في البيت الثقافي - شعبة الحمدانية
ندوة نقدية عن القاص هيثم بهنام بردى
كتابة: د. خليل شكري هياس
في الساعة الحادية عشر من صباح يوم الأحد الموافق 18/ آذار/2012 وعلى قاعة فرقة مسرح قره قوش للتمثيل وبحضور جمع ناهز على المائة من السادة الضيوف وطلبة قسم اللغة العربية في كلية تربية الحمدانية أقامت دائرة العلاقات الثقافية العامة في وزارة الثقافة العراقية/ البيت الثقافي – شعبة الحمدانية، ندوة نقدية خاصة بإبداع القاص هيثم بهنام بردى بمشاركة نخبة من نقاد وأكاديميي جامعة الموصل.
ابتدأت الجلسة النقدية التي أدارها الشاعر والإعلامي غزوان صباح بنبذة تعريفية عن نشاطات البيت، ثم قرأ السيد علي خضر نيابة عن السيدة نسرين حبيب مديرة البيت الثقافي كلمة حيا بها الحضور، وأكد فيها مواظبة البيت الثقافي على إقامة الأنشطة الثقافية والفنية والأدبية.
من ثم قدم عريف الحفل مدير الجلسة الناقد الكبير الأستاذ الدكتور محمد صابر عبيد الذي ارتجل كلمة قال فيها: ( في هذه الأصبوحة الثقافية نحتفي بقامة سردية من قامات الإبداع العراقي هو القاص والروائي المعروف هيثم بهنام بردى، والذي يحتفي بصديقنا المبدع الجميل هيثم البيت الثقافي في شعبة الحمدانية وهي بادرة يشكر عليها البيت الثقافي وندعو من خلال هذه الندوة كل المؤسسات الثقافية هنا وفي كل مكان في العراق أن تبادر للاحتفاء بمبدعينا. ومبدعونا يستحقون فعلاً هذا الاحتفاء.
هيثم بهنام بردى، قاص وروائي وكاتب قصص للأطفال، مجتهد ومبدع أسهم على مدى أكثر من ثلاثة عقود في رفد مسيرة السرد العراقي بالكثير من الإبداع المتميز والنوعي، وكنت من المتابعين لأدب المبدع هيثم منذ زمن بعيد، ويتميز عن زملائه وأقرانه بالخصائص النوعية التي توجهت الآن بعض الدراسات الأكاديمية لقراءتها وتحليلها أكاديمياً، فثمة أكثر من رسالة جامعية تدرس الأدب السردي ولاسيما القصصي عند صديقنا هيثم بردى، لعل في مقدمة هذه الخصائص النوعية قدرة هيثم على استيحاء الواقع المحلي... وهذه ميزة يتميز بها أكثر المبدعين انتشاراً في العالم. نجيب محفوظ حين فاز بجائزة نوبل كتب في تقرير الفوز أن أحد أهم أسباب الفوز أن نجيب محفوظ أفلح في الإجابة على أسئلة الواقع المحلي في رواياته. إذن الاهتمام بالواقع المحلي وتمثيله سردياً هو ميزة لإبداع هيثم، فضلاً على طريقته الفريدة في بناء الشخصية. شخصيات هيثم لمن يتابع وتابع قصصه فيها قدرة تركيزية عالية في عملية البناء. يرّكز اهتماماً بالغاً على طرق وأساليب بناء الشخصية، وكلكم يعرف بأن الشخصية عنصر رئيسي ومركزي من عناصر البناء السردي، فضلاً عن اهتمامه بالمكان، وعلى تجسيد العلاقة الحيوية بين الشخصية والمكان).
ثم بدأت وقائع الجلسة النقدية التي ابتدأت بالدكتور نبهان حسون السعدون، الأستاذ المساعد في كلية التربية جامعة الموصل الذي قدم دراسة واسعة بعنوان (الرؤية المكانية في القصة القصيرة جداً عند هيثم بهنام بردى) تناول من خلالها تجليات المكان في القصة القصيرة عند القاص وبزوايا رؤية متنوعة ومتاميزة عكست خصوصية رؤية هيثم لمكانه ومدى تأثيرات المكان في شخصيته.
الدراسة الثانية كانت للدكتور علي أحمد محمد العبيدي، وهو مختص بالدراسات الموصلية ويعمل في مركز دراسات الموصل التابع لجامعة الموصل، وقد سلط الضوء على البعد التاريخي في إبداع بردى من خلال دراسته الموسومة بــ(البعد التاريخي للشخصية في رواية قديسو حدياب لهيثم بهنام بردى)، وأشار في ثنايا البحث إلى عمق التوظيف التاريخي للشخصيات في هذه الرواية، الذي لا يقف عند حدود الطرح التاريخي بأسلوب أو قالب روائي، بل يتعداه إلى بعث التاريخ من جديد ليكون حدثاً معاصراً، وأرخنة ما هو معاصر ليكون تاريخاً في مسعى من القاص لربط الماضي بالحاضر.
أما الدكتور سالم نجم عبدالله، التدريسي في كلية التربية الأساسية فقد وقف عند الزمن النفسي وتجلياته في قصة تليباثي معنوناً دراسته بـ (الإحساس بالزمن/ قراءة سردية لقصة تليباثي لهيثم بهنام بردى) راصداً جملة من التمظهرات النفسية التي بدت على شخصيات القصة وأشار إلى أن القصة في مجملها قائمة على فن التخاطر الذي يرتبط ارتباط وثيقاً بالعامل النفسي.
الدراسة الرابعة كانت للدكتور خليل شكري هياس الأستاذ المساعد بكلية التربية الأساسية والمنسب إلى كلية التربية/ الحمدانية بجامعة الموصل رئيساً لقسم اللغة العربية فيها، وكانت بعنوان (التجربة الذاتية القصصية/ قصة "المخاض" مثالاً قرائياً). تحدث فيها عن التجربة الذاتية القصصية لهيثم بهنام بردى قائلا: إن قصة (المخاض) تؤسس لتخليد بدايات التجربة الذاتية القصصية عبر رؤية سير ذاتية تقوم على سارد ذاتي يأخذ على عاتقه سرد التفاصيل بأسلوب قصصي يأخذ بنظر الاعتبار صغر المساحة الممنوحة له كون النص ينتمي في جانبه القصصي إلى القصة القصيرة، فيلجأ السارد إلى التكثيف والاختزال وأحياناً إلى التلميح والإشارة تاركاً بذلك للقارئ فجوات قرائية عالية القصدية، والتي تتطلب مسعى حثيثاً من القارئ، لتشكيل فضاء النص، وهي – أي قصة المخاض – تقوم على ميثاق سير ذاتي صريح، والذي يقود إلى خيوط التطابق بين الأنوات الثلاثة (أنا المؤلف – وأنا السارد – وأنا الشخصية المركزية) في النص.
أما الدراسة الختامية فكانت للدكتور فيصل غازي االنعيمي، الأستاذ المساعد بكلية التربية جامعة الموصل، الذي تناول مجموعة (أرض من عسل) الصادرة حديثاً عن دار الحوار، فتحدث عن الدلالات الإنسانية في هذه المجموعة واسماً دراسته بــ (شعرية الدلالات الإنسانية في قصص "أرض من عسل" لهيثم بهنام بردى). وخرجت الدراسة برؤية مفادها: إن قصص "أرض من عسل" تعكس توجهاً فنياً ورؤيوياً وجمالياً وإنسانياً عند هيثم بهنام ، فالمقولات السردية في هذه القصص كشفت عن انفتاح من قبل القاص نحو أجواء إنسانية ووطنية واجتماعية جماعية بعيداً عن ضيق الرؤية الفردية المعتمدة على تجارب أحادية. وهذا لا يعني أن تجربة هيثم في هذه القصص قد استلبت إيديولوجياً بعيداً عن جماليات الشكل السردي بل على العكس من ذلك، فقد أجاد القاص في التوفيق بين جماليات التشكيل السردي والتعبير عن المحتوى المضموني لقصص هذه المجموعة التي تعدّ إضافةً حقيقية لمنجز هذا الكاتب العراقي المهموم بقضايا بلده.
ثم قدمت مجموعة من طلبة قسم اللغة العربية في تربية الحمدانية باقة ورد جميلة إلى المحتفى به أعقبتها توزيع شهادات تقديرية للسادة النقاد والمحتفى به من قبل مديرة البيت الثقافي في الحمدانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق