2014/05/29

الاحتفاء بستِّين ناجي نعمان في الحركة الثقافيَّة

الاحتفاء بستِّين ناجي نعمان

في الحركة الثقافيَّة
 
على دعوة من المجلس الثقافي في بلاد جبيل والحركة الثقافية – أنطلياس، جرى الاحتفاء بستِّين ناجي نعمان، أديبًا وناشرًا وناشطًا ثقافيًّا، في مسرح الأخوَين رحباني بحضور حشدٍ كبيرٍ من المهتمِّين.
بعد النَّشيد الوطنيّ، افتتح الشَّاعر الياس خليل الحفل بقصيدة، منها: "إِنتِ الْحِجِّهْ والْبُرْهَانْ/ إِنْتِ الْعِفِّهْ والإِيْمَانْ/ إِنتِ الْفِكْرَهْ والصُّوْرَهْ/ إِنْتْ حْكَايِهْ وْأُسْطُوْرَهْ/ إِنتِ الرِّيشِهْ وِالأَلْوَاْنْ/ إِنتِ النحَّاتِ الْفَنَّاْنْ/ إِنتِ الأَدِيْبِ الْمَوْهُوبْ/ بْتِهْدِي النَّاسْ حْبُوْبْ قْلُوْبْ/ إِنتِ الْكَرِيْمِ النِّعْمَانْ/ عْلَيْنَاْ بْيَاقُوْتْ وْمِرْجَانْ/ إِنتِ الصَّدِيْق ِ الْغَالِيْ/ مِتْوَاضِعْ لَكِنْ عَاْلِيْ/ حَامِلْ إِنْجِيْلْ وْقُرْآنْ/ وْمَحْبُوْبْ بْكِلِ الأَدْيَانْ/ كَنْزْ كْبِيْر بْيِغْنِيْنَا/ وْإِِحْسَاسْ مْشَلَّشْ فِيْنَا/ دَاْرَكْ دَارِ الإِسْتِحْسَانْ/ عَا الْفِكْرْ رْفَعْتِ الْبِنْيَانْ/ وْتَاْرِيخِ الْحُبْ بْقَلْبَكْ/ أَقْدَمْ مِنْ مَجْدْ بْعَلْبَكْ/ وِكْتَاْبِ الْكِلْمِهْ بْلُبْنَانْ/ مِتْلِ الْجَوْهَرْ بِالْمِيْزَاْنْ/ عْمِلْتِلُّوْ أَكْبَرْ قِيْمِهْ/ لمَّا عْمِلْتو بِالْمَجَّانْ".
وألقى المحامي جورج بارود كلمةً باسم الحركة، فتكلَّمَ على ناجي نعمان الذي ما زالَ، كما عرفَه منذ بداية الثمانينيَّات، "على شبابه، وعطائه، وهدوئه، ورصانته، وتعلقه بالكلمة، والتزامه الثقافة، يوزِّعها بالمجَّان من داره الجارة، وما أروعَ جيرة الفكر والأدب".
وأمَّا السَّفير الدُّكتور ظافر الحسن فأنشدَ قصيدةً جاءَ فيها: "مَشقَ اليراعَ مُهنّدًا في الحقّ مصقولَ السّنانْ/ آنًا، وآنًا لامسَتْهُ يمينهُ كالصَّولجانْ/ فعطاؤهُ الفكريُّ بُشرى بالمحبَّة والحَنانْ/ وتسامحٌ وصداقةٌ وندًى ووِقْفةُ عُنفوانْ/ وبراءةٌ ونَصاعةٌ منها يغارُ الأقحوانْ/ لكأنَّ طيبَ مذاقهِ خمرٌ عُتاقٌ في دِنانْ/ أَدبٌ تخالُ جَزيلَهُ لصَلابةٍ من سِنديانْ/ ورقيقُهُ عنْدَ التَّرفُّق ِ في لُدونةِ غُصْنِ بانْ/ هذا هوَ النَّعمانُ، سيِّدُ نفسـهِ عَفُّ اللِّسانْ/ هذا المُروِّجُ للثَّقافةِ وابْتكاراتِ البَيانْ/ ما خَطّ إِلاّ ما لِصَونِ كرامةِ الإنسانِ كانْ/ ولمجدهِ ولمِتعةِ التَّذكيرِ بالشِّيَم الحِسانْ".
وتكلَّمت الدُّكتور إلهام كلاَّب البساط على كتاب نعمان الأخير، "العدَّاء"، وهو الكتابُ السِّتُّون يُصدره في عمر السِّتِّين، وممَّا قالته: "أستعيرُ اسمَك المُوحي لأؤكِّدَ لك أنَّك الوحيدُ بيننا النَّاجي من الحَسرة على سنينَ ضائعةٍ، وقد تحالَفتَ مع السَّاعاتِ والدَّقائق، وبنَيتَ أوابدَك الفكريَّةَ كلمةً كلمةً، حجرًا حجرًا، وقلوبًا كثيرة... ولا يزالُ هذا النُّورُ البعيدُ الذي ناداك منذ يفاعتك يدعوك إلى الانعِتاق وإلى العَدْوِ... وأنتَ تعرفُ إلى أين... أحياةٌ واحدةٌ تكفي؟ كثَّفَ اللهُ أعمارَك، وأطالَ سنواتِك الغزيرة، وأدخلَنا في رِحاب ملكوتك".
وكانت كلمةٌ للشَّاعر أنطوان رعد، باسم المجلس الثقافي في بلاد جبيل، أوردَ فيها النَّاحية المجَّانيَّة في أنشطة نعمان الثقافيَّة، فقال: "ناجي نَعمان لا يقوم بدور "بابا نويل" فحَسب، بل يؤدِّي دورَ القائمَقام أيضًا، مُكتَفيًا بلقب صاحب السَّعادة بدلاً من لقب صاحب المعالي، إذ يقومُ بالدَّور الذي يُفتَرَضُ في وزارة الثَّقافة أن تضطلعَ به، وذاك لقبٌ يُرضيه ويُسعدُه عملاً بما جاء في فصل العطاء من كتاب "النَّبيّ" لجبران خليل جبران: "وهنالك مَن يُعطون وهم جذلون فجذلُهم ثوابُهم".
وتكلَّم الأديب جورج مغامس، فقال في المُحتفى به: "الكريمُ النَّبعةِ، البَهيُّ الطَّلعةِ، النَّقيُّ السُّمعةِ، السُّكّريُّ العِشرةِ، السَّلاميُّ النَّزعةِ، الأَريَحيُّ الخُلُقِ، الأَنَسيُّ الخواطرِ والخُطَبِ، فتى الأحشاءِ لا الأشياءِ، السُّلَّميُّ المَقاماتِ، دَوّارُ الشَّمسِ في فَضاءِ الجَساراتِ البِكْرِ يَقطِفُ أنجمًا يَزرعُ أقمارًا... واسطةُ عِقدِه مَلَكةٌ أدبيّةٌ استَوتْ على عَرشِ ما طرَّسَ وطرَّزَ قَدَرًا سَويًّا، صِنوانِ في سُدرةِ مَغانيها: عُروةُ الثَّقيفِ الحَصيفِ، وسُداها الكاتبُ المُكْتِبُ الرّسولُ. فهو، في الزّمنِ العَجيفِ، من سُرُجٍ فُرادى، عَزّتْ نَواصيها على قُدرةِ القادرينَ، يُكثِّرُ خبزَ الكلمةِ، يُطعِمُ السَّمكَ! «كعدّائه» هو، هذا المَنذورُ لكرامةِ القلَمِ، يَعدو ويَعدو، ما بينَ يَقْظَةِ حُلُمٍ وحُلُمِ يَقْظَةٍ، على خطوطِ العَرضِ والطُّولِ في وجدانِه الكشّافِ، يَجبهُ يَشقى يَدمى.. يَصدعُ يجوزُ يفوزُ.. يُصيبُ أَكؤسَ الإعجابِ، ولا تَسقطُ زَردةٌ واحدةٌ من درعِ نِزالِه أو خَرزةٌ من قِلادةِ نُبلِه الوهّاجِ".
وبعدما افتتح الدُّكتور إميل كَبا كلمتَه بقصيدةٍ مطلعُها: "أن تُرسلَ الوردَ أعيادًا وأدعيةً/ أو تُوقفَ العمرَ للخُلاَّنِ صنْوانِ/ فالوردُ، جُرحُ الهوى، ما مثلُه كرمٌ/ والعمرُ أَعطِيةٌ تُجزى بعِرفانِ/ أردف: "أَنثني، بُعيدَ خَوْضي بحاركَ، غانمًا لؤلؤتَين اثْنتَين: أولى.. أنّي معك، أيُّها الصَّديق، الغربةُ قد ارتدتْ رداءَ الأُلفة، فصرتُ كما لو أنَّ بيداءَ قد زُرعتْ واحات، أو أنَّ سماءً ماحلةً قد نجَّمتْ فاستطارتْ رُواءَ؛ وثانية.. أنَّكَ معي أَخي، نزيلُ قلبٍ يقرَعُ هو الآخرُ رِتاجَ هذا الدَّهر علَّه يَنْشَقُّ فنحظَى بأنوارِ ما بعدَه، فصرْتُ كما لو أنَّ قبضتَكَ إلى ذراعي مَددُ نداء يعضُدُ تسْآلي، وتَسقُطُ مِنْ ثَمَّ من أمامِ مُنانا أرصادُ هذا الوجود وطلاسمُه".
وانبرى الدُّكتور يوسف عيد يُلقي قصيدتَه، ومنها: "أيُّها النَّاجي: غارقُ الكفَّينِ في الأيَّامْ/ إنْ ليس ببالي إلاَّ يداكْ/ بالحبقْ، بالنَّورْ، نترسَّمْ خُطاكْ/ أوْ هلِ الثَّقافةُ المجَّانْ/ إلاَّ من قميصِ الملائكةِ تُحاكْ؟/ إنْ بلغتَ السِّتِّين يا ابنَ العشرين/ فلا عيبَ في السَّوسنْ أو في عمرِ الياسمين/ بارًّا بوالدَيكْ والقلمْ، فلا أزاغَ فيكَ هوًى/ ولا استهوَتْكَ نوازعْ، ولا سرقَتْكَ مَطامعْ/ على اسم أبيكْ عمَّرتْ، وإيَّاه خلَّدتْ، وإني أتبصَّرُهُ فرِحًا بما أتيتْ".
وختمَ ناجي نعمان بكلمة شكرٍ، فرفعَ صلاةً "إلى حَريصا، مَمَرِّ القدِّيسينَ إلى السَّماء، حيث مِتري وأنجليك يَتعانقان، فيما يَراعةُ بولُسَ تَدفُقُ الحِبرَ عِطرا، وحِضنُ العذراءِ يَنثُرُ وَردا، ويَدُ اللهِ، يَدُ اللهِ تَرعى"، وهمسَ امتنانًا لمَن قادوه إلى الحركة الثقافيَّة "فاختَطفَتْه رياحُ الأبجديَّةِ الجُبَيليَّةِ، هو ابن كَسرَوان، وحَطَّتْ به في مَتنِ المَتن"، ورجا عفوًا "مِمَّن أسبَغوا عليه من لَطائِفِهم، فمَحبَّتُهم أثقلَتِ كاهِلَه... والأملُ في أنْ يستأهِلَ يومًا ما مَحَضوه من صِفاتٍ حَسَنةٍ، بَل فَضائل"، وطلب عذرًا ممَّن قصَّرَ في حقِّهم، "فالثَّقافةُ، والكتابةُ معها، أخذَتاه؛ حاوَل أنْ يُجنِّنَهُما، أنْ يَتعبا منه، فجَنَّنَتاه، وأتعَبَتاه. لكنَّه "العَدَّاءُ"، وسيعدو إلى خطِّ النِّهاية المَحتوم". ثمَّ "أعلى الكأسَ لجميع الحاضِرين، وللأدب والثَّقافة، ولكلِّ عامِلٍ في أيِّ حَقلٍ من حُقول اللاَّمَردود والمجَّانيَّة"، مُضيفًا: "وأمَّا المُرتَجى فإضافةُ مِدماكٍ، ولَو بسيطًا، في عِمارة الحَضارة المُتأنسِنَة".
وكان نخبُ المناسبة وتوزيعٌ مجَّانيٌّ لألفَي كتابٍ في 25 عنوانًا صادرًا في لغاتٍ مختلفة، من جديد دار نعمان للثقافة ومؤسَّسة الثقافة بالمجَّان.

ليست هناك تعليقات: