نصف أمة في خطر
بقلم / أحمد مصطفي علي حسين*
تواجه النساء العربيات تحديات أكثر خطورة عاصفة على مستقبل حقوقهن الإنسانية وفي الوقت ذاته مشاركتهن في صناعة التنمية والحضارة، التي ربما لا يمكن حدوثها بدونهن، مبدعات وعالمات ومربيات ومعلمات وطبيبات مخلصات لدورهن، واعيات بخطورة التحول الديمقراطي ومتطلباته، خاصة وهن يشكل قرابة نصف تعداد البشرية وبصفة خاصة في الوطن العربي، ويتزامن ذلك مع تنامي التيارات الأصولية المتشددة في منطقة شرق الأوسطي.
طبعاً .. النساء العربيات، لهن حق أصيل في المشاركة، فلولاهن لما نجحت الثورة، فسقوط حاجز الخوف وتحدي الآلة الأمنية العاتية لأنظمة ديكتاتورية بغيضة، جاء مشتعلاً من خلالهن، فهل يخفي على أحد ما أضفته من غيرة وحماسة الشباب بمجرد بدايات بزوغ مناضلات عربيات من نوع خاص، لم يهبن الموت في مواجهة الرصاص، ولم يترددن أمام الشرطة السرية بأدواتها القمعية وأساليبها الملتوية.
لا يعيدنا أمر حق مساهمة النساء في التحول الديمقراطي لمجرد حجم التضحيات التي بذلتها نساء العرب، من مشاركات في ثورات مختلف البلدان، بل وقيادة التحرك الثوري أيضاً كما في مصر وتعرضهن للاعتقال والتعذيب والتشويه المتعمد كما حدث مع المناضلة إسراء عبد الفتاح إبنة الثلاثينيات التي تم اعتقالها قبل ثورة 25 يناير عدة مرات جراء فضحها لفساد نظام مبارك وهو في قمة سطوته وجبروته، وقفت ضده كصوت نبيل وسط آلاف الأبواق الإعلامية الفاسدة، كانت كلمة صادقة أمام جحافل مؤلفة من كبار الكتاب والإعلاميين باعي الضمير وراهني أقلامهم لمن يدفع ويشتري، أما هي فكانت فتاة بسيطة لكنها أصيلة مؤمنة منتمية، لا يمكن شرائها وهل يشتري كنز مصنوع من عبق سبعة آلاف عام، لقد كانت صرخة صادقة أمام كل هذه الأسوار والقامات العملاقة، لا تهاب سبابهم وتأليبهم للشعوب عليها، وإتهامها بالجنون والجحود والعمالة للخارج، لم تخاف، واستمرت في نضالها.
أما نوارة نجم فهي تلك الفتاة أبنة الثلاثينيات أيضاً، والتي تم تعريضها بعد الثورة لأعمال بلطجة وعنف جراء محاولاتها النضالية لإستكمال مراحل التحرير الثوري وتحقيق أهداف الثورة النبيلة، كانت تتوقع ما يحدث لها، فقد صمتت قامات كبيرة وهي آبت الخنوع، تري واجب الشهادة أن تقول كلمة الحق أمام سلطان جائر، أن توقظ الضمير ولو على آخر قطرة من دمائها الطاهرة، وهي تضرب في ذلك أروع أمثال التضحيات، وأجمل وأبهي صور الفتاة المصرية الشجاعة، التي تستحق اللقب الشعبي الدارج "إمراة بمائة رجل"، حاولوا إهانتها ولكنها كالشهداء ما يصيبها يزيدهم عزا وروعة وبريق ومن يصيبها يدنوا حقارة ودناءة وإزدراء، مثيلاتها مازالوا موجودون أحدهما يلتف حولها جنود العسكري بينما هي تناضل في التحرير، تدافع عن تاريخ وطن يحترق، كرامة علم ينتهك، أسم بلدها الذي أصبح مجتري عليه من كل صوب ولون وتحت مئات الإدعاءات والتبريرات الواهمة.
وفوق كل ذلك، وأذا ما رجعنا لشرارة اشتعال ثورة مصر الأخيرة فهي لم تخلو من فعل نسوي خالص، أحرق أخر أوراق الخوف القابع في النفوس، وأذاب جبال الجليد المتراكم على الأبدان على مدي عقود من الزمان، صنعته آلات الأمن العاتية، فصفحة المناضلة "هبة" على الفيس بوك، كان لها تأثير بالغ الآثر في التحرك الثوري، فتاة في عقدها الثالث - يوم 15 يناير 2011م– تعلن بوضوح أنها ستتواجد في الشارع يوم 25 يناير للإحتجاج على الظلم والقهر، لتحث نخوة الشباب تجاه أوطانهم على الاحتجاج ضد أوضاع فساد نظام مبارك، بالطبع كان النظام في قمة قدرته على البطش، ولكنها لم تخف، كانت شجاعة، حملت حياتها على كفيها، قررت أن تضع الشهادة أمامها، وتكتب على الفيس بوك، كلمات حماسية بلغة الأرقام البالغة، وهي تعلم تمام اليقين أن جراءها قد يكون الاعتقال أو الاغتيال، لكنها لم تخشي شيئاً، هكذا المناضلون يرون أنفسهم بذور ينمو عليه المستقبل، وهذه هي قمة التضحية لأجل الآخرون، أنها المعني الحقيقي للوطنية والإنتماء لتراب هذا البلد، ذكرت هبة جرائم النظام في الإفساد الصحي والتعليمي ونهب الثروات، والتزوير السياسي واغتيال المستقبل، وبذكاء استخدام الاتصال المباشر قالت "أن 40 الفا من المصريين سيشاركون 25 يناير فى ثورة مصر ضد فرعونها حسني مبارك عفوا اللامبارك، 700 ألف مصري وصلتهم الدعوة للمشاركة فى المظاهرات التى تعم جميع البلاد، ولكن 40 ألفا أكدوا إلى الآن مشاركتهم فى الهبة الشعبية المصرية للإطاحة بصنم العصر اللامبارك وحكومته".
بالكلمات السابقة تنتهي هبة من حديثها للشباب، طبعاً ندرك خطورة هذه الكلمات، فكانت قبل الثورة بأيام، أي وقت البطش والجبروت الكامل للسلطة، التي طالما اغتالت وقتلت وعذبت واعتقلت أكثر من 35 ألف مصري.
ولم تكن هبة وحدها، فالأمهات المصريات أيضاً عبرن حاجز الصمت وتقاليد الوقوف عند بكاء الضحية، فالمناضلة أم خالد سعيد، لم تنكفئ على أحزانها بعد مقتل إبنها ظلماً بدون ذنب على يد قوات الشرطة الغاشمة، بل ترجمت مشاعرها الحزينة لفعل نضالي تجاه حق كل آدمي، وهنا تكون مشاعر الإنتماء الحقيقية، التي تجعلنا نتحرر من ذاتينا الشخصية إلي مشاركتنا الإنتمائية الجماعية لكافة أوجاع الوطن، فها هي والدة خالد سعيد تنشر على الفيس بوك، يوم 21 يناير، النداء الرائع الذي ألهب حماس الشباب الثوري، لتقول لهم عبر تسجيل فيديو "نداء من أم خالد سعيد المقتول بسطوة الشرطة في التعذيب، هنزل معاكم يوم 25 يناير، أقول لكل بنت وشاب أن يقوم من مكانه في بيته، ويترك القعدة في البيت لأن أخرتها وحشة، فلازم كل واحد فينا ينزل الشارع، ويقف ضد الظلم والتعذيب وقانون الطوارئ، ويدافع عن بيته وأهله، وينزل الشارع يوم 25، لأن كل شوية ياخدوا شاب بيصلي أو بيشتري حاجة ياخدوه يعتقلوه ويرموه"، والعبارة الأخيرة تقصد بها مقتل الشاب سيد بلال آثر تعذيب قوات الأمن له في الاسكندرية، جراء محاولتهم تلفيق قضية تفجير الكنيسة الشهير للشاب المظلوم بلال.
كانت رسالتها ذكية، نابضة بالوعي والمعرفة، وأيضاً بكيفية استغلال الأحاسيس والمشاعر الصادقة، لأجل غاية إنقاذ الوطن، فهي تروي أيضاً عبر رسالتها الصوتية "اللي جرى لابني صعب جدًّا، مفيش أم تستحمله، لذلك فأنا أدعو الشباب إلى أن يشارك، فاتشجعوا وانزلوا وأنا هنزل معاكم وكل واحد يقول لمن يعرفه في عمارته أو بالرسائل أو حتى بالإشارة أو بالتليفون، وهيجرى إيه أكتر من اللي جرى، العمر واحد والرب واحد، ... ابني لم يظلم وحده، ولكن تبعه عشرة شبان، منهم: مصطفى شعبان، وسيد بلال، وكلهم اتعذبوا بفظاعة، وقلبي بيوجعني عليهم، وأدعي طول الليل أن ينصر الله مصر ويحميها من الظلمة المستقويين على الشباب بدل ما يعلموهم يموتوهم، وحسبي الله ونعم الوكيل فيهم".
أي قدرة وطنية لدي هذه الأم، ذكائها الرائع يفوق أجهزة دعائية وتعبوية يمكن أن تتفنن فيها جحافل أجهزة إعلامية لدول، فلنا أن نتأمل كلماتها كيف استخدمت المشاعر الدينية والقيم والتقاليد فضلاً عن الدعم النفسي والمشاركة الوجدانية، وضرب المثل والنموذج الواقعي القريب للذهن، بالإضافة لربط مضمون الرسالة بمشاعر الجمهور المتلقي، وهذه العوامل تعد ضمن علوم الاتصال المباشر التي لم تكن تعلمها هذه الأم، ولكنها بخبرتها الحياتية وذكاء المرأة التقليدي استطاعت أن تتوصل إليها بدون معلم.
لقد رأينا بعد هذه النداءات التي جاءت في طريق صناعة الثورة، مشاركة واعية في مرحلة العمل الثوري نفسها، فتيات ونساء تبيت في ميدان التحرير، منهن القائمات بالأعمال اللوجستية بالغة الأهمية في دعم التواجد الميداني للشباب، ومنهن القائمات باعمال الروح المعنوية والدعاية النفسية وهي أمور بالغة الأهمية في إنجاح المهام الثورية، وكلنا يعرف كيف أن الروح المعنوية كانت سبب لانتصار دول وامبراطوريات في الحروب وأخفاق أخري.
خلال الثورة ثبت ذلك الدور بجدارة، فنانات شهيرات تنازلن عن أضواء الشهرة، وأمان القبع في بيوتهن، وقررن المغامرة بمستقبل دخلهن، في مقابل الهاب المزيد من المشاعر، والتعبير الصادق عن الانتماء للوطن، فهن يعرفن أن كثير من الشعب الأمي يتخذهن قدوة ونموذج، فكانت بطولتهن، منهن الفنانة تيسير فهمي وجيهان فاضل، وبسمة، وشهيرة، والإعلامية بثينة كامل، وجميلة إسماعيل، وغيرهن الكثيرات.
هؤلاء الفنانات والإعلاميات، وغيرهن مما سبق سرده من الفتيات السياسيات والأديبات، أنهن على العموم مناضلات من طراز خاص، هن الأكثر تأثيراً في نجاح الثورات العربية، فعندما تتحرك المرأة تثير نخوة آلاف الرجال والشباب، ويسقط جدار الصمت، يتهتك حاجز الخوف من جبروت الحاكم، تشتعل الروح المعنوية ضد الطغاة الفاسدين في الأرض، وهي أهم حاجز لنجاح حركات الاحتجاج وتحولها لثورات عارمة متحدة الهدف والمبدأ.
أنهن النموذج الذي طالما كان وجوده مهماً لإشعال فتيل المقاومة، ضمن الأساليب العلمية لكسر حاجز الخوف، أنهن بدأنا بكسر الرهبة ورفض الانصياع للأوامر، وتقديمهن كنموذج له رمزية أمكنت أن تحرك تردد وجمود الأحرار، وكانت النماذج عديدة وكثيرة كما سبق، ثم توالت النماذج الوطنية لأخريات وأخرون وأن كان الكثيرات منهن مجهولات الأسم خلال يوم 25 يناير وما بعده، والتي فضح خلالها استبداد الأمن في هجومه على مظاهرة سلمية، مما ساهم بمضاعفة الأعداد لآلاف أضعاف المستهدف يوم 28 يناير والذي بدأ فيه الاحتجاج للتحول لثورة شعبية متحدة الأهداف.
من المسلمات أيضاً، أن أصالة الضمير النسوي الوطني، كان قديماً قدم حركات التحرر، فلو راجعنا دور المرأة والفتاة وحركات التحرر في تاريخ مصر الحديث، نجد تاريخ مشرف ممتد على مدار تاريخ مصر الحديث، بدأ بوضوح منذ ثورة 1919م حتي الستينات من القرن الماضي، ساد خلالها تعامل مع المرأة ببساطة وبلا تحفظات، فالجماعة والمجتمع المصري أظهر إعجاباً وترحيباً في عشرينات القرن بخروج نسائه للكفاح ضد الاستعمار، وقبل بفخر شديد تضحيات بطلات ثورة 1919 بحياتهن، وبالتالي فكان من المتوقع للمرأة التي أثبتت جدارتها في مجال الجهاد الأكبر وهو النضال من أجل الحرية أن تنجح في اقتحام مجالات الجهاد الأصغر في التعليم والعمل، وهو ما حدث ببزوغ أسماء رائدات التحرر، منهن نبوية موسي والتي بدأت في ذلك مبكراً وهي في الثالثة عشرة من عمرها في إعمال التحرر الاجتماعي لحقوق المرأة، وأصرت على تغيير فكرة أسرتها ومجتمعها باستكمال تعليمها رغم المعارضة الشديدة منهم ولوالدها ضابط الجيش ذو الأصول الريفية، ونجحت في عام 1901 في الالتحاق بالصف الثالث الابتدائي حتي حصلت على الشهادة الابتدائية في 1903م، بل وواصلت دراستها بالحصول على قسم المعلمات السنية عام 1906 لتعين مدرسة بمدرسة عباس الابتدائية للبنات بالقاهرة بمرتب خمسة جنيهات في الوقت الذي كان فيه مرتب الرجال المعلمين أثني عشر جنيهاً، وهو ما سبب احتجاجها لدي وزارة المعارف والتي فاجأتها بأن سبب التفرقة أن المعلمين الرجال أميز في الثقافة العامة، ولا يمكن مساواة المعلمات بالمعلمين، خاصة وأن المعلمين خريجي ثانوية عامة والمعلمات خريجات مدرسة السنية بالمعلمين، ولذلك تقدمت نبوية للدراسة الثانوية العامة وهو ما آثار ضجة في وزارة المعارف باعتبارها أول فتاة في مصر تجرؤ على التقدم لهذه الشهادة التي كان حاملوها يحظون بمكانة اجتماعية مرموقة، وظلت تعاني نبوية التمييز برغم حصولها على الثانوية وغيرها من الشهادات، لدرجة عدم ممارستها لصلاحيتها الوظيفية عند توليها لمنصب كبيرة مفتشات، وهو ما أدي لأصابتها باضطراب عصبي وضعف عام في 23 يونيه 1924 وتقديمها لشكوي لوزير المعارف تهاجمه ووزارته على تمييز الرجال ضد النساء، ونجحت نبوية موسي وأزالة الحاجز، وفتحت الطريق لآخريات في شتي المجالات، منهن حكمت أبو زيد أول وزيرة عربية في الستينات، وسميرة موسي عالمة الذرة في الخمسينات، ولم تكتفي نبوية عند ذلك الحد، بل أندمجت في كافة قضايا المجتمع.
يتضح لنا من تجربة نبوية موسي الثرية، كيف أنها كانت مناضلة محتجة، شجاعة في طلب الحق والعدالة، وكيف استطاعت أن تعبر طريقها وتحرر المرأة بدمجها في قضايا المجتمع، فمن الوقائع البالغة الأهمية لنجاح دور المرأة، هو شجاعتها في التعبير عن قضايا المجتمع، مشاركتها النضال ضد المستعمر، وضد الظلم والفساد، فنبوية رغم انتمائها للطبقة المتوسطة المطبق عليها ضريبة الأيلولة، إلا أنها أقدمت عام 1939م على مهاجمة مجلس الشيوخ لمحاولته إلغاء ضريبة الأيلولة على الطبقة المتوسطة والعليا أي رفعها من عليها لكونها ضمن الأغنياء وإقراره ضريبة الدمغة على الفقراء المعدمون، ثارت لأجل حق الغير، في سبيل قضية العدالة وأن كان على حساب نفسها، وهي بذلك كسبت للمرأة قوة غير عادية لكونها الثائر الحق الذي استطاع أن يتحرر من الذاتية لأجل الموضوعية، أن تتجرد من إنتمائها الطبقي لإنتمائها الإنساني، فكسبت مزيد من التأييد والاحترام والتقدير من كافة جموع المجتمع، وهو الأمر البالغ الأهمية للنساء اليوم، في أن لا يكتفين بالنضال والدفاع عن حقوقهن فحسب، لابد للمرأة أن تنصهر في بوتقة الدفاع عن كافة القيم العامة للمجتمع، حتي تستطيع أن تكسب مزيد من الأرض الصلبة لحقوقها، وتثبت لضعاف النفوس أصالة نهجها وريادتها كإنسان وصوت ضميري، فمن الأمور البالغة الخطورة على قضيتها أن تنغلق على نفسها ومطالبها، وهو الامر الذي أندثرت بسببه جماعات وأعراق وأجناس وطوائف، فمن منطلق إتجاهها صوب الجماعة يكون إندماجها وتحررها الكامل من محاولة العزلة، وبالتالي تعبيرها الصادق عنها وعن نفسها المنتمية الوطنية.
ربما نكون بذلك أستطعنا أن نجيب على السؤال الأكثر أهمية الذي يواجهنا الآن، وهو كيفية دعم معالم مشاركة النساء العربيات في قضايا التحول الديمقراطي ببلدان الربيع العربي حالياً وكيف يمكن للمرأة أن تطور طريقتها في ذلك لصالحها؟، خاصة مع ما يتنامي من تيارات أصولية باتت أكثر قوة وسطوة من ذي قبل، وهي تلك التيارات التي كانت قد بداء وجودها من قبل جراء الهزة الاجتماعية الخطيرة التي أعقبت تدفق العمالة المصرية إلي دول الخليج بعد حرب أكتوبر 1973م، فجاءت لأرض الوطن محملة بأفكار تكرس عزل المرأة عن الحياة وتجريدها من حقوقها الأدمية، والتعامل معها كجسد وليس كإنسان.
*استشاري الإعلام مركز أحمد بهاء الدين الثقافي بأسيوط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق