قطع الطُرق والسكك الحديدية حرية وديمقراطية أم همجية وفوضي
بقلم : أحمد علي صالح
محاسب بالأزهر الشريف
انتشرت مؤخراً بجمهورية مصر العربية وخاصة بمحافظات الصعيد أعمال قطع الطُرق والسكك الحديدية كنوع من الاحتجاج على نقص البنزين والبوتاجاز ونتائج الانتخابات وأمور أخري ، ففي نجع حمادي قطع المئات من المُرشحين المُستقلين الخاسرين فى الانتخابات البرلمانية التي جرت فى الدائرة الثالثة بقنا وأنصارهم خط السكك الحديدية بالمزلقان الرئيسي احتجاجاً على خسارتهم واتهموا لجنة الفرز بتزوير الانتخابات لصالح بعض المُرشحين الآخرين بالإضافة إلى الأخطاء في نتائج الانتخابات بنظام القائمة . وفى أسيوط قطع أهالي قرية بنى زيد التابعة لمركز القوصية الطريق السريع « أسيوط – القاهرة » احتجاجاً على عدم توافر أسطوانات البوتاجاز وارتفاع أسعارها إلى 40 جنيهاً وهددوا باستمرار قطع الطريق وقطع السكك الحديدية إذا لم يُقدم مجلس المدينة والمُحافظ حلاً للأزمة . وفي جنوب سيناء قام العشرات من بدو سيناء بقطع الطريق الدولى « رأس سدر- شرم الشيخ » عند منطقة « أبوصويرة » على بعد عشرة كيلومترات من مدينة « رأس سدر» احتجاجاً على القبض على أحدهم وتكدست مئات السيارات والأتوبيسات القادمة من شرم الشيخ والوافدة لجنوب سيناء لأكثر من ثلاث ساعات بعد أن أشعل المحتجون الإطارات ووضعوا الحواجز على الطريق حيث لم يجدوا حيلة لمواجهة تلفيق الشرطة للاتهامات – علي حد قولهم - إلا قطع الطريق . وفي المقابل قرر مئات من المسافرين إلغاء سفرهم وإعادة التذاكر إلى شبابيك الحجز مرة أخرى والحصول على أموالهم حيث صدرت تعليمات واضحة من هيئة السكة الحديد بإعادة ثمن التذاكر حتى نفذت جميع المبالغ السائلة الموجودة ببعض المحطات بعدها تجمع العشرات لإعادة التذاكر واسترداد أموالهم الأمر الذي تسبب في خسائر تعدت النصف مليون جنيه قيمة تذاكر فقط تمت إعادتها بخلاف خسائر أخرى يجرى حصرها . بداية تصنف قطع الطريق والسكك الحديد في قانون العقوبات المصري علي اعتبار أنها جريمة إرهاب للمواطنين نعم جريمة إرهاب ولكننا لم نفعل هذا القانون وبالرغم من ذلك أصبحت هذه التصرفات من قطع الطُرق أو السكة الحديد من الأمور الاعتيادية السهلة لكل فئات المجتمع أو أية مجموعة من الناس لديهم مطالب سواء كانت في الاتجاه الصحيح أو غير صحيحة وكل ذلك يحدث دون مراعاة للصالح العام للوطن أو حتي مصالح الناس وحقوقهم فالمصريين أساؤوا استغلال الحرية فى التعبير عن مطالبهم بأسلوب حضاري فى التظاهر والاحتجاج والاعتراض .ولا أدري سبب مُقنع لهذه الأفعال التي أقل ما توصف نصفها بالهمجية والعشوائية وقلة الوعي ، فما معنى أن يُقطع طريق زراعي أو صحراوي أو سكة حديد مَن يتعرض لحادثة أو يطالب بالحصول على مستحقات مالية أو لا يعجبه محافظ أو رئيس مدينة أو معترض على سرقة الأنابيب أو نتيجة انتخابات جاءت على غير هواه ورغبته في فوز مرشح بعينه ، وما ذنب الطريق أو السكة الحديد وذنب من يستخدمونه لقضاء مصالحهم ؟ إن قطع الطرق والسكك الحديدية اضر بالاقتصاد المصري وخاصة قطاع السياحة بخسائر فادحة مع العلم بأن اقتصادنا لم يتعافي بعد من تداعيات ثورة 25 يناير ، بل ووصل الأمر إلي تغيير مسار الأفواج السياحية المتجهة للأقصر وأسوان بعد قطع السكة الحديد لفترات طويلة استمرت علي مدار أسبوعين .
والمتتبع لأسباب قطع الطرق والسكة الحديد يجد أن من أهم الأسباب التي جعلت المواطنين يقطعون الطرق والسكك الحديدية من وجهة نظري هي انتشار ظاهرة الاحتجاجات بسبب وبدون سبب فمنهم من يقطع الطريق احتجاجاً على خسارة مُرشحه المُفضل كما حدث بقنا بالإضافة إلي إحساس البعض منهم بالظلم نتيجة الأخطاء التي وقعت في نتائج الانتخابات البرلمانية بنظام القائمة بالدائرة الثالثة بنجع حمادي ومنهم من يقطع الطريق احتجاجاً على عدم توافر أسطوانات البوتاجاز كما حدث من أهالي أسيوط نتيجة ارتفاع أسعار أسطوانات البوتاجاز إلى 40 جنيهاً .إن أقل وصف لظاهرة قطع الطرق والسكك الحديدية التى انتشرت من بعد قيام ثورة يناير أن الشعب المصري يريد أن يعاقب نفسه ويعطل مصالحه بيده ويعتدى على ممتلكاته ومنشآته العامة فكيف بالله عليكم يقوم أهالي قرية تابعة لسوهاج أو قنا – علي ما أتذكر – باقتلاع قضبان السكة الحديد ؟ فهل هذا معقول ؟ ماذا يصنعون؟ وماذا يريدون ؟ أليست هذه الأشياء ملك لهم ولأبنائهم فلماذا يخربونها ؟ يأتي ذلك في الوقت الذي شن فيه علماء الدين هجوماً حاداً على هذه الأعمال والتصرفات غير المسئولة من قطع الطرق والسكك الحديدية ووصفوها بالهمجية وعدم الوعي بمتطلبات الأمور وقلة الدين .، فأكدوا أن الإسلام بريء من هذه الأعمال التي ليست منه ، فليس بقطع الطُرق على الناس والمسافرين تُحل مشاكل الناس من الأنابيب والغاز ، وما ذنب المسافر المريض الذي لا يطيق مشقة السفر أن يُقطع عليه الطريق وما ذنب شخص مسافر يريد أن يلحق بقطاره للسفر أن تضيع عليه رحلته وأمواله ،كما أوضح العلماء أن هذه الأفعال تزيد الأمور تعقيداً ، فهناك أناس ماتت بأزمات سكر أثناء تعطل الطرق وطلاب لم يصلوا إلى امتحاناتهم وآخرين لم يصلوا إلى المطار للحاق بموعد سفرهم وعدم وجود حجوزات لمدد تصل إلى الشهر وأكثر وآخرها مهندس زميل أنهوا عقده بالسعودية لوصوله متأخراً عن موعد أجازته بسبب قطع الطريق الزراعى للقاهرة وعدم تمكنه من الوصول للمطار ولم تشفع توسلاته ولم يقتنع احد بعذره . وأكد جمهور العلماء علي أن من يؤذون الناس ويقطعون عليهم الطُرق ويعطلون مصالحهم ليسوا بمسلمين ، فهذه الأفعال والتصرفات ليست من الحرية أو الديمقراطية إنما هي فوضي عارمة وهمجية وقلة دين أو وعي بما يحدث نتيجة هذه الأمور غير المسئولة من قِبل من يقوم بها .والحل كما أراه يتمثل في الضرب بيد من حديد علي كل من يقومون بتعطيل وتخريب المنشآت والمصالح والمرافق العامة ، وأن تعود هيبة الدولة والقانون كما كانت قبل الثورة . بالإضافة إلي تشديد الرقابة على مستودعات البوتاجاز وإقامة منافذ للبيع لحماية المواطنين من صغار التجار الجشعين هو أمر في غاية الخطورة والذي يجب أن يتم حتي نجنب بلادنا مثل هذه الاحتجاجات التي تأتي علي الأخضر واليابس . مع توعية الشعب المصري وخاصة الفئات المهشمة ورفع ثقافتهم وتعديل التعليم وأن نعقد الندوات والمحاضرات التي توضح مخاطر هذه التصرفات علي الاقتصاد المصري الذي هو في الأساس ضعيف ولم يقوي بعد ، كما أن الإعلام له دور كبير جداً فى عمليات التوعية للمواطنين من خلال البوسترات والمنشورات التي توزع في المدارس ومراكز الشباب وأماكن التجمعات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق