الباب الموارب
محمد نجار الفارسى
-1-
أتعمد المرور أمام ُكتّاب الشيخ .. أهتز لأصوات الصغار الجماعي الصادح بالآيات القرآنية .. أنتبه لعدم اتساق أصواتهم ؛ البعض يتأخر بكلمة وآخرون يتقدمون بحرفين .. أغضب .. يتناهى إلى زعيق الشيخ فيهم
ـ مع بعض يا ولد
أقترب من الباب الموارب .. ألتصق به .. أتوخى بحذر اختلاس النظر لما يدور خلفه .. أزداد شوقاً للجلوس بينهم .. دون يأس حاولت مع أمي كثيراً لتلحقني بكُتّاب الشيخ .. كانت تصمت ، لا ترد سوى بكلمات لا أدرك مغزاها
ـ لكنه يأخذ جنيهاً في الشهر
أدركني القنوط من أمي .. قنعت بالمرور أمامه والتنصت إليهم .. ألتقط بعض الآيات وأستوعبها .. أكررها بصوت عال .. أعيدها على مسامع أمي .. تقطب جبينها ذاهلة .. بارتياب تسألني
ـ من أين أتيت بالجنيه ؟ !
أسأل نفسي القلقة : أتراها تصدقني ؟
- 2 -
تبت ولم أعد أذكر لها شيئاً مما أحفظه .. ألمح بالفراسة رغبتها المكبوتة لتسمع مني .. أخاف .
- 3 -
كعادتي أنزوي جالساً بباب الشيخ أردد مع الصغار الآيات فيما جذعي يتمايل جيئة وذهاباً منسجماً و الترتيل و إذا به يجذبني من قفاي ويدخلني كُتّابه ثم طفق يتصنع الغضب
ـ منذ متى يا ولد وأنت تحفظ معنا ؟
كدت أكذب لولا أن تداركني صوتها ، فطأطأت رأسني خجلاً
ـ كثير يا مولانا ؛ لم أحص عددا .
ففتح يده ومدها ناحيتي
ـ إذن أعطني الجنيهات .
تلعثمت .. أرتجف جسدي .. رحت أبكي .. ضحك الشيخ .. ربت على رأسي ولثمه
ـ هيه وتحفظ قد هؤلاء الأولاد ؟
احتوتني أمنة دفعتني لأخرج كل ما وعيت .. وجهه المتهلل يحفزني لأحبر صوتي .. انتهيت فجذبني إلى حضنه فرحاً .. أجلسني في مقدمة الأولاد .. أنهض خوفاً من أمي ومطالبته بالجنيه
ـ لكن يا مولانا أمي...........
بابتسامة يقاطعني .. يمسك بكتفي برفق
ـ طيب أجلس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق