صدور رواية حياة باسلة للشاعر حسن النواب
عن دار العين للنشر في القاهرة صدرت رواية حياة باسلة وهي الرواية البكر للشاعر حسن النوّاب المقيم في استراليا منذ عشر سنوات ، والتي تدور احداثها خلال ثلاثة عقود من الزمان تبدأ من ارهاصات الحرب العراقية الإيرانية مرورا بفترة الحصار حتى حرب الخليج الثانية ومابعدها من تحولات مثيرة في بنية المجتمع والثقافة داخل العراق ، الرواية كتبت بلغة سردية مكتنزة وشفيفة تقترب من الشعر كثيرا ، وحال صدور الرواية اثارت اهتمام الوسط الثقافي والأدبي وكتب عنها اكثر من اديب عراقي وعربي ، حيث كتب الشاعر العماني سيف الرحبي رئيس تحرير مجلة نزوى عن الرواية قائلا : حين وصلتني الرواية كنت أهم بقراءة صفحة او صفحتين حتى أجد وقتا لقراءتها المتأنية لكن سحر السرد وقوة الأداء والإستحضار السلس أخذني إلى أفق بعيد في الرواية ، أتمنى استكمال هذا التاريخ المركب للذات والثقافة العراقيّة والمرحلة بتشعب معطياتها.. وكتب الشاعر جواد الحطاب : هذه الرواية افاقت جراحا دفينة في ذاكرتي وكشفت المستور عن وجه الثقافة الحقيقي تحت خيمة الحرب ، سرد شيق ووقائع مدهشة ومؤلمة وحرارة لن تخمد في السطور . في حين كتب الروائي وارد بدر السالم : لقد كسبنا في السرد الروائي العراقي شاعراً له تجربته الشعرية المعروفة ..هذا حسن النواب في روايته (حياة باسلة) يكشف لنا عن تجربة سردية مثيرة تحاكم الوسط الثقافي لربع قرن مضى وتتماهى مع أسماء أدبية معروفة يفترعها الوشق جان دمو على وجه التحديد ..حياة سِيَرية يومية مكتنزة بالأسرار تبدأ بالحرب وتنتهي بالهرب ، وما بينهما تجري سنوات الثمانينيات والتسعينيات على وتيرة متصاعدة من العنف والقسوة واللامعقول أحياناً ..حياة باسلة تكشف المستور لأجيال أدبية سحقتها الحرب وقتلت فيها روح الحياة الى حد المرارة . ينجح حسن النواب (الشاعر) في خلق أسطورته الشخصية في سرد متوتر صادق الى حد الاعتراف ، ليكشف عمق الهوة بين المثقف والسلطة من جهة ، وبين المثقف ونفسه من جهة أخرى. حياة باسلة حياة جيل أدبي عراقي عاش مرارات الحروب ، وعاش الخوف من أقصاه الى أقصاه .. كما كتب الروائي ناظم العبيدي عن الرواية : تكمن أهمية هذه الرواية في أنها اعتمدت التجربة الحية ، إذ جسدت بصدق الواقع الذي كانت تعيشه شريحة المثقفين والأدباء ، فضلاً عن سائر شرائح المجتمع العراقي ، وقد كتبت بلغة متميزة بشفافيتها ودقتها ، كما ان تسارع الأحداث وحرارة التجربة الإنسانية أمدت النص بالمتعة والخفة ، ويمكن أن تعد هذه الرواية بالإضافة الى تميزها الأدبي كوثيقة تاريخية مهمة ، لأنها رصدت بدقة الأجواء التي سادت في تلك المرحلة ودون ان تتخلى عن حيادية الفن ، بل كانت تصف الشخوص بكل تناقضاتهم وما يحدث من أجهزة النظام الإستبدادي بطريقة فنية ، ولم تلجأ الى اطلاق الأحكام العشوائية ، ومع ان الكثير من الروايات كتبتن عن هذه الحقبة التاريخية ، الا أن ميزة هذه الرواية ان الراوي فيها والسارد لأحداثها كان جزءً من الوسط الثقافي ، الأمر الذي جعله يمتلك القدرة والخبرة بما كان يجري داخل البنية الثقافية والإجتماعية ، انها رواية مثيرة ولايمكن ان تنسى بسهولة ، ومن المغرب الشقيق كتب الناقد ادريس انفراس : رواية تأخذ من قارئها روحه، رواية تقطع في قارئها الأنفاس وهو يغوص في الفظاعات، و في الدم الأسود، وفي أدخنة القنابل بين أرواح متشققة من هول ما ترى ومن هول ما تصنع لأن لم يكن لها إلا خيار واحد وهو أن تقف في الجبهة لتكون وقود الحرب فيها وجهنمها، ونارها، أو تكون مطمورة في دهاليز الحبس إن رفضت الخضوع للأوامر... أرواح تساق إلى حتفها وهي ترتجف لأنها لم تألف الفظاعات، ولم تخلق للحرب و الدم والقتل و السفك بل كانت تحلم بالشعر و بالفراشات وبالحرية وبالجمال وبالإنسان ، فوجدت نفسها في مسلخ وأي مسلخ. ورأينا الوشق البري بطل الرواية يمشي على الورق,ورأينا مربع الصعلكة يقهقه على الوقت الأسود ويرفع في وجهه كأس الخسارات الفادحة، سيشرب الصعالكة النبلاء نخب الوطن الجريح المهرب في حقائب الأجلاف واللصوص، الروائي حسن النواب سرد بمهارة فائقة عالمه الروائي في "حياة باسلة" بلغة شاعرية جاءت باذخة وجميلة مع العلم أن الكتابة كانت عن الحرب و الدم و السجن و المرارة و الحزن و الجوع و الفقر والقهر الاجتماعي و السياسي، ومع ذلك إستل من معجمه اللغوي بحذق وبراعة لغة جميلة ناصعة كنصاعة الدم الطري الذي كانت سقسقاته تملأ عراء الصحراء في الجبهة تحت عين الشمس، هي رواية لم يكتبها حسن النواب بالحبر بل كتبها بالدمع و العرق و الدم و الأنفاس الحرى وقد توفق أيما تفوق في نقل الأحاسيس والعواطف المختلفة بمهارة فائقة، إنه شاعر وسارد ماهر عاد من وراء السواتر ومن وراء الشمس بجروح في الروح وهذه الجروح هي التي قرأناها في حياة باسلة .
، فيما قال عنها الروائي علي بدر رواية رائعة وتؤرخ لمرحلة مهمة من التاريخ الثقافي والإجتماعي للعراق...على العموم ينطبق عليها القول الرواية تقول ما لا يقوله التاريخ...لأن التاريخ يهتم بسيرة السياسيين ...في حين الرواية هي التي تؤرخ للهامشيين والخارجين والمقصيين ، بينما توغلت كلمات الروائي حمزة الحسن في نسيج الرواية عميقا وكتب : قراءة هذه الرواية متعة وحزن وفي صفحات كثيرة كنت ألهث معك في الخروج من هذا المأزق أو ذاك وأقترح حلولا لهذه الورطة أو تلك وهذا يعني ان الكتاب خلق الوهم الجميل بالحقيقة، بجانب العفوية الجميلة في السرد ، وبصرف النظر عن كثير من الوقائع التي تتحمل الكثير الا النص نفسه يملك قوة الاقناع والجمال ومسحة الأسى ولكن ليس اليأس واشعر انك كنت تبحث في أعماقك عن موت عبر سلوك انتحاري غامض يتجاوز الواقع الخارجي الى دوافع داخلية قد يكون لعب الادوار المختلفة بالإكراه والقسوة والوحشية قد خلق انفصاما بين الشخص الداخلي الحقيقي الباحث عن نقاء وعدالة والشخص الخارجي الأداة أو شبه المواطن أو الدور الذي يبحث عبر تسويات عن حياة في شرطها الأدني ولا أظن أحدا منها نجا من هذه المصيبة وهو أمر طبيعي حين يجبر الانسان على أداء أدوار كريهة - دور الجندي - دور الفار - دور الخارج على القانون - دور السكير - دور المشرد - دور طالب الجامعي المزور - دور السياسي في عمل سري بلا ضوابط وبمخاطر كثيرة - دور حامل الجثث - دور سائق دبابة - دور شاعر في حفل حقيقي أو غير ذلك - دور المتهم بلا تهمة حقيقية - دور الجثة المؤجلة الخ... هذا التعدد في الأدوار يطحن الشخصية ويشظي الذات واللغة ومن حسن الحظ ان الكتابة وحدها تساعد على الخروج من هذه المحنة وقد تساعد على التسامى وعلى الأمل ، حياة باسلة في كل الأحوال نجحت في تقديم شهادة ادبية عن مرحلة ملتبسة تتحمل الكثير وهناك ردود وقراءات وحكايات من زوايا مختلفة لأن هؤلاء ليسوا بكما كما تعرف.الجنود في الحرب ليسوا محاربين بل عشاقا وآباءً وعالمهم غني وعميق وحار. إنها رواية لن تمر بسهولة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق