2014/08/04

فؤاد قنديل في حوار عن الحب مع الصحفية الصينية لي ساو تانج



عن الحب أتحدث
  فؤاد قنديل

      منذ سنوات طويلة قد تتجاوز الستين عاما لاحظت أني مشحون بمشاعر الحب .. أحب كل شيء من السماء إلى الأرض إلى البحار وكل الكائنات ، من بشر وحجر وحيوان ونبات.. الطبيعة مدججة بكل ما يدعونا للإعجاب بها وعشقها والتمرغ في كنوزها الظاهرة والباطنة والتمتع بشدوها وتمايل أغصانها وتأمل تجلياتها وأنوثتها النزقة والمتجددة المتدفقة بالفتنة والغواية مما يدفعنى دائما لسؤالها عن سرعبقريتها في التناسل والتشكل والجمال ..أقول أني أحببت منذ نعومة أظفاري كل المخلوقات الطبيعية التى أبدعها الفنان الأكبر كما أحببت ما أضافه الإنسان من ابتكارات كالسينما والكتب والرسم والتصوير والنحت والموسيقى والعمارة ووسائل شتى تعين على  السفر والغوص في أعماق البحار والارتحال إلى أبعد المجرات فضلا عن سبل لا حصر لها مخصصة لعلاج المرضى وتخفيف عذاباتهم ..  الحديث عن الحب يطول ، وتقتضي هذه العاطفة الجياشة التى لا تذبل أبدا أن أحمد الله عليها فهى ثروة لا تقدر بمال وإن أفقدتنى أحيانا الكثير منه .. لا يهم .. المهم أن أعانق الوجود.
على شرف مائدة الحب أقدم للقارئ الكريم نص حوار أجرته معى الصحفية الصينية لي ساو تانج


بداية ما الحب من وجهة نظرك ؟

الحب الصادق شعور آسر يمسك بتلابيب القلب والوجدان ويشع في الأرواح دون ترتيب ولا أسباب ..وهو يختلف عن كل المشاعر لأنه لذيذ ومطلوب وقوي التأثير إلى درجة الاستبداد ، وعادة ما ينتج عن تلبية مطلبه بلقاء الحبيب فرح وسعادة وأمل ورغبة في معانقة العالم والناس ، كما أن الهناء فيه يدفع صاحبه إلى التسامح والحنان والرفق بالحيوان والرغبة في المساعدة والفرح بما يحققه الآخرون من توفيق.. كما أنه يدفع صاحبه إلى العمل والابتكار والسمو عن الدنايا ، والفرح لا ينتج من اللقاء فقط ولكن حتى من ذكر الناس للحبيب وتناول سيرته بترحيب ، بل لو سمع حبيب اسم حبيبه  يحمله آخر فهذا يكفي لتذوق بعض الهناء.. وأقسي المعاناة الفقد أو الفراق
لأن روح الآخر تكون قد اندمجت مع روح الحبيب حتى غدا الاثنان شخصا واحدا . والحب لا يعرف الطبقات ولا التمييز العنصري ، والحب الصادق قادر على تحويل العاهرة إلى قديسة.


ماذا عن أهمية الحب في حياتنا ؟

الحب روح الحياة ومحرك الوجود لأن كل ما في الكون يتحرك بالحب مع الغريزة،
والحب باني الأمم ومطور الدنيا والدافع لكل جميل ، والحب لا يدفع مطلقا للحرب أو العنف والانتقام ولا السرقة والزنى وكل الآثام التي لا تنتجها إلا الكراهية والحب منبع السلام والخير والحق والجمال والفنون والآداب ، ولا تسأل الشعوب المتخلفة عن سبب ما هي فيه لأنك سوف تدرك للوهلة الأولى أن الحب غائب تماما.. الحب الصادق مدرسة للأخلاق الرفيعة ومناخ ملائم جدا للحرية .

كيف كان الحب في حياتك كأديب  ؟

لا يمر علىّ يوم واحد تقريبا دون حب ..أنا أمارس كل شيء بالحب وما زلت صالح لكل أشكال وألوان الحب ومنه حب الجنس الآخر فالحب لا سن له، كما أنى لا أكتب أي موضوع إلا إذا وقعت في حبه .. الحب عيوني التي أري بها العالم. والحب وحده يكفينى كي أكون سعيدا ولو فقدت كل شيء .

هل تعتقد أن الحب مازال موجودا بين الناس ؟

يوجد بعض الحب على استحياء وفي الغالب مسروق ومُهرب، ومعظم عصافير الحب طارت عبر النوافذ لأن القلوب ممتلئة بالتلوث مثل الفضاء .. والحب من شروطه الصفاء والنقاء والإحساس والصدق ، ويستحيل أن يحب بأمانة شخص كاذب .. و في بعض البلاد المتعصبة والمتناحرة تجري محاربة  الحب بضراوة والسعى بحماس لخنق أغانيه وسحق زهوره ومحاولة تلويث المناخ الملائم كي ينمو ويترعرع ، وفي هذه الأجواء تمتلئ الحياة  بالحماقة والجنون والعنف والجرائم والسطحية وغياب الابتكار وتراجع الأمل وتحول الأحلام الجميلة إلى كوابيس.وأتصور أن كثرة الحدائق والاهتمام بالطبيعة يساعدان على أن يجد الحب عشا صالحا

قصة الحب الأول في حياتك .. نجحت .. أم فشلت .. وماذا استفدت منها ؟

أحببت عدة مرات في فترة الصبا وأوائل الشباب وفشلت جميعها لأن معظمها كان ينقصه التكافؤ والفهم المتبادل والانطلاق من عاطفة سائلة  فضلا عن تدخل العائلاتبصورة باطشة أحيانا.

الحب في حياة الأدباء هل يختلف  ؟

لا أعرف على وجه الدقة ، لكننى أظن أن الأدب نادرا ما يزور الكاتب الذي يفتقد القدرة على الحب أو غير مؤهل له ، وأعتقد أن أصلح البشر للحب هم الفنانون والأدباء

احك لنا قصة حبك للأدب والشعر ؟

وقعت في غرام الشعر والشعراء من أمثال شوقي وحافظ وإليا وجبران وإبراهيم ناجي والشابي وغيرهم فحاولت تقليدهم وسرعان ما سلمنى الشعر للحب فكتبت شعرا في بنات الجيران وعشت أياما جميلة مرت بحالات متباينة من السذاجة والعاطفة  البسيطة إلى النضج لكنى استفدت كثيرا من تربية قلبي منذ الصغر على الحب .



ما رأيك في الحب زمان والحب الآن ؟

لم تمنع القيود قديما من أن تتسلل بعض قصص الحب بين الوديان والجبال والشوارع والأزقة والقصور والحقول لأن عبادة المال والرغبة في الامتلاك  لم تكن معيارا للاستمتاع بالحياة ، المعيار الأول كان للحب والشجاعة والاحترام ،أما اليوم فقد تغلب الغرام بالمال وعبيده على كل القيم فتراجع الحب وخفت صوت الشجاعة ولم يعبأ أحد بالاحترام وحسن السمعة والأخلاق إلا الفئة القليلة.

هل تغير مفهوم الحب مع تطور الإنسان وتغير العصر وتقدم السن أو الثقافة ؟

الحب لم ولن يتغير مفهومه ولا الدروب المفضية إليه .. ما ذكرناه آنفا سيظل حتى يوم القيامة ، ولا يؤثر في الحب سن أو سياسة أو تطور أو ثقافة ، لأن القاتل فقط هو هيمنة المصالح ، ويكفي أن نتذكر ما الذي يحدث عندما تفكر كثير من العائلات في تزويج ابنها أوابنتها .. تدور عجلة المنافع بقوة وتنشغل بحساباتها دون اعتبار للتكافؤ والمشاعر  ، والسؤال الدائم هو .. ما الذي سنجنيه من وراء القادم؟ ، إذن المفهوم لم يتغير ولكن العوائق زادت فذبل الحب وما عاد يجد الأكسوجين الذي يهبه الحياة.

ما رأيك في الشك –  الغيرة – الرومانسية ؟

الثلاثة من المشاعر الطبيعية الوارد أن تشغل خاطر المحبين لكن  الإفراط فيها قد يهدد الحب مهما كان راسخا.

ما رأيك في مفهوم المتشددين للحب وتحريمهم الاحتفال به ؟

المتشددون مساكين .. محرومون من الحب والجمال والسلام والأمل ومحرومون من الفهم الدقيق للحياة .. كل المتشددين في الأصل تجار ، لهم أهداف نفعية ومظهرية فضلا عن العماء والعقول المتحجرة ، وكل ذلك يدفعهم للانزعاج من سيرة الحب

كيف كانت مواصفات شريك حياتك  ؟

زوجتى جاءت كما أتمنى بعد محاولات كثيرة فاشلة وقد اختارتها أسرتي ،

بالعقل أم بالقلب اخترتها ؟
بالعقل

ما رأيك في زواج الصالونات ؟
كل الزواج طيب .. المهم التكافؤ والتوافق وتوفر الانسجام ومرفوض لي عنق المشاعر لحساب أي سلطة خاصة سلطة المال .

ما رأيك في حب المراهقة ؟
تجارب لا بأس بها وغير مستحب البناء عليها فهى مثل بناء كوخ من القش في منطقة عاصفة

ما رأيك في الثورات العربية وعلاقتها بحب الأوطان ؟

هناك من بين مشعليها مخلصون وتجار ، ومعظمها خال من الفكر والحكمة والخبرة
.. الأمر الذي أدي مع المبالغة في طلب الحرية إلى نشر الفوضي


رسالة حب توجهها للشعب المصري ؟

أنحنى للشعب المصري الذي هب في وجه أعدائه ومضلليه مرتين في يناير2011ويونيو 2013 ، ومما يؤسف له فقد تنازعت النخب السياسية وبحثت عن مصالحها التى شغلتها عن إحداث أي تغيير ومن ثم لم تر الثورة النور حتى الآن ، ولن تتحقق الثورة إلا بجهد هائل  يستهدف إنقاذ الوطن من الهاوية ويتولى شئونه مسئولون شرفاء يعتمدون على الإدارة العلمية وإنكار الذات وقدوة في الانضباط والموضوعية والابتكار.

   

 

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

سوبر كاتب حضرتك تكتب في كل المجالات بلا إستثناء وجدت كتاب لك بعنوان كيف تختار زوجتك؟ وجدته لدي باعة الكتب القديمة فطوحته علي طول يدي، وطبعاً من قبل تخلصت من كتبك القليلة في مكتبتي لتواضع قيمتها من جهة ولأنك لم يطابق قولك عملك، ما علاقتك بالحب وأنت تؤيد الدماء وتسوغ وتبرر لها وتزيد من هوة الاستقطاب والانقسام أعطم المخاطر علي مصر، هي ثورة واحدة أما ثلاثين زفته فاكذب أحداث التاريخ لأنها مصابه بورم فلولي وطائفي خبيث، ولأنها قتلت المسار الديمقراطي ثمرة يناير، وليس الورم عافية، والأحداث تثبت كذبها، وقولك الأخير تبرير للفشل الذريع، جولة الربيع العربي اشتعل لها الأمل مرة أخري بالمقاومة لتخوض جولة شرسة جديدة ضد الثورة المضادة، الحمد لله كنت اظن أن الضربة كانت قاسية جداً، فسبحان الله ثورة يناير لن تموت بإذن الله