إنها تمطر جثثا وتمطر لجوءا
بقلم : عبد القادر صيد
حينما ترقص حوافر الحقد
المسعورة على أنغام الرعد فإن خريطة البطريق الراقص تعتصر ألما، و تتقطر دموعا حتى الثمالة ،ثم تلوى
، لتُعصر كإسفنجة تمطر جثثا، و تمطر لجوءا ..
قطرة
أنا من الإسفنجة ،لم أتبخر بعد ..لاجئ أنا ..مسافر عبر عيون الناس.. مسافر
عبر العيون التي صارت قبورا لا تضم ضمة حنان و إنما تضم ضمة تعزير، و لا تسأل سؤال
اشتياق و إنما سؤال محاسبة.
كسرت
سلاسلي الثقيلة من على رجلي ، و حملتها على رقبتي عساني أن أبيعها لمن يضعها في
متحف البطولات العربية لكي أقتات بثمنها و لو ليوم واحد .ضاق ظهري بجثث أحبابي فدفنت
معهم أحلامي ، و تخففت في طريقي كسفينة يونس تضحّي ببعض ركابها، و من حسن حظنا
أننا لم نقترع ،بل كان الاختيار لأشباح الفتك.. ثلاثة فقط كانت قدرا خارج
الاختيارات :الخوف و الجوع و الشرف ..كل أنواع الفتك كانت تخطئها ،و
حملت على ظهري أيضا بعض الشظايا لأقصها قطعا و أجعلها بطاقات زيارة تعرّف بي، و
أترك بعضها لأتخذ من تقطيعاتها خريطة
جديدة لي ، و أبعث بها إلى أرشيف الضمير العربي ، حيث تتجمد القضايا في خزانة
البلاغة و الشعارات ..
ينفجر صحني في يدي قنابلَ تقرع أذني و تقتل فيّ
ما لم يتمكن الفتك من الوصول إليه..فلامبالاة ذوي القربى أشد مضاضة! لولا
كلمة سبقت لامتطيت صحني و طرت به راجعا إلى بلاد النسور .
وحده جواز سفري ينبض ، لأن قلبي استقال من
النبضان منذ أن افتقد من يشاطره ارتشاف الفاجعة .. لا تعامل اليوم إلا مع جواز
سفري ، فهو قلبي و هو وجهي ..أنا مجرد جواز سفر ، إذن أنا غير موجود ! لذلك
لا أبكي على وضعي ، فلا يبكي العدم!فكل أرض وطئتها قدماي تبكيني،..سأصبر قليلا فلعله حلما ما أعيشه، لعل الغشاوة
تنجلي عن طريقي ،و أعود إلى الواقع..لأجد باب الحارة الذي هو سفينة سيدنا الخضر ،
من حرصهم عليه أرادوا أن يعيبوه حتى لا يحلو في عيون الأعداء،فدمروه .. ومن الحرص
ما قتل!
يا ليت العدو تفنن في قصفي بقنابل على هيئة كرات
القدم و أمتع المتفرجين.. لكنت أحظى حينها باهتمام الجميع.. أعطوني فقط حقي
الماديّ في تحطيم الرقم القياسي في تلقي القذائف ، و امتصاص الصعقات نيابة عن البطريق
الراقص ، و سأعيش كريما لا كوباء يخافون
منه ، يجمعونه في سياج.. الضيف في يد المضيف.. و أنا للأسف في ضيافتهم ..في ضيافة البطاريق الراقصة ..فمتى ينتهون من إعداد فطوري؟!
سامحوني
يا سادتي إذا عكرت عليكم صفوكم ، و اختلطت دمائي بمائدة فطوركم ،فلم أفعل ذلك
عمدا، و إنما هو محض الصدفة التي أرجو أن
لا تتكرر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق