2014/07/23

طوسون لمجلة الإذاعة والتلفزيون: نفتقد الجهد النقدي الذي يسلط الضوء على الأدباء وأعمالهم الأدبية




طوسون لمجلة الإذاعة والتلفزيون: نفتقد الجهد النقدي الذي يسلط الضوء على الأدباء وأعمالهم الأدبية
حوار: هانم الشربيني

هل توقعت فوزك بالجائزة؟
من الصعب أن أقول توقعت، لا يوجد توقع في الجوائز.. التوفيق عامل حاسم في الحصول على أي جائزة، لأننا بصدد محكمين لهم ذائقتهم الشخصية التي تختلف من لجنة تحكيم إلى أخرى.. العام الماضي كان حلمي بالفوز بالجائزة في فرع القصة القصيرة أكبر، لكن مجموعتي "فتاة البحر" جاءت في المركز الثالث ولم تفز، هذا العام كان مجرد أمل يداعب النفس من بعيد، رجاء من الله أن يرزقني التوفيق حتى فوجئت باسمي ضمن الفائزين بالمواقع الإلكترونية التي كانت تتابع اجراءات التصويت على جوائز الدولة وكانت سعادتي غامرة بطعم الجائزة الأولى وكأنني لم أفز بجوائز من قبل.
هل تقدمت بنفسك للجائزة، وما هي أجواء كتابة الرواية؟
بالطبع، في جوائز الدولة التشجيعية يتقدم الكتاب بأعمالهم وفق الشروط التي يعلن عنها المجلس لمنح الجوائز.. كتبت هذا العمل بعد أن تقدمت بمشروع لكتابة رواية للناشئة لمؤسسة محمد بن راشد للإبداع وفاز المشروع بمنحة نشر الرواية وكان لزاما علي أن أكتب المشروع الذي فاز بمنحة النشر خلال فترة زمنية محددة لينشر بدار روائع مجدلاوي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد وإذا لم انته من كتابة الرواية في الوقت المحدد لضاعت فرصة النشر.. كنت أكتب تحت ضغوط كبيرة، لكنها كانت فرصة ليطبع الكتاب طباعة فاخرة ويوزع عربيا بصورة أكبر.
هل تعتقد أن الجوائز إنصاف للعمل الأدبي والكاتب؟
الجوائز بمثابة تسليط ضوء على العمل وعلى الكاتب، نحن نفتقد الجهد النقدي الذي يقوم بهذا الدور في مجتمعاتنا العربية، والجوائز قد تكون بديلا مؤقتا إلى حين أن تنهض الحركة النقدية بدورها، فالجوائز تشير إلى أعمال وكتاب، لكنها تغفل أعمالا أخرى وكتابا أخر، لكن لا شك أن الجوائز محفزة، والمبدع في حاجة دوما إلى التقدير المعنوي، وأيضا التقدير المادي الذي يساعد أحيانا في تحمل عبء الحياة ومسئولياتها وبخاصة أن الكتاب في بلادنا يعانون من خلل واضح في علاقتهم بالناشرين سواء مؤسسات عامة أو خاصة وما يحصلون عليه مقابل نشر كتاب يكاد يكون رمزيا، بينما الكتاب في الغرب يتعيشون من عائد نشر كتاب واحد.
حصلت على العديد من الجوائز، لكن هل تمثل جائزة الدولة مكانة خاصة لديك؟
جائزة ترتبط باسم الدولة لابد أن تكون لها مكانة خاصة، اسم مصر إذا ارتبط بجائزة فهي أكبر من أي جائزة أخرى ولا تدخل في مقارنة معها.. الحلم بالفوز بجوائز الدولة يداعب كل الفنانين والمبدعين في كافة المجالات، وسيظل حلما للمبدعين أن يسطروا أسماءهم في كشوف الفائزين بها. المبدع في حاجة إلى الشعور أن الوطن على صله به يقدر ابداعه وأفكاره وتفانيه من أجل وطن ومستقبل أفضل، برغم ما قد يسببه هذا الموقف من خلاف مع الحكومات وأنظمة الحكم المختلفة، ولا يجب أن يقصى كاتب أو مفكر أو مبدع لموقف سياسي لأن دور المثقف والمبدع دور تنويري استشرافي يحاول أن يصحح دائما المسار ويضيء الطريق نحو المستقبل.
لك رأي أن مستقبل الثقافة مرتبط بوضعية المثقف، فكيف ترى وضعية تلك العلاقة، وهل الثورة لها تأثير على الأدب؟
ليس مستقبل الثقافة فقط، بل مستقبل الوطن.. المثقف الحقيقي مثل الأنبياء صاحب رسالة، والتاريخ حافل بأمثلة المفكرين الذين دفعوا حياتهم ثمنا لأداء رسالتهم لرفعة ومستقبل أوطانهم، لكننا كي نتخيل مثقفا يحمل رسالة سامية يجب أن نوفر له البيئة المناسبة، آفة مجتمعاتنا أنها مجتمعات أصبحت تنظر إلى الثقافة والفنون على أنها نوع من رفاهية النخب، وبعض المثقفين للأسف راقتهم صورة (النخبوي المتحذلق)، المثقف لن يكون صاحب رؤية إلا إذا امتلك حريته كاملة، وكيف نتحدث عن حرية للمثقف وهو يستجدي علاجه إذا مرض، ويعاني في الحصول على قوت يومه.. نحن بحاجة إلى حرية المثقف التي تتجاوز أحيانا مخيلة العامة عن الحرية من أجل مستقبل أرحب للجميع، وإذا لم يعد المثقف والعالم والفنان لصدارة المشهد الاجتماعي فإننا سنكون بإزاء خلل كبير يهدد مستقبل وطننا وما نتمناه له من رفعة.
بالطبع الثورات تؤثر في كل مناحي الحياة، وإذا كان الأدب مبشرا وداعيا إلى الثورات، إلا أنه أيضا يتأثر بالحراك الثقافي المجتمعي الذي تخلفه الثورات ويؤدي إلى خلخلة كل المفاهيم الراسخة في المجتمع ومراجعتها.. ولعلنا نرصد الأسماء والكتابات التي تأثرت بثورة يوليو ونتج عنها ما يعرف في مصر بكتابة وكتاب الستينات الذين ظلوا يتصدرون المشهد الثقافي للحظتنا الراهنة.
وهل ظهر إبداع الثورة بعد؟
لا أعتقد.. إبداع الثورة يحتاج إلماما بالمشهد كاملا وفرصة للتأمل دون التورط في اللحظة الآنية.. ما يكتب الآن ويدعي الانتساب لإبداع الثورة أقرب للكتابة التسجيلية من كادر واحد.. ابداعات الثورة مازالت تحتاج إلى المزيد من الوقت لتعي ماحدث وتعي نتائجه التي مازالت لم تتضح كاملة لتتشكل ملامحها.
وهل الواقع السياسي يؤثر عليك؟
بالطبع المبدع شديد التأثر بمجتمعه وبما يحدث حوله، والواقع السياسي دائما ما يكون محرضا للكاتب لمقاومة كل مظاهر القهر والظلم وغياب العدالة.. لا يوجد مجتمع مثالي، والمثقف عليه أن يكون ضمير أمته ويقف دائما في صف البسطاء وضد كل ما يخالف أو ينتهك الحرية والخير والجمال.
تكتب للأطفال وتجمع ما بين الرواية والقصة القصيرة، فهل تختار الكتابة شكلها أم أنك تفضل لونا أدبيا بعينه يتيح لك حرية ما؟
أنا مؤمن أن الكاتب إذا ما امتلك أدواته قادر على الكتابة في كل الأشكال الأدبية حسب موهبته، لكن المجالات السابقة كلها تنبع من معين الكتابة السردية.. وبالطبع كل كتابة تختار شكلها، ولكل كتابة جمالها ومتعتها الخاصة.. الرواية عالم يتسع ليشمل كل الفنون وتعطي كاتبها حرية أكبر ويعايش من خلالها الكاتب حياة أبطاله وحين ينتهي الكاتبة من رواية فإنه يشعر بغصة فقد أبطاله الذين عاشوا معه طيلة كتابته للعمل.. القصة القصيرة لها متعة خاصة لا يعرفها إلا كتاب القصة.. متعة الإمساك باللحظة القصصية، لا توجد متعة تعادل متعة كتابة قصة جيدة.. أما عالم الكتابة للأطفال فهو السحر الذي يعود بنا لبراءتنا وللاستمتاع بما حولنا.. الكتابة الجيدة كلها أشبه باللعب الممتع مهما تعددت أشكالها واختلفت.
حدثنا عن موضوع روايتك، وهل تعتقد أن موضوع الرواية كان سببا من أسباب فوزها؟
تدور أحداث الرواية عن شخصية (يقظان) بطل قصة في كتاب يكتشف فجأة هروب كل أبطال القصة من صفحات الكتاب والذي يتقابل مع الطفل يوسف الذي تفكر والدته في بيع المكتبة ليساعدها ثمنها في مواجهة أعباء الحياة، لكن الكتب كانت قد قررت الهروب قبلها احتجاجا على اساءة معاملتها بتركها فوق الأرفف دون قراءة، فيتعاون الصديقان يوسف ويقظان لانقاذ أبطال القصص والكتب من المواقف والمغامرات التي تعرضوا لها ومطاردة المقنعين لهم للقضاء على العلم والمعرفة والثقافة على الأرض.. وتظل كلمات السيد كتاب ليوسف كلمات ملهمة ( كل الأفكار العظيمة بدأت كأحلام بدت صعبة على التحقق، لكن مع مرور الأيام تحققت وباتت حقيقة، فالأفكار لها حياة مثلها مثل باقي المخلوقات، ومن المهم أن نرعاها ونحتضنها حتى لا تموت) لذا فنحن بحاجة دائما إلى شخص ذي خيال واسع ليجمل حياتنا بالجديد من الأفكار.
أحمد طوسون
قاص وروائي وكاتب أدب طفل
نشر بمجلة الإذاعة والتلفزيون عدد 19 يوليو 2014

ليست هناك تعليقات: