2014/09/30

د.هدى عطية لوكالة أنباء الشعر: الساحة الأدبية مصابة بداء عضال..ووزارة الثقافة تقاوم الانهيار

د.هدى عطية: الساحة الأدبية مصابة بداء عضال..ووزارة الثقافة تقاوم الانهيار
د.هدى عطية: الساحة الأدبية مصابة بداء عضال..ووزارة الثقافة تقاوم الانهيار
وكالة أنباء الشعر – محمد زين
معنا ومعكم اليوم ناقدة وشاعرة بلغت من العلم والثقافة ما أهلها لتكون المستشار الثقافي للجنة الثقافية العليا بجامعة عين شمس، والذي يُعد من أعلى المناصب الثقافية، بجانب كونها المشرف العام على المركز الثقافي بجامعة عين شمس، والعضو باللجان القومية المتخصصة بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيسة مؤسسة إبداع الدولية للتنمية الثقافية. هي الدكتورة هدى عطية التي تُشرفنا اليوم بحوار خاص مع الوكالة تناقش به حركة النقد المصري، ومعايير الناقد الحقيقي، والساحة الأدبية، وأمور أخرى كثيرة، فإلى الحوار:

- في البداية.. أين تقف حركة النقد المصري في تجربته على ساحة النقد العربي؟
النقد المصرى له بطبيعة الحال خصوصية وهوية لا يمكن فصلها أو بترها عن حركية وخصوصية النقد على الساحة العربية، فالسمة الغالبة على النقد العربى عموماً منذ منتصف القرن الماضى، هى محاولة استئناس القضايا الحداثية، وهو أمر نرى دلائله واضحة فى هذه الآونة سواء فيما تقدمه المجلات النقدية المتخصصة والصحف اليومية في أعمدتها الثقافية والأدبية، أو فى النقد الأكاديمي المتمثل في الرسائل الجامعية.
ورغم ذلك فإن ثمة ما يميّز حركة النقد المصرى ويمنحها طابعها الفريد؛ إذ تتمتع فى انطلاقها بقدر من الشمولية ولا محدودية الأبعاد منفلتة من سطوة التقسيم الجغرافى الذى فرض نفسه على خارطة النظرية النقدية العربية المعاصرة. فمن المعلوم أن تأثر المشرق العربى باللغة والثقافة الإنجليزية، وتأثر المغرب العربى باللغة والثقافة الفرنسية، أضفى قدرا من الاختلاف على النظرية النقدية هنا وهناك، هذا فضلاً عما تحدثه الاختلافات الثقافية والتاريخية والفكرية من تباين مرجعيات الفكر النقدي المشرقي والفكر النقدي المغاربي، ومن ثم تعددت المسافات بين اقتراب وابتعاد من مفاهيم وآليات النظريات النقدية المعاصرة، وقوعا فيما قد ندعوه بالتعصب لرؤية أحادية أحياناً.
ولكن حركة النقد المصرى - ربما أيضا بحكم وسطيتها الجغرافية- لم يعتريها شىء من هذا التضييق، فأى متابع يلحظ ثراءها بتصورات ونظريات متعددة تعتمل جميعها لاستجلاء النص الإبداعى وسبر أغواره، هذا هو المشهد الذى يبدى ذاته بوضوح.

- النقد في حد ذاته.. هل ترين أنه يحتاج إلى دراسة وأحكام مُفصلة يستند عليها أم أنه يحتاج بشكل أكبر إلى الذوق الفطري كما كان في العصر الجاهلي؟
الواقع أن النقد الأدبي وإن كان منطلقه الذوق وهو أساس العملية النقدية، إلا أنه فكر ومنهج وعلم، وبالتالي فإن الناقد بوصفه قارئاً حصيفاً عليه أن يتزود بهذه الأدوات المنهجية والعلمية التي تقتضيها القراءة المنهجية للنص الإبداعي، وإلا فإن القراءة ستصبح مجرد قراءة انطباعية فحسب.

- في رأيك الشخصي .. ما هي الأدوات اللازمة التي يجب أن يمتلكها الناقد الادبي؟
طبيعة العمل النقدى – أيا كانت التوجهات أو المنطلقات النقدية – تفرض على النقاد الأكفاء امتلاك عدة أدوات منها:
• فهم نظرية الأدب من حيث طبيعته الخاصة وعلاقته العامة بالحياة.
• أن يحيطوا بتاريخ الأدب، فالناقد لا يستطيع أن يستغنى عن التاريخ الأدبى لأن الكلمات والأشكال والأساليب الأدبية كلها لها تاريخ قد نخطىء لو أغفلناه..
• التفقه اللغوى والبلاغى الذى يمكن النقاد من سبر أغوار النص من زاوية كونه معرفة وجمال.
• والناقد الحصيف ينبغى ألا يهمل ضمن إجراءته النقدية ما تعلمه من النقد الأدبى القديم، فهو مطالب بالتوازن المطلق فى الاستعانة بالقديم والحديث وهو يصدر عن عمليات الفهم والتفسير والتأويل.
• أن يستعينوا بأسباب الثقافة التى تمكنهم من تفسير العمل الأدبى وتقديمه للقارئ، وتتوزع هذه الثقافة بين: التاريخ والفلسفة والاجتماع والاقتصاد وعلم النفس، ونحوهما، ولكن دون إفراط.
• المعرفة بفلسفة الفن وعلم الجمال.
• التمكن من المناهج، وبخاصة المنهج الذى يراه الناقد صالحا للتعامل مع النص.
• ومن الضرورى أن يكون الناقد مستوعبا كامل أعمال عصره حتى يستطيع أن ينتقى من بينها – دون تحيز – ما يأتى ملائما لمنطلقاته النقدية سواء تحرك على مستوى الشكل أو المحتوى وبذا يكون قد وزن الأعمال بميزان نزيه.
• أخيراً، هناك عنصر نفسى مهم يعد فى رأيى من أهم أدوات الناقد، وهو امتلاك طاقة الإبحار العميق داخل النص الذى يفضى إلى المكاشفة والتكشف، فعلى النقاد ألا يغفلوا الأطراف الثلاثة للعمل وهى: [المبدع، والمتلقى، والنص] بحيث لا يطغى طرف على الآخر. وعليهم أيضا أن يصدروا عن حياد كامل بالنسبة لجميع الأدباء. حقا ظهر نقاد تعصبوا لطائفة، أو نددوا بمن لا ينتمى لأيديولوجيتهم ولمبادئهم الجمالية ومع ذلك خدموا المجال النقدى، إلا أن عملهم هذا ضر بأدباء واعدين فى حين أعطى الفرصة لأن يعيش غيرهم لمجرد أنهم يتعاطفون مع الناقد أو هم من مدرسته، فيجب أن يكون حكمهم على كل إبداع جديد مستندا إلى ما فى العمل الإبداعى من قيم وعناصر جمالية مؤثرة، ذلك بإبراز ما فى العمل الإبداعى من أساليب تخلق المعنى معدولا عن التقنيات التقليدية المعروفة فى أى جنس، وتكون الطرافة فيصلا فى الحكم لصالح صاحب العمل. ولزاما على الناقد أن يدرك حقيقة المؤلَّف الذى بين يديه، هل يصدر عن قريحة إبداعية ثابتة القدم فى مضمار الأدب، أم عن قريحة بادئ – حتى وإن كان عمره الأدبى طويل.

- الثقافة المصرية بشكل عام.. هل تداخلت مع الحركة الأدبية؟ وما هي مظاهر هذا التداخل؟
من البديهي، بل من الحتمى، أن يحدث التداخل؛ فالثقافة عموماً هي التاريخ الفعلي، أو هى بتعبير آخر، مجمل المعارف الدينية والعلمية والمعيشية والفنية السائدة في مجتمعٍ ما .. والأدب منذ ظهوره الأول فى الحياة يعد بمثابة الضوء الذى ينير التاريخ الفعلى أين كان زمانه ومكانه، ويعيد قراءته وتقديمه وتأويله، وربما خلقه خلقا جماليا جديدا يزيل تشوهه ويرتق نواقصه. هذا هو مرام الأدب.
ولكن، لا يمكن لأديب أن يؤدى دوره، وأن يصيب الهدف الذى نتحدث عنه، إلا إذا تمثل بوعى تاريخ الأمة التى ينتمى إليها، ووقف على تراثها، وطموحاتها، وطبائعها الروحية والعاطفية والمادية، والأحلام العظام لعصرها. هذه الحركة التى يمكن أن نصفها بأنها حركة ارتدادية أو بالأصح بندولية هى ما تفضىى فى رأيى إلى الحراك الأدبى فى علاقته الجدلية المتداخلة دائما بالحراك الثقافى. فعندما نستعرض عصور الأدب التى نقشت في ذاكرة البشرية، والأدباء الذين أنعشت أعمالهم مشاعر الجمال في النفوس، حتى غدت إبداعاتهم معالم بارزة في تاريخ الفكر الإنساني، عندما نفعل ذلك يلفت نظرنا الارتواء الواضح من مَعين الثقافة، وعلى النقيض يبدو أن العقم الثقافي هو ذات الجسر الذى يقود إلى العقم الأدبى.
وما أقوله يصدق تماماً على الثقافة المصرية، فقد كانت ولا تزال جوهر الانسان المصرى، والمحرك الرئيس لوجدانه وعقليته، والمُشكل والجامع لخيوط منتجه وبالأخص المنتج الأدبى، فالأديب المصرى يحمل فوق كتفيه ثقافة ضاربة فى عمق التاريخ السحيق، والحكمة البسيطة أو الأحدوثة الأسطورية.
ولا شك أن متغيرات الثقافة فى الآونة الأخيرة؛ أعنى منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، قد مست في عواصفها الشديدة جذور التفكير الأدبي المصرى، فارتبط بأمور تحكمت فى التجربة الأدبية رغم كونها خارجة عنها أهمها الأيديولوجيات المختلفة التي غالباً ما أضيفت إلى الإبداع الأدبي والفني من خارجه، فاحتدمت الساحة الثقافية بمعارك وهمية، وحوكم الإبداع باسم الالتزام فى وقت، أو الشكل والمضمون أو التجديد أو التجريب، وسادت صراعات وفق تصنيفات خارجة عن عمليات الإبداع. وسط هذا الصراع تزايدت مساحة الكتابات التى تكرس لليومى والشعبى على حساب النخبوى الذى مازال يتمسك بالبقاء، ولم يكن نقل واقع التاريخ المصرى والثقافى الفعلى هو الخيار الوحيد الأثير فقد تطورت الرؤية الإبداعية لدى الكثرة الكثيرة من المبدعين الذين رأوا أن الواقعية هي ضرورة إفساد الواقع.

- من صاحب التأثير الأقوى.. الحدث السياسي أم الأعمال الأدبية المُصاحبة؟
كلمة أقوى كلمة فضفاضة ، ولكن بالطبع الحدث السياسى يكون له فى حينه تأثير كبيرعلى كل المجالات بما فيها تأثيره على الأدب وما يلبث تأثير الحدث السياسى أن يخفت حتى تتمدد طاقة التأثير المصاحبة للأعمال الأدبية الملازمة لحضوره وتتعدى وقت الحدث ذاته متمددة بلا حدود فيما تلاه من عصور.

- هل أنتِ راضية عن الساحة الأدبية والنقدية المصرية بشكل خاص والعربية بشكل عام؟
بالنسبة للساحة الأدبية أرى أنها تعانى من داء عضال، إذ تتميز مع الأسف ولعدة سنوات، بالرداءة، وبكثرة الأسماء التي أدركتها حرفة أدب القفز بالمظلات بدلا من حرفة الحفر عميقا في التجربة الذاتية والوطنية والإنسانية من أجل صياغة معمارية القصيدة أو الرواية أو المسرحية، أو القصة القصيرة إلا في حالات قليلة وربما نادرة.
فالأدب مدعو اليوم لكى يؤدي دوره أن يتزين بالقراءة، ويتأثث بالثقافة ويتدجج بالمعرفة ليفجر ينابيع الأمل في سهوب الإملاق الروحي والمحل الفكري والقحط الوجداني. فلابد له كي يكون فاعلا وفي سياقه السليم من أن يرتبط بنظرة إلى العصر ومستجداته من جهة، وإلى التراث و كوامنه التعبيرية القادرة على الاستمرار من جهة أخرى.
أما عن الساحة النقدية فإنها بحاجة أيضا إلى عدة أمور:
• فقد ظهرت مشكلات متعدد نجمت عن محاولة تطبيق القواعد الغربية فى النقد العربى تطبيقا طائشا، كما وجدت اصطلاحات تشبه فى تلبسها اصطلاحات القدماء. ولم يكن بد من ألا يعقد الأدباء أملا على ناقديهم، لا سيما بعد أن ظلوا على إصرارهم فى احتذاء الغربيين بل احتذاء طائفة معينة منهم. ومن ثم يلزمنا العودة إلى النظريات النقدية الغربية لنستفيد منها بما يتلاءم مع طبيعة الإبداع العربي دون أن نتعسف في تطبيق هذه النظريات على أنها نظريات مقدسة. ذلك أن ما لم يدركه بعض نقادنا ومفكرينا أن هذه النظريات على أهميتها المعرفية والمنهجية والمفاهيمية إلا أنها نظريات جاءت لتخدم ثقافة معينة لها خصوصيتها وهويتها..
• ويلزم أيضا القيام بحفريات عميقة في الحقول المعرفية في ثقافتنا العربية حتى نستطيع أن نكون لأنفسنا نظرية عربية في الفكر والمعرفة، ولن يتأتى ذلك إلا بتعاون كبير بين مختلف مفكرينا وعلمائنا في إطار منظم يسمح لنا بإنتاج أدوات المعرفة التي تتيح لنا بدورها إنتاج النظريات النقدية العربية الخالصة التى باتت حلما غير قريب المنال. ليس مطلوبا أن تكون لنا نظرية خاصة، لكن لابد من أن تكون لنا نظرية ناطقة بالعربية مستفيدة من نظريات ومناهج الدنيا كلها بل مستفيدة من تجارب النقد والبلاغة والفلسفة في تراثنا العربي دون أن نقع في أسر الماضي أو أسر الآخر، إنها نظرية مكتوبة بالعربية لكنها صالحة مع النص غير العربي أيضاً.
• وهناك ظاهرة ينبغى الالتفات إليها، فلعل اضطرار الأدباء إلى الكتابة عن بعضهم البعض يدعو النقاد المتخصصين إلى التضحية بجزء من طاقتهم ووقتهم لمتابعة ما يصدر من انتاج، لان من شأن عدم المتابعة ان يؤدي إلى احباط المبدعين الشباب، كما أن المتابعة تؤدي إلى فرز الجيد والرديء، لا سيما بعد ان شاع نوع من الفوضى والبلبلة بسبب دخول بعض الطفيليين إلى الساحة الادبية وهم معدومو الموهبة ويفرضون انفسهم بحكم إفساح الإعلام مساحات كبيرة لهم، ولتكوينهم جماعات فيما بينهم، وهي الآفة التي تستشري بعض مظاهرها في الميدان الأدبي الآن.
• ومن العيوب التى يجب أن تتخلص منها الساحة النقدية التفات بعض النقاد إلى نفر معين من المبدعين، وكأن القريحة الإبداعية لم تنجب غيرهم، فجاءت كتاباتهم مكرسة لشخص ما يتلائم نتاجه مع فكرهم النقدى.
• ولعل جزءاً أساسياً من دواء الساحة النقدية يتمثل فى ضرورة تأكيد الدور الفعلى للجامعة، فمن المتفق عليه عالميا هو أن الجامعات هي مصنع الفكر النظري النقدي بشكل عام، والنظرية الأدبية بصورة خاصة وهي كذلك فضاء التجريب، ومن المفترض أنه بعد إنضاج الأفكار والنظريات في الجامعات تنطلق عمليات نقلها إلى الحياة الاجتماعية وتطبيقها في البيئة الثقافية، وإلى تأويل الإنتاج الأدبي الإبداعي كالمسرح والشعر والقصة والرواية وهلمّ جرا.. ولكن حالة جامعاتنا يرثى لها حقا حيث إن التكوين في هذه المؤسسات يعاني من عدد كبير من النقائص التي تحول دون بناء أسس مناخ يولد ويترعرع فيه الفكر النقدي المتفرّد والمتطوّر، ومنه النقد الأدبي بوصفه جنسا له خصوصيته.

- هل يُفترض كون الناقد شاعراً أو كاتبا حتى يستطيع إعلان نفسه "ناقداً أدبياً"؟
ليس بالضرورة، وإن كان انصراف بعض الكتاب إلى النقد جنباً إلى جنب الإبداع أمر غير مستغرب، فمنذ جدنا القديم النابغة الذبياني الذي كان ينصب خيمته الحمراء في سوق عكاظ ويحكمه الشعراء فيما بينهم حتى الكاتب العملاق عباس العقاد وغير هؤلاء، والمجتمعات الأدبية العربية تضم شعراء نقاداً في نفس الوقت، وربما نفتقد المنهجية الأكاديمية في دراسات هؤلاء المبدعين، لكنهم يتميزون عن النقاد الأكاديميين بنضارة الأسلوب والحيوية، وبعضهم له نظرات ثاقبة تحكم ذائقته الفنية، ولا نعيب عليهم ما تتسم به مقالاتهم من انطباعية، لأن الانطباعية مذهب معترف به، إذ يقوم على الذائقة الفنية السليمة والخبرة بالإبداع. ولن أجادل كثيرا فيما يطلقه بعض المبدعين من مقولات حول التأثير السلبي الذي يحدثه الاقتراب من الأدوات النقدية بالنسبة للمبدع.
وخلاصة الأمر، أن الكاتب مبدع أما الناقد فهو عالم مبدع، الكاتب يبدع ما يحس به من أحاسيس ومشاعر ويصورها، أما الناقد فإنه بجهود عقلية كاملة وليس بشحنة عاطفية يقرأ النص فيبحث أفكاره وموضوعاته والأسلوب الذي أتبع فيه. الناقد يمارس عملية عقلية صناعية لا تخلو من إبداع من الدرجة الثانية، أما الكاتب فهو مطبوع يقول ما يحس به من أحاسيس ومشاعر.

- هل للنقد حدود مُعينة.. بمعنى هل يمكن للناقد الأدبي أن ينقد عملا فنيا والعكس؟
طبعاً يمكنه فعل هذا من أكثر من زاوية أهمها العلاقة بين النص والعرض فى فنون السينما والمسرح وغيرها. ولدينا نقاد أمثال الدكتور عبد القادر القط والدكتورعز الدين إسماعيل و الدكتور صلاح فضل.. وغيرهم، برعوا فى لعب دورهم داخل الحقلين: النقد الفنى والنقد الأدبى معاً.

- يرى البعض أن حركة النقد المصرية أصبحت ضعيفة وانعدم تأثيرها على الأعمال الأدبية.. ما رأيك؟
الأزمة ليست أزمة نقد بل هي أزمة نقاد إذ نجد المبدعين يكثرون الآن من الكتابة والنشر في الدوريات المختلفة ودور النشر الحكومية والأهلية وعدد النقاد قليل بالقياس إلي الكم الموجود ولذلك نحتاج إلي ثورة نقدية لمتابعة سيل الإبداع الحالي، لابد أن ينشط النقاد الكبار والشبان لأن العبء كبير ونحتاج إلي عمل يومي لاينقطع كما أن تفعيل الصفحات الثقافية في الدوريات واجب الآن لكي تستوعب الزخم النقدي الآتي.

- إلى أين تتجه وزارة الثقافة المصرية؟
هى باختصار تقاوم الانهيار الذى يمثل خطوة ينبغى تثمينها من أجل البناء، علاج ذلك الانهيار أخاله ممكنا بشروط بسيطة، هى:
- اختيار القيادات الثقافية المنتمية ذات الكفاءة والنزاهة.
- تعظيم الدور الرقابي.
- ربط الترقيات للقيادات غير المنتدبة بالمؤهلات المناسبة للمكان والقطاع الثقافي.
- التخطيط الطويل والمتوسط المدى.
- تفعيل دور المجلس الأعلى للثقافة أكثر مما عليه الآن وجعله يتفق ويتسع لحجم مُسماه.
- تأكيد دور المبادرات الخاصة و إتاحة فرص التعاون مع مؤسسات ثقافية لها هذه السمة ودعم مشارعها التى تمثل سندا للثقافة وهذا ما بدأته فعلا مؤسسة إبداع الدولية للتنمية والثقافة التى أشرف بتولى إدارتها.

- ما الجديد في كتابك "جماليات المكان فى الشعر المعاصر – قراءة ظاهراتية تأويلية" الذى صدر هذا العام ؟ ولماذا الرؤية الظاهراتية دون غيرها؟
دعنى أبدأ من الشق الثانى من سؤالك (الرؤية الظاهراتية). القراءة الظاهراتية تتسم بالموضوعية إذ لا تنطلق من تصورات ومقولات جاهزة بل تتوجه إلى الظاهرة المدروسة مباشرة راصدة ما يبدو للخبرة المباشرة.
إن القراءة الظاهراتية للخطاب الشعرى تؤكد أن الجمال "وجود قصدى، تشكيلى، ذو مضمون معرفى، يتأسس على الإبداع ، والنظام ، والتقويم" .والمقصود بالوجود القصدى فيما يخص موضوعنا: هو حدوث جمال المكان المتمثل شعريا نتيجة قصدية الشاعر للعالم وتشكيل عناصر المكان فيه تشكيلا يكشف عن ممكنات العالم وممكنات ذاته، ويتدخل فى صنع هذا التشكيل كل مكون الوعى الشعرى من: ادراك حسى وخيال وعاطفة وانفعالات. هذا هو المنطلق الذى أسست عليه دراسة المكان فى الشعر المعاصر.
أما عن الجديد فى العمل فكل فصل من فصوله ينطق بالجدة بدءا من المتابعة الجدلية لفعل الخيال فى صناعته وخلقه للجمال فى الصورة الشعرية المكانية، مروراً بالحقائق التى تتكشف عبر نثار الصور المكانية والتى يمكن متابعتها على كل المستويات سواء النص أوالوعى فى فرديته وشموله.

- كلمة أخيرة.. وكلمة لوكالة أنباء الشعر...
تحية تقدير للوكالة فلا يمكن لمواسم وفصول الحراك الثقافيّ والإبداع العربي أن تؤتى ثمارها إلا بجبهة إعلامية قوية تعزز وترصد تعاقب وتتابع مناخ الثقافى على امتداد الجغرافيا العربية.

ليست هناك تعليقات: