُكْتَـشِفُ قانونِ الجاذِبِيَّةِ : " إذا كُنـْـتُ قد اكْتَشَفْتُ شَيْئـًـا مُهِمًّا ، فَذَلِكَ لأنـَّـنى كُنـْـتُ أقِفُ عَـلَى أَكْتافِ مَنْ سَبَقونى" ، فَما تَوصَّلَ إليه مَنْ سَـبَقوهُ كانَ الأساسَ الَّذى قادَهُ إلَى اكْتِشافاتِهِ العِلْمِيَّةِ التى غيرت مسارَ العِلم . إن ما يُميِّزُ الإنـْـسانَ العاقِلَ عَنْ سائِرِ الكائِناتِ الحَـيَّةِ ، يَتـَـمَثـَّـلُ فى تـَـوْظيفِهِ لِلْخِـبْراتِ السَّابقَةِ فى مَواقِفَ جَديدَةٍ . وَإذا كانـَـتِ الخِـبْرَةُ المُباشِرَةُ هِىَ أصْلَ المَعْرِفَةِ ، فَهِىَ وَحْدَها لم تـَـعُـدْ كافيةً فى عالَمٍ سَريعِ التَّطَوُّرِ ، تـَتَضاعَفُ فيه المَعْرِفَةُ مَرَّةً كُلَّ ثــَـمانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا ، بل لابُدَّ مِنْ الاعْتِمادِ عَلَى " الخِبْرَةِ البَديلَةِ " ، الَّتى يَكْتَسِبُها الفَرْدُ عَنْ طَريقِ الكُـتُبِ والمَراجعِ ، التى تُـقَدِّمُ المَعارِفَ والمَعْلوماتِ الَّتى لا يَسْتَطيعُ الفَـرْدُ أنْ يَكْتَسِبَها عَنْ طَريقِ الخِـبْرَةِ المُباشِرَةِ . وَأَهَمُّ وِعاءٍ حَفِظَ المَعْرِفَةَ ويَحْفَظُها ، وَيَـنـْـقُلُها مِنْ مُجْتَمَعٍ إلَى بَقِيَّةِ المُجْتَمَعاتِ وَمِنْ جيلٍ إلى جيلٍ آخـَرَ عَـلَى مَرِّ التَّاريخِ ، هُوَ الْكِتابُ ، وبذلك سَـيَظَلُّ الكتابُ أَهَمَّ أسْبابِ الحَضارَةِ والتَّقَدُّمِ . لقد أصْبَحْنا الآنَ فى عَصْرٍ يَنْـظُرُ إلَى المَعْرِفَةِ باعْتِبارِها أهمَّ المَوارِدِ ، الَّتى يَنْبَغى أنْ تَحْظَى بتَقْسيمٍ عادِلٍ بَيْنِ فِئاتِ كُلِّ مُجْتَمَعٍ . فالعامِلُ المُهِمُّ فى مُواجَهَةِ الفَـقـْـرِ ، هُوَ النــَّـظــَـرُ إلَى نــَـصيبِ الإنسان مِنَ المعرفة والمَعْلوماتِ ولَيْسَ مِنَ المَوارِدِ المادِّيَّةِ فَـقـَـطْ . وفى ظِلِّ اقـْـتِصادِ المَعْلوماتِ الَّذى نــَـعيشُ فيه، فإنَّ المَعْرِفَةَ تــَـتــَـحَوَّلُ إلى ثــَـرْوَةٍ ، والكِتابُ سَـيَظــَـلُّ أَهَمَّ أوْعِيَةِ المَعْرِفَةِ . - وقِراءَةُ الكُتُبِ عادةٌ لابُدَّ مِنِ اكْتسابـِها عَنْ طَريقِ القُدْوَةِ مُنْذُ الأسابيعِ الأولَى فى حَياةِ الطِّـفْلِ، وَذَلِكَ عَنْ طَريقِ قِيامِ الرَّاشدينَ المُحيطينَ بالطِّـفْلِ بتَقْديمِ الكُتُبِ لِلأطْفالِ ، وقِراءَتِها لَهُمْ ، ثــُـمَّ مُطالَعَتِها مَعَهُمْ ، والاسْتِماعِ إليهم وَهُمْ يَقـْـرَءُونَ . وإذا لَمْ نَـبْدَأْ فى تَقْديمِ القُدْوَةِ لِلأطْفالِ فى حُبِّ الكِتابِ واحْتِرامِهِ مُنْذُ طُفولَتِهِمُ المُـبَكِّرَةِ ، فَسَيكونُ مِنَ الصَّعْبِ اكْتِسابُ عادَّةِ القِراءَةِ عِنْدَما يَتَـقَدَّمُ بهِمُ العُمْرُ . وَمِنْ هُنا كانَ الاهْتِمامُ ضَرورِيًّا بكِتـابِ الطِّـفْلِ ، الَّــذى يُناسِــبُ مَراحِــلَ العُمْرِ المُخـْتَلِفَةَ ، حَتَّى يَنْـشَأَ الطفل مُحِبًّـا لِلْكِتابِ ، ثُمَّ مُقْبلاً عَلَى القِراءَةِ عِنْدَما يَتَعَلَّمُها . ** دارُ المعارفِ وكُتبُ الأطفالِ : وإذا كُنَّا نَعْتَرِفُ بـــِـدَوْرِ دارِ المعارفِ غيرِ المَسْبوقِ فى تَشْكيلِ ثــَـقافةِ الكِبارِ على اتِّساعِ الوطنِ العَربىِّ كُلِّه ، فإن إسْهامَها الأكبرَ تأثيرًا ، كانَ فى رِيادَتِها ، بلا مُنافِسٍ ، حَقْلَ نشرِ كُتُبِ الأطفالِ ، وتأسيسِ عَناصِرِ فَنِّ كتابِ الطِّفْلِ ، الذى تَضافرَتْ فيه الكَلِمَةُ مع الصُّورةِ ، عن طَريقِ عَشَراتِ السَّلاسلِ من كُتُبِ الأطفالِ ومَجلَّتِهم ، التى تَربَّتْ عليها أجيالٌ مُتتابـِـعَةٌ من أبناءِ الأُمَّةِ العَربيَّةِ .. - فى هذا تَقولُ جريدةُ " البيانِ " العرَبـِـيَّةُ : بَدْءًا من الأَربعينيَّاتِ فى القَرْنِ المَاضِى، بدأَتْ دارُ المعارفِ فى إصْدارِ سِلْسِلَةِ "المَكْتَبةِ الخَضْراءِ " ، التى تُعَدُّ بــِـمَنْزلةِ جَنَّةِ أطْفالِ الوطَنِ العرَبــِـىِّ فى عَوالِمِ القِراءةِ ، والأعلَى توزيعًا بين كُتُبِ الأَطْفالِ فى العالَمِ العربــِـىِّ ، إذ يَجـِـدونَ فيها ما يُناسِبُ خيالَهم ، ويُسايــِـرُ أَرْواحَهُم وتَطلُّعاتِهم ، فى إطارٍ من التَّعْبيرِ الجَيِّدِ والحُروفِ المَشْكولَةِ ‏.‏ واختارَتِ الدَّارُ من بــِـدايَـتِها أن تكونَ هذه السِّلْسِلَةْ مَصْحوبةً بــِـلَوْحاتٍ تُقدِّمُ مُعادِلاً تَعْبيرِيًّا جَمالِيًّا لِقيمَةِ أدبِ الطِّفْلِّ العالمِىِّ‏ . - ويقولُ موقعُ " الباحثونَ السُّوريُّونَ " ، تحتَ عُنوانِ : " المكتبةُ الخضراءُ .. ثقافةُ جيلٍ بأكملِهِ" : قِصَصِ المَكْتبةِ الخَضْراءِ مُتنوِّعَةٌ بــِـمَوْضوعاتِها ، مُشوِّقَةٌ دائمًا فى أساليبِ كُتَّابــِـها .. وقد تَربَّى جـِـيلٌ كامِلٌ عليها ، فَكُنَّا نَنْتَظِرُ أن نُنْهِىَ قِصَّةً منها حتى نبدأَ بــِـأُخْرَى، فهى تجمعُ كُلَّ العناصرِ التى تُمْتِعُنا ونحنُ صِغارٌ . وكانَ المُؤلِّفُ لا يَخْشَى من اسْتِخْدامِ التَّعابيرِ الصَّحيحَةِ ، لِثِقَتِهِ بــِـقُدْرَةِ الطِّفْلِ العربــِـىِّ على فَهْمِها . كما كانَتِ القِصَّةُ تَحْتَوِى علَى العدَيدِ من الرُّسوماتِ التى تُساعِدُ الطِّفْلِ على خَلْقِ حكايةٍ كامِلَةٍ فى ذِهْنِهِ ، فَيُكَوِّنُ صورَةً مُتحرِّكَةً حَيَّةً فى خيالِهِ مُفْعَمةً بالإثارةِ والجِّدَّةِ . مِنْ أشهَرِ مُؤلِّفيها ، عبدُ اللهِ الكَبيرُ وعادِل الغضبان ويعقوب الشارونى ومحمد عطية الأبراشى . ومن أشْهَرِ مُؤلَّفاتِها ، دنانيرُ لبلبة ، وعُقلةُ الإصبعِ ، والبَجَعاتُ المُتوحِّشاتُ ، والأميرةُ والثعبانُ ، والأَنْفُ العَجيبُ ، وقَصيرُ الذَّيْلِ ، والكَسْلانُ وتاجُ السُّلْطانِ . إن هذه السِّلْسِلَةَ تَعكِسُ ثـَقافةَ الجيلِ الذى تَربَّى عليها . فقد استطَعْنا أن نُحلِّقَ بخيالِنا بـِمُساعَدَتِها ، ولعلَّ أهميتَها تَكْمُنُ فى كَوْنِها رسمَتْ فِكْرَ جيلٍ . وإنْ كُنْتَ تُريدُ أن تُقدِّمَ هَدِيَّةً لِطفْلٍ فى صُفوفِهِ الأولَى ، ما علَيْكَ إلا أنْ تَختارَ إحْدَى هذه القِصَصِ وتُقدِّمَها له ، فَتَكونَ قد قَدَّمْتَ تُحْفَةً أدبـِيَّةً وفَنيةً فَذَّةً . ** المَكْتَبةُ الخَضْراءُ والتَّفاعُلُ مع تَطوُّراتِ العالَمِ العربِىِّ : وإذا كانَتِ المَكْتَبةُ الخَضْراءُ قد بدأَتْ بـِتَقْديمِ رَوائِعِ كلاسيكِيَّاتِ الأدَبِ العالَمِىِّ لِلأَطْفالِ ، بـِريشةِ رسَّامينَ أجانبَ ، فقد كانَ لابُدَّ أن تـَتطَّورَ معَ يَقظةِ الوَعْىِ العربـِىِّ ، ومَع ظُهورٍ أجيالٍ مَوْهوبةٍ مُتمِّيزَةٍ فى مجالَىِ الكتابَةِ والرَّسْمِ لِلأَطْفالِ ، فَتُقدِّمَ أدبًا يتفاعَلُ مع واقِعِ واهتماماتِ الطِّفْلِ العربـِىِّ ، فأصبحَتْ إصداراتُها تضُمُّ ، بجوارِ مُؤلَّفاتِ الشارونى، إبداعاتٍ لأحمد نجيب وعبدِ التواب يوسف ولينا كيلانى ومنى جبر ، وغيرِهم من رُوَّادِ أدبِ الطِّفْلِ العربـِىِّ ، ورُسومًا لجمال قطب وهانى المصرى وأحمد عبد النعيم وعبدِالرحمن نور الدين وعادلِ البطراوى ونسيم وصلاح بيصار ، وغَيْرِهم من كِبارِ الفنَّانيـِنَ ، وتَتناَولُ مَوْضوعاتِ وقَضايا العَصْرِ ، عَنْ طَريقِ الفَنِّ ( ولَيْسَ علَى حِسابِ الفَنِّ ) ، مِثْلَ المُحافَظةِ على البيئَةِ، والتنميةِ ، وكنوزِ البيئَةِ الصَّحْراوِيَّةِ ، والحقِ فى التعبيرِ ، والقدرةِ على الاختيارِ ، والانتماء، والتَّواُزنِ بَيْنَ الفَرْدِ والسُّلْطَةِ ، وتنميةِ الإبْداعِ ، والتَّعلِيمِ وعلَى وَجْهٍ خاصٍّ تَعْليمُ الفَتاةِ ، ومُقاوَمَةِ الفَسادِ ، وانتصاراتِ الإنْسانِ المِصْرِىِّ والعَربـِىِّ فى مُواجَهةِ التسلُّطِ الخارجِىِّ وأَطْماعِهِ . - وقد أُعيدَتْ طِباعةُ عددٍ كَبيرٍ من كُتُبِ " المَكْتَبةِ الخَضْراءِ " أكثرَ من ( 15 ) طَبْعةً ، وهو ما يُؤكِّدُ الإقْبالَ المُتزايـِدَ من قُرَّاءِ مُخْتلِفِ الأجْيالِ علَى هذه السِّلْسِلَةِ الرَّائِدَةِ فِى مجَالِ كُتُبِ الأطْفالِ العَربـِيَّةِ . ** مَجلَّةُ سِنْدِباد : وفى عامِ 1952 أصدرَتْ دارُ المعَارِفِ " مجَلَّةَ سِنْدِباد " .. " مجَلَّةَ الأَوْلادِ فى كلِّ البلادِ " كما تُعلِنُ علَى صَفْحَةِ الغِلافِ . وأسندَتْ تَحْريرَها إلى المُرَبِّى والأديب الأستاذِ محمد سعيد العريان ، وتَولَّى الفنَّانُ الكَبيرُ حسين بيكار إخراجَها ورُسومَها . - يقولُ مَوْقِعُ " العَيْنِ " العربىِّ ، علَى الشَّبَكةِ العالمِيَّةِ : شَهِدَتْ دارُ المعَارفِ خلالَ فـَتْرَةِ الأَرْبعينيَّاتِ والخَمسينيَّاتِ من القَرْنِ المَاضِى ، ازدهارًا غَيْرَ مَسْبوقٍ ، حَتَّى صارَتْ أكبرَ دارٍ للِنَّشْرِ فى العالَمِ العربـِىِّ ، وواحِدَةً من كُبْرَيات دِوُرِ النَّشْرِ فى العالَمِ ، وأطلقَتِ العَشَراتِ من السَّلاسِلِ الثقافيةِ التى رَسَخَتْ فى ذاكِرَةِ النَّشْرِ ، وتَعامَلَ معها كِبارُ المُثقَّفِينَ والكُتَّابِ بـِتَقْديرٍ كَبيرٍ ، مِنْها : سِلْسِلَةُ ( اقْرَأْ ) ، وذَخائِرُ العَربِ ، ونَوابـِغُ الفِكْرِ العربـِىِّ ، ونَوابـِغُ الفِكْرِ الغربـِىِّ ، ومَكْتَبةُ الدِّراساتِ الأدبـِيَّةِ ، ومَكْتَبةُ الدِّراساتِ الفَلْسَفِيَّةِ ، ومَجلَّةُ الكتابِ ، وأشهرُ مَجلَّةٍ للأطفالِ فى الخمسينياتِ وهى مَجلَّةُ سِنْدبـِاد . - ويَقولُ الدكتوُر سامى عزيز ، الأستاذ السابق بكلية الإعلام جامعة القاهرة: فى كتابـِهِ " صَحافةُ الأَطْفالِ " : فى عامِ 1951 ، أَصْدرَتْ دارُ المعارفِ مَجلَّةَ " سِنْدِباد " ، فى مُحاَولةٍ لِلمَزْجِ بينَ صَحافَةِ الأطفالِ العامَّةِ ذاتِ الصِّبْغَةِ التِّجارِيَّةِ ، مع صَحافَةِ الأَطْفالِ ذاتِ الهَدَفِ التَّرْبَوِىِّ . وكانَ اختيارُ محمد سعيد العريان أحدَ رجالِ التَّربـِيَّةِ والتَّعليمِ رئيسًا لِتَحْريرِها ، مُحاوَلَةً لِتَحْقيقِ التوازُنِ المَطْلوبِ . وهكَذا صدرَتِ المجَلَّةُ ناضِجَةً مُتفتِّحةً ، وقد أفادَتْ من خِبرْاتِ دارِ المعارفِ فى النَّشْرِ والتَّوْزيعِ ، إلى جانِبِ اشْتِراكِ وزارةِ المَعارفِ ( التَّربيَّةِ والتَّعليمِ ) فى آلافٍ مِنَ النُّسَخِ لِتَوْزيعِها علَى مَكْتباتِ مَدارسِها ، مَمَّا مَنحَ المجَلَّةَ قَدْرًا من الثَّباتِ المالِىِّ ، وجَنَّبَها الوُقوعَ فى الأَزَماتِ الاقْتِصادِيَّةِ التى كانَتْ سببًا فى تَوقُّفِ العَديدِ من مَجلاَّتِ الأَطْفالِ . وحَرَصَتِ المَجَلَّةُ علَى الابْتِعادِ عن القِصَصِ الأجنبيةِ والأدبِ المُتَرْجَمِ ، واقتصرَتْ علَى القِصَصِ العربيَّةِ ، واهتَمَّتْ بـِحُروفِ الطِّباعَةِ النَّسْخِ ، المُشَكَّلةِ بعلاماتِ الإعرابِ اللُّغَوِىِّ. كذَلِكَ وجَّهَتْ عنِايَتَها إلى الأُسْلوبِ ، واختيارِ الألفاظِ المُناسِبةَ لخِبْرَةِ وعُمْرِ الصِّغارِ. - وتَقولُ صحيفةُ " العربـِىِّ " (أَوَّلُ صَحيَفةٍ عَربـِيَّةٍ يومِيَّةٍ تأسَّسَتْ فى لندن عام 1977) : بـِداَيةُ ظُهورِ مَجلاَّتٍ مُتخصِّصَةٍ لِلأَطْفالِ ، كانَتْ فى مِصْرَ فى مُنتصَفِ القَرْنِ المَاضِى، حَيْثُ صدرَتْ مَجلَّةُ " سِنْدِباد " عَنْ دارِ المعارِفِ القاهرِيَّةِ فى بـِدايَةِ عامِ 1952، بعدَ عِدَّةِ مُحاوَلاتٍ غَيْرِ مُكتِملَةٍ - بَعيدًا عنَ دارِ المَعارِفِ - لإِنْتاجِ مَطْبوعَةٍ مُكْتَمِلَةٍ لِلأَطْفالِ . لقَدْ تَوقَّفَتِ المَجلَّةُ عن الصُّدورِ عامَ 1960 ، لَكِنَّها تركَتْ إرثًا ضَخْمًا أسَّسَ لهذا التَّخَصُّص ، بـِجَهْدٍ كَبيرٍ غَيْرِ مَسْبوقٍ مِنْ مُؤسِّسِها محمد سعيد العريان ، ورَسَّامِها الكبيرِ حسين بيكار ، اللَّذَيْنِ قَدَّما وَرْشَةً دائِمَةً ذهبـِيَّةً أخرجَتِ العَديدَ من الرَّسامينَ والكُتَّابِ اعتمدَتْ عليهم المِهْنَةُ لعشراتٍ من السِّنينَ . - ويقولُ مَوْقِعُ جَريَدةِ " الوطن " العربية : تَطوَّرَتْ مَجلَّةُ سِنْدِباد ، ودَخلَ السَّاحَةَ شَخْصِيَّاتٌ جَديدَةٌ مِثْلُ : " حازم وحاتم " ، وهُما كَشَّافانِ يَقومانِ بمُغامَراتٍ وبُطولاتٍ فى الوطَنِ العربـِىِّ ، وتَحوَّلَتِ المادَّةُ التاريخِيَّةُ المَكْتوبةُ إلى مادَّةٍ تاريخِيَّةٍ مُصوَّرَةٍ ، وفيها تَتحدَّثُ مجلَّةُ سِنْدِباد عن أمَّتِنا العربـِيَّةِ وما مرَّ بها من عُهودٍ مُختِلفَةٍ .‏ * وقَبْلَ صُدورِ مَجلَّةِ سِنْدِباد ، كما تَقولُ الباحثةُ والأَديبةُ نجلاء علام فى كتابـِها "تَطوُّرُ مَجلاَّتِ الأطفالِ فى مِصْرَ والعالَمِ العربـِىِّ" ، فإنَّ الرُّسوماتِ فى مَجلاَّتِ الأطفالِ كانَتْ إمَّا غَيْرَ مَوجودَةٍ ، أو قَليلةً جدًّا ، وتَعْتَمِدُ علَى التَّرْجَمِة وعلى نَقْلِ الرُّسومِ الأجنبـِيَّةِ .. وتُقدِّمُ مثالاً علَى ذلك ، مجلةَ " البلبل " التى صدرَتْ عامَ 1949 .. تقولُ : وفيما عدا صورةَ الغِلافِ المُلوَّنةَ ، فكُلُّ الصُّوَرُ داخِلَ المَجلَّةِ غَيْرُ مُلوَّنَةٍ .. كانَتِ المَجلَّةُ كأنَّها مُتَرْجَمَةٌ ، تَنْقِلُ رسُومَ ميكى ولوريل وهاردى وغَيْرِها من الشَّخْصِيَّاتِ الأجنبـِيَّةِ ، الرِّجالُ يَضَعُونَ القُبَّعاتِ ، ومَلامِحُهم أجنبـِيَّةٌ تمامًا " . ثم تُضيفُ : أما مَجلَّةُ سِنْدِباد التى أصدرَتْها داُر المَعارفِ عامَ 1952 ، فكانَتْ تتميَّزُ بـِشَخْصِيَّةٍ مِصْرِيَّةٍ ، وإخراجٍ فَنِّىٍّ عالٍ ، ورُسومِ بيكار الوَدودَةِ بالنِّسْبَةٍ لِلطِّفْلِ . - ولقد حرَصَتْ مَجلَّةُ سِنْدِباد علَى الالتِزامِ بمَجْمُوعةٍ من المَبادئِ الفنيَّةِ والثقافِيَّةِ والتَّرْبَوِيَّةِ واللُّغَوِيَّةِ ، مِثْلِ اسْتَخدامِ الفُصْحَى الشائِعَةِ وتَحاشِى الغَريبِ أو المهجورِ منها ، مع تَحاشِى اللَّهْجَةِ العامِّيَّةِ ، ورَفْضِ الاسْتِعانَةِ بـِالمَوْضوعاتِ والرُّسومِ والشَّخْصِيَّاتِ الأجنبـِيَّةِ ، إيمانًا من القائمينَ عليها بأنَّ تُراثـَنا القومِىَّ غنِىٌّ بالحكِاياتِ التى يُمكِنُ بعدَ إعادة صياغَتهِا ، أن تُلَبِّى احْتِياجاتِ الطِّفْلِ المِصْرِىِّ والعَربـِىِّ . * يقولُ كتابُ " بيكار " ، الذى أَشْرفَ على إصْدارِهِ الفَنَّانُ الكبير مصطفى حسين ، ونشرَتْهُ وزارةُ الثـَّقافَةِ : " رَسَمَ " بيكار " شَخْصِياتِ مَجلَّةِ الأَطْفالِ " سِنْدِباد " ، وكانَ مهمومًا بإعادِة الثـِّقَةِ لِلشَّخْصياتِ العربـِيَّةِ التاريخِيَّةِ ، وإحياءِ اللُّغَةِ والتُّراثِ ، وتَخْليدِ البطولاتِ العربـِيَّةِ . وكانَ اخْتيـِارُ عُنوانِ المَجلَّةِ " سِنْدِباد " مُتَعمَّدًا هُوَ الآخَرُ". - ويَقولُ أستاذُ رسُومِ كُتُبِ الأَطْفالِ ومُبْدِعُ إخْراجِ كُتُبـِهم ومَجلاَّتِهم ، الفنَّان " محيى الدين اللباد " : " فى صَباحِ ( 2 ) يناير 1952 ، ومَعَ العَدَدِ الأَوَّلِ من مَجلَّةِ سِنْدِباد ، أَشْرَقَ علينا .. عالَمٌ نَظيفٌ ، نَقِىٌّ ، مِثالِىٌّ وأنيقٌ " . - ويُضيف الفنَّان " مصطفى حسين " : " لقد عرفْتُ حسين بيكار وأنا ما زِلْتُ "بـِالشُّورت " من خِلالِ رُسومِه بمَجلَّةِ سِنْدِباد ، وكنتُ أسْبَحُ فيها بـِخَيالِى ، وتَرَبَّيْتُ على حِكاياتِها " . - ويقولُ الكاتبُ الكَبيرُ " أحمد رجب " : إنَّ رسُوماتِ حسين بيكار لِلأَطْفالِ قَدَّمَتْ رُؤيةً جَماِليَّةً جَسَّدها ابنُ الإسكندريةِ : صَفاءً ، ولَمْسَةً جَماِليَّةً ، ونَمُوذجًا لِفنَّانٍ يعكسُ لِجَماهيرِ القُرَّاءِ والمُتذوِّقينَ هذا الحِسَّ الفَنـِّىَّ الرَّاقِىَ ، لِفَنَّانٍ يعيشُ مُترنـِّمًا بـِالمُوسيقَى ، ويرسمُ ، ويقرضُ الشِّعْرَ . * ومنذُ سَنواتٍ قليلةٍ ، أعادَتْ دارُ المعارفِ طباعةَ عددٍ كَبيرٍ من أعدادِ مجلَّةِ سِنْدِباد ، كانَتْ تَنْفَذُ مِنْ مَكْتباتِ بَيْعِ كُتُبِ الدَّارِ فَوْرَ صُدورِها . ولعلَّ الدارَ تُعيدُ طِباعَةَ المزيدِ من أعْدادِ هذه المَجلَّةِ المُتميِّزَةِ ، التى تَربَّى عليها أكثرُ من جيلٍ من أبناءِ العالَمِ العربـِىِّ . * كذلك أعادَتْ دارُ المعارفِ نَشْرَ أهَمِّ قصَصِ الرُّسومِ المُسَلْسَلَةِ ( الاستربس ) التى نَشَرتْها مَجلَّةُ سِنْدِباد ، من تَأْليفِ محمد سعيد العريان ، ورسوم الفَنَّانِ حسين بيكار، فى سَلاسَلِ كُتُبٍ رائعةِ التَّلوينِ ، تحتَ عُنوانِ " رحلاتُ سَنْدِباد " و " مُغامَراتُ أرنباد " ، ولا تزالُ تُعيدُ طِباعتَها بـِنَجاحٍ كبيرٍ . ** سِلْسِلَةُ " أولادنا " ، بعدَ " المَكْتَبةِ الخَضراءِ " و " رَوْضَةِ الطِّفْلِ ": وإذا كانـَتْ دارُ المَعارفِ قد اهتمَّتْ بــِكُتبِ صِغارِ الأَطْفالِ ، بــِإصْدارِ سِلْسِلَةِ " رَوْضَةِ الطِّفْلِ " ( لِلسِّنِّ من 4 إلَى 7 سنواتٍ ) ، التى كانـَتْ تـَحْتَوِى فى كل صفحة على سُطورٍ قَليلَةٍ وكَلِماتٍ قَريبَةٍ من القاموسِ اللُّغَوِىِّ لصِغارِ الأَطْفالِ ، وُرسومٍ كَبيرَةٍ مُلوَّنَةٍ ، كما اهتمَّتْ بإصْدارِ سِلْسِلَةِ " المَكْتَبةِ الخَضْراءِ " لِلسِّنِّ المُتَوَسِّطَةِ ( من 8 إلى 12 أو 13 سنةً ) ، فقَدِ اهْتَمَّتْ أيضًا ، بـِدايةً من عامِ 1960 ، بإِصْدارِ سِلْسِلَةٍ لليافِعينَ ( من 12 إلى 18 سنةً ) ، هِىَ سِلْسَلِةُ " أَوْلادِنا " ، التى أَشْرَفَ علَى إصدارِها المُرَبِّى الكَبيرُ محمد فريد أبو حديد عميدُ كُلِّيَّةِ التَّربيةِ فى ذلك الوَقْتِ ، وكتبَ أَوَّلَ كِتابٍ فى السِّلْسِلَةِ وهو " عَمرون شاه " وغيَرهُ ، مِثْلَ " كريمِ الدين البغدادِىِّ " . - وقد بلَغَ حاليًّا عَدَدُ الرّواياتِ التى صدرَتْ فى هَذِهِ السِّلْسِلَةِ أكثرَ من خَمْسينَ عُنوانـًـا ، مِنْ بَيْنِ مُؤلِّفيها ، بـِالإضافةِ إلى " فريد أبو حديد " ، الأساتذةُ عادل الغضبان وعبد التواب يوسف ويعقوب الشارونى ولينا كيلانى ومحمود قاسم وعددٌ كبَيرٌ غَيْرُهم . - ثم تابعت دار المعارف – فى السنوات الأخيرة – إصدار سَلاسِل جديدة لصغار الأطفال ، مثل سِلْسِلَة " حكاية لكل يوم " – وسَلاسِل للسن المتوسطة مثل " مكتبتى " و " أجمل الحكايات " و " يحكى أن " ** كُتُبِ الرائدِ الأستَاذِ كامل كيلانى : وفى الأَرْبعينِيَّاتِ ، بدأَتْ دارُ المَعارفِ فى نـَشْرِ كُتُبِ رائِدِ أدَبِ الأَطْفالِ فى مِصْرَ والعالَمِ العربـِىِّ الأستاذِ كامل كيلانى ، وشارَكَ الرَّسَّامُ الكَبيرُ حسين بيكار فى رَسْمِ بَعْضِها . وبهذا تَلاقَتْ أَهْدافُ دارِ المعارفِ مع ما كانَ يَصْبُو إليه " بيكار " ، هذا الفَنَّانُ المُتميِّزُ ، فى أن تَنْتَقِلَ ريشةُ الرَّسْمِ فى كُتُبِ الأَطْفال ومَجلاَّتِهم من الأيدِى الأجنبــِيَّةِ إلى الأيدِى المِصْرِيَّةِ ، وعلى وَجْهٍ خَاصٍّ ، فى كُتُبِ كامل كيلانى . - يَقولُ الفنَّاُن " حسين بيكار " : عِنْدَما عَرضَتْ علَىَّ دارُ المعارفِ أن أرسمَ كُتُبَ كامل كيلانى ، شَعرْتُ أننى سأفتحُ طريقًا أمامَ الفنِّ المِصْرِىِّ .. قَبْلَ هذَا كانَ الأرمنُ هم رَسَّامو الكُتُبِ ، يَرْسمونـَها بــِغَيْرِ خِبْرَةٍ بــِفَنِّ الرَّسْمِ لِلكتابِ . وأحمدُ اللهَ أننى فتحْتُ البابَ لِلجيلِ الذى أتَى بَعْدِى ، ولم يَعُدْ عيبًا النُّزولُ - بَلِ الصُّعودُ - إلى مَيْدانِ الرَّسْمِ لِلأَطْفالِ . وكانــَتِ هذه الخُطْوَةُ الرائِدةُ لدارِ المَعارفِ ، بــِدايةً لأنْ يُصبــِحَ أدبُ الأطفالِ والرَّسْمُ له ، تَخَصُّصًا مَطْلوبًا فى جميعِ دُورِ النـَّشْرِ ، ومَبْعَثَ فَخْرٍ لمن يُمارِسُهُ . - تـَقولُ جريدةُ " البيانِ " : بـِظُهورِ رائدِ أدبِ الأَطْفالِ كامل كيلانى ، تَبَنَّتْ دارُ المعارفِ نَشْرَ أجملِ وأَهَمِّ أعمالِه لِلأَطْفالِ والناشئةِ . وَارْتـَأى شفيق مترى صاحِبُ الدَّارِ ، أن يُتوِّجَ هذه السَّلاسِلَ بـرِسُومٍ لفنَّانِينَ أجانِبَ مُقيمينَ فى مِصْرَ فى ذلك الوَقْتِ ، مِثْلِ الفنِّانِ الأرمنى ديك أو ديكران فى سِلْسِلَةِ القِصَصِ الفُكاهِيَّةِ ، والفَنَّانِ الإيطالِىِّ موريللى فى سِلْسِلَةِ قِصَصِ شكسبير .‏ وكانَ عامُ 1944 بــِدايَةَ دخُولِ الفنَّانِ بيكار إلى مَيْدانِ الرَّسْمِ لِلأَطْفالِ، وبه بدأ عَهْدٌ جديدٌ لِفَنِّ الكتابِ العربـِىِّ، افتتحَتـْهُ وشرعَتْ فى خَطْوِهِ دارُ المعارفِ ، وكانَ ذَلِكَ ‏، عندَما قدَّمَهُ زميلُهُ الفنَّانُ عبدُ القادرِ رزق إلى طه حسين ، الذى رَشـَّحَهُ لِرَسْمِ أَحْدَثِ طَبعاتِ كِتابـِهِ الشهيرِ " الأيام " .. ومِنْ يَوْمِها تـَوثــَّقَتْ صِلَةُ بيكار بصاحِبِ الدَّارِ شفيق مترى ، الذى عَهِدَ إليه تـَصْميمَ الكُتـُبِ ورسومَها الداخلِيَّةَ ، كما تَوثـَّقَتْ صِلَةُ بيكار بكامل كيلانى ، ومعَهُ قدَّمَ أوَّلَ كُتُبــِهِ المُلوَّنــَةِ : على بابا - وغيرَ ذلك مثلَ سِلْسِلَةِ " رَوْضَةِ الطِّفْلِ " بإشرافِ أمينة السعيد . لقد كانـَتْ دارُ المعارفِ المدرسَةَ الأُوْلَى فى حَقْلِ فُنونِ ورسُومِ كِتابِ الطِّفْلِ ، وهى صاحِبَةُ فَضْلٍ كبيرٍ فى نَهْضَةِ وتـَطوُّرِ ثقافةِ الطِّفْلِ العربـِىِّ . - وقد نشرَتْ دارُ المعارفِ للرائدِ الكبيرِ كامل كيلانى تِسْعَ سَلاسِلَ ، بــِمَجْموعِ (54 ) كتابًا ، ولا تــَزالُ تـُعيدُ طباعتـَها بـِنَجاحٍ كَبيرٍ ، وتَضَمَّنَتْ هَذِهِ السَّلاسِلُ : " قِصَصٌ من أَلْفِ لَيْلَةٍ "- و " قِصَصُ شكسبير " ومِنْ بَيْنِها " العاصفةُ " و " الملكُ لير " و " تاجرُ البندقيةِ " و " يوليوس قيصر " - و " أشهرُ القِصَصِ " ومِنْ بَيْنِها جلفر وروبنسن كروزر - و " قِصَصٌ عربــِيَّةٌ " ومِنْ بينها حىُّ بن يَقْظانَ وابْنُ جُبَيْرٍ - و " قِصَصٌ علمِيَّةٌ " - و"قِصَصٌ هِنْدِيَّةٌ "- و " أساطيرُ العالَمِ " - و " قِصَصٌ فُكاهِيَّةٌ " - و " قِصَصٌ تَمثيلِيَّةٌ " . ** أجيالٌ جَديدةٌ من الرسَّامينَ : وبالتعاونِ ما بينَ دارِ المعارفِ والفنَّانِ حسين بيكار ، بدأَتْ كُتُبُ وصَحافةُ الأَطْفالِ تـَشُقُّ طريقَها بـِنَجاحٍ ، بعدَ أنِ اجتمَعَ حولَ الدَّارِ وفَنَّانِها " بيكار " ، مَجْموعةٌ من المَوهوبينَ فى الرَّسْمِ ، تـَعلَّمُوا مِنْ أستاذِهم وتابَعُوا رُسومَهُ فى مَجلَّةِ سِنْدِباد ، وفيما تُصْدِرُهُ الدَّارُ من كُتُبٍ للأَطْفالِ . - تقولُ مَجلَّةُ " الكُوَيْت " تحتَ عُنوانِ " قِصَصُ الأطفالِ المُصوَّرَةُ ، عالميًّا وعربيًّا " : بَقِيَتِ النـَّهْضَةُ الأدبــِيَّةُ فى مِصْرَ مُحرِّكًا لِصُدورِ الكَثيرِ من الكُتُبِ ، حتَّى بَرَزَ الرسَّامُ " حسين بيكار " ( 1923 - 2002 ) ، الذى شَكَّلَ مُفترَقًا مُهِمًّا فى تاريخِ القِصَصِ المُصوَّرَةِ العربــِيَّةِ . ففى العامِ 1946 أَصْدرَتْ دارُ المعَارفِ أولَ كُتُبِ بيكار المُصوَّرَةِ لِلأَطْفالِ ، تَحملُ عَناوينَ : " على بابا " و " أبوصير وأبو قير " ، وهى عربــِيَّةٌ بــِالكامِلِ بقلم كامل كيلانى ، على عَكْسِ الكُتُبِ السابــِقة . وفى عامِ 1952، أصدرَتِ الدَّارُ مَجلَّةَ " سِنْدِباد " المُصوَّرَةَ بالأَلْوانِ ، وشَكَّلَتْ نقلَةً نوعِيَّةً فى تاريخِ المَجلاَّتِ المُصوَّرَةِ العربــِيَّةِ . ** سِلْسِلَةُ " الكِتابِ العَجيبِ " : وفى الفترةِ من 1964 حَتَّى 1972 ، اصدرَتِ الدَّارُ سِلْسِلَةُ : " الكِتابِ العَجيبِ " للأَطْفالِ ، بدأها بيكار بـِسَبْعَةِ كُتُبٍ ، ثم شارَكَ فى رَسْمِها تحتَ إشرافِهِ عَددٌ مِمَّنْ أصبحوا من أَشْهَرِ الفَنَّانِينَ فيما بَعْدُ ، ومِنْ بينِهم إيهاب شاكر ، وجورج البهجورى ومحيى اللباد ، ويوسف فرنسيس ، وفايزة نجيب وآخرون . - كما تَقولُ جريدةُ " البيان " تحتَ عُنوانِ " دارُ المعارفِ .. قَرْنٌ ورُبْعٌ فى مَيْدانِ النَّشْرِ والمعرفةِ " : أشرفَ الرَّسَّامُ بيكار الذى اشْتُهِرَ بأعمالِهِ الصَّادِرَةِ عن " دارِ المَعارفِ " ، على سِلْسِلَةٍ تُصدِرُها الدارُ بـِعُنوانِ " الكِتاب العَجيبِ " مُخَصَّصَةٍ للأَطْفالِ ، وذلك فى بـِدايَةِ السِّتينياتِ من القَرْنِ الـعِشْرينَ . وكانــَتْ تعتمِدُ على قِصَّةٍ يكتبُها ويَرْسِمُها أحدُ الفنَّانِينَ من تلاميذِهِ بــِالفُنونِ الجَميلَةِ .‏ وكانــَتْ هذه الإصْداراتُ التى قدَّمَتْها دارُ المعارفِ بــِدايَةً لِظُهورِ فَنَّانِيَنُ مُتخصِّصينَ فى أَدبِ الأَطْفالِ‏ . وتَوالَتِ المُحاوَلاتُ علَى أَيْدِى العَديدِ من فَنَّانينا الكِبارِ ، مِنْ أمثالِ : حجازى ومصطفى حسين وحلمى التونى وبهجت ، وأصبحَ كلٌّ منهم أُسْتاذًا ومَرْجِعًا فى عالَمِ الطُّفولِةِ ‏،‏ وهكذا كانــَتْ دارُ المَعارِفِ مَدْرسَةً أولَى فى فَنِّ كِتابِ الطِّفْلِ .‏ ** السَّلاسِلُ الدينِيَّةُ لِلأَطْفالِ : وكانَ شفيق مترى صاحِبُ دارِ المَعارِفِ ، مُستنيرًا ، صاحِبَ فهمٍ دقيقٍ للبيئَةِ العربـِيَّةِ فى مِصْرَ وبَقِيَّةِ العالَمِ العربــِىِّ ، فأَصْدَرَ العَديدَ من السَّلاسِلِ الدِّينِيَّةِ لِلأَطْفالِ ، مِنْ بَيْنِها مَجموعةُ " قِصَصِ الأنْبياءِ " ، بإِشْرافِ محمد أحمد برانق . وتَميَّزَتْ هذه السِّلْسِلَةُ بأُسْلوبٍ سَهْلٍ مُمْتِعٍ ، وإخْراجٍ جَميلٍ ، وخُلُوٍّ تامٍّ من الشَّوائِبِ‏ . - وتُواصِلُ دارُ المَعارفِ – بـِنَجاحٍ كَبيرٍ - إصْدارَ سَلاسِلَ دينِيَّةٍ مُتَمَيِّزَةٍ للأَطْفالِ ، تـُلاقِى كُلُّها إقبالاً غَيْرَ مَسْبوقٍ ، مثل سَّلاسِل كُتُب : " أمهات المؤمنين " - " سيرة الرسول " - " قِصَص الأنبياء " - " الصحابة " - " كائنات وجمادات تكلمت فى القرآن والسُّنـَّة " . ** " الأيامُ " لِعَميدِ الأدَبِ العربـِىِّ " طه حسين " : وكانـَتْ خُطْوَةً غَيْرَ مَسْبوقَةٍ فى كُتُبِ كبار ِالأُدَباءِ التى تُقَدَّمِ لِلنَّاشِئَةِ واليافِعينَ ، أن تَستعينَ دارُ المَعارِفِ بـِريشَةِ كِبارِ الفَنَّانِينَ المِصْرِيينَ لِرَسْمِ أَغْلِفَةِ الكُتُبِ ورُسومِها الدَّاخلِيَّةِ . وبدأَتْ ذَلِكَ بــِكِتابِ " الأيامِ " ، أَشْهَرِ سيرَةٍ ذاتِيَّةٍ فى الأدَبِ العربــِىِّ ، وقامَ بـِذَلِكَ الفنَّانُ " حسين بيكار " . - يَقولُ الفنَّانُ الكَبيرُ محيى الدين اللبَّاد ، الرَّسَّامُ وصانِعُ الكُتُبِ كما نـُطْلِقُ علَيْهِ الآنَ : مَنْ مِنـَّا لا يتَذكَّرُ " الأيامَ " ، الَّتِى رَسَمَ بيكار الغلافَ والرُّسومَ الدَّاخلِيَّةِ لِجُزْئِها الأَوَّلِ عامَ 1944 ، بــِناءً على طَلَبِ كاتبـِها الدُّكتور طه حسين . لقد كانَ إنْجازُ بيكار لِهذَا الكِتابِ ، هُوَ البـِدايَةَ الحَقيقِيَّةَ لِفَنِّ الكِتابِ فى العالَمِ العربــِىِّ : فَنِّ التَّصميمِ الجرافيكِى ورُسومِ الكُتُبِ بــِمَعْناهُ الحَديثِ . ** كُتُبُ الثَّقافَةِ العلمِيَّةِ : ولأننا نــَعيشُ عَصْرِ العِلْمِ والمُنْجَزاتِ العلمِيَّةِ ، وكُلُّ ما يُحيطُ بنا ، وما لا نستطيعُ الحياةَ إلا بالتعامُلِ معَهُ ، يَسْتَنِدُ إلى العِلْمِ و " التُّكنولوجيا " ، أى تـَطْبيقِ المُنْجَزاتِ والمُكْتَشَفاتِ والاخْتِراعاتِ العِلْمِيَّةِ علَى النَّواحِى العَمَلِيَّةِ فى الحَياةِ .. فقد اهتمَّتْ دارُ المعارفِ، منذُ وَقِتٍ مُبكِّرٍ ، بكُتُبِ الثَّقافةَ والمَعْرِفَةِ العلِمَّيةِ . - ومن أَهَمِّ ما قدَّمَتْهُ منذُ بدِايَةِ سَبعينَّياتِ القَرْنِ العِشْرِينَ ، سِلْسِلَةُ كُتُبِ " كُلِّ شَىْءٍ عن"- وهى سِلْسِلَةٌ مُترجَمةٌ ، مُمتازةٌ فيما تَضمَّنَتْهُ من مَعْلوماتٍ ورُسومٍ ، تناولَتْ خَمْسَةً وعِشْرينَ موضوعًا تَدورُ حَوْلَ ما يُثيرُ اهْتِمامَ النـَّاشِئَةِ واليافِعينَ ، مِثْلِ الأَقْمارِ الصناعِيَّةِ ، وعَجائِبِ الكيمياءِ ، والبــِعْثـَاتِ العلمِيَّةِ الشَّهيرَةِ ، والوراثةِ ، والبَراكينِ والزَّلازِلِ . - وتُواصِلُ الدارُ حاليًّا إصدارَ عَدَدٍ من سَلاسلِ الكُتُبِ للأَطْفالِ حولَ الثقافةِ العلمِيَّةِ ، مِنْ تـَأْليفِ العُلَماءِ والمتخصصين المِصْرِيينَ والعَرَبِ ، مِنْ بَيْنِها سِلْسِلَةُ "حكاياتٍ علمِيْةٍ " ، التى تدورُ حَوْلَ مَوضْوعاتٍ مِثْلِ الإنترنت - الاسْتِنْساخِ - الليزر - عالَمِ الصَّوْتِ - جِهازِ المَناعَةِ - الذَّكاءِ الاصْطِناعِىِّ . وتـُقَدِّمُها دارُ المعارفِ قائلةً : فى أُسْلوبٍ قَصَصِىٍّ مُمْتِعٍ ومُشَوِّقٍ ، تـُقَدِّمُ دارُ المَعارفِ لشبابِ هذا الجيلِ عُلومَ القَرْنِ الحادِى والعِشْرينَ بـِمُختلفِ فروعِها ، لِيتمكَّنَ شبابُ الَيْومِ من اقْتِحامِ أبوابِ القَرْنِ القادِمِ مُسلَّحِينَ بالعِلْمِ الحَديثِ ، الذى هو لُغَةُ المُستَقْبَلِ الوحيدةُ . - وسِلْسِلَةُ " ماذا تعلمُ عن " ، وتَتناولُ مَوْضوعاتٍ مِثْلَ " كَيْفَ نشأَتْ لُغَةٌ الإنْسانِ" - " الحَياةُ فى أعْمَاقِ البـِحارِ " - " النباتاتُ الذكِيَّةُ " - " لُغَةُ الحَيوانِ " - " صُوَرُ الحَياةِ فى الفَضاءِ " - " الأَغْذِيَةُ المُعدلَّةُ وراثِيًّا " ، وعشراتٍ غَيْرِها مِما يُثيرُ تَساؤلاتِ الصِّغارِ ، بل والكِبارِ أيضـًـا . - وسِلْسِلَةُ " مَوْسوعةُ الكائناتِ الحَيَّةِ " ، التى تــَدورُ حَوْلَ مَوْضوعاتٍ مِثْلِ "مَمْلَكةُ الفِطْرياتِ " - " مَمْلكَةُ النَّباتاتِ " - " غَرائبُ الطُّيورِ والثَّدْيـِيَّاتِ " . - كما تقدم الدارُ سَلاسِل علمية أخرى ، مُبَسَّطِةٍ ، وفى أسلوبٍ سهلٍ مشوق . ** سَلاسِلُ الكُتُبِ الفِّنِيَّةِ - سِلْسِلَةُ " كُنوز ": كذلك اهتمَّتَ دارُ المعارَفِ أن تـُقدِّمَ ، مُنْذُ بــِداياتِ القَرْنِ الحادى والعِشْرينَ ، سَلاسِلِ كُتُبٍ للأَطْفالِ واليافعِينَ تَتناوَلُ مُختلفَ مَوْضوعاتِ الفُنونِ ، من أهَمِّها سِلْسِلَةُ " كُنوز " ، التى يَدورُ كلُّ كِتابٍ منها حَوْلَ أهمِّ الكُنوزِ الفنيَّةِ التى تَحْتَوِى عَليها المتاحِفُ العالمِيَّةُ ، مِثْلِ المُتْحَفِ المِصْرِىِّ بـِالقاهِرَةِ ، المُتْحَفِ الإسْلامِىِّ بـِالقاهِرَةِ ، ومُتْحَفِ اللوفر فى باريس ، ومُتْحَفِ توب كابى ( مُتْحَفُ الإمبراطورِيَّةِ العُثمانِيَّةِ ) فى تركيا ، وَغْيرِها من المَتاحِفِ . تُقَدِّمُها دارُ المَعارِفِ قائلةً : أَجْمَلُ ما تَحْرِصُ عليه المَتاحِفُ الكُبْرَى والقُصورُ الأثرِيَّةُ من كُنوزِ الفَنِّ والآثارِ ، فى مِصْرَ والعالَمِ ، تُقدِّمُهُ " دارُ المعارفِ " للِناشِئَةِ والشَّبابِ فى هَذِهِ السِّلْسِلَةِ من الكُتبُ ، تَعْبيرًا عَنْ أَرْوعَ ما أبدعَتْهُ الحضَاراتُ الكُبْرَى للإنسانِيْةِ من فُنونٍ ، فى إطارٍ يجمعُ بين التعبيرِ السَّهْلِ المُشِّوقِ الواضِحِ ، والصُّورَ واللَّوْحاتِ الجَذَّابَةِ المُلوَّنـَةِ ، التى تَجْعَلُ من كُلِّ كتابٍ كَنْزًا حقيقِيًّا يَحْرِصُ عليه كلُّ فتًى وفَتاةٍ ، ويَعْتَزُّ به الآباءُ والأُمَّهاتُ وكُلُّ العاملِينَ فى التَّربــِيَةِ والتَّعليمِ . الخاتمة لقد ظَلَّتْ دارُ المَعارفِ ، منذُ النِّصْفِ الأوَّلِ من القَرْنِ العِشْرينَ ، دارَ النَّشْرِ العربــِيَّةَ الرَّائدةَ فى مَجالِ نَشْرِ كُتُبِ ومَجَلاَّتِ الأَطْفالِ ، وانُطَلقَتْ - بـِجِدِّيَّةٍ وفَهْمِ وتَصْميم -بهذا المَجالِ الحَيَوِىِّ والمُهِمِّ إلى آفاقِ العالمِيَّةِ ، مُتعاوِنـَةً فى ذلك مع رُوَّادِ الكِتابَةِ والرَّسْمِ لِلأَطْفالِ ، فَحَقَّقَتِ التِفافَ أَطْفالِ وناشِئَةِ الوطن العربــِىِّ حَوْلَ ما تُقدِّمهُ لَهُمْ من إبْداعٍ أدبــِىِّ وفنىٍّ وثقافةٍ عِلْمِيَّةٍ . واضِعَةً بذلك الأُسَسَ السَّليمَةَ الرَّاسِخَةَ لِنَشْرِ كِتابِ الطِّفْلِ المُتمِّيزِ ، فى مِصْرَ والعالَمِ العربــِىِّ كله . يعقوب الشارونى

ليست هناك تعليقات: