2014/09/26

في عددها الرابع: «عيدان الخيل»تناقش قضايا الحوار الديني وتبحث عن واقع تعليمية اللغة العربية



 «عيدان الخيل»تناقش قضايا الحوار الديني وتبحث عن واقع تعليمية اللغة العربية
   بقلم:محمد سيف الإسلام بوفـلاقـة
-جامعة عنابة-
          تهدف مجلة «عيدان الخيل للثقافة والعلوم والآداب» الصادرة عن  مؤسسة عيدان الخيل بالشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة   إلى الإسهام في نشر الثقافة والآداب والعلوم وتطويرها،وتيسير الاتصال بين أهل العلم والفكر والكتَّاب في دولة الإمارات العربية المتحدة،وعلى المستوى الإقليمي والعربي والإسلامي لتحقيق النهوض الفكري والحضاري،وفق القيم والمبادئ الإسلامية.
      رئيسة تحريرها الباحثة الإماراتية المتميزة الدكتورة أسماء أحمد العويس،وتتولى سكرتارية تحريرها الأستاذة مروة الشربيني، وتتكون الهيئة العلمية الاستشارية للمجلة من مجموعة من الباحثين المتميزين نذكر من بينهم : الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزحيلي، والأستاذ الدكتور عبد العزيز دخان، والأستاذ الدكتور سلامة محمد الهرفي البلوي، والأستاذ الدكتور  خليفة بابكر الحسن،والأستاذ الباحث سيف راشد المزروعي،والدكتور قاسم سعد،والأستاذ الدكتور محمد عبد الله سعادة، والدكتور محمد أحمد عبد الرحمن،والدكتور عثمان جمعة ضميرية...،وغيرهم.
             وقد صدر مؤخراً العدد الرابع من المجلة الخاص بشهر رمضان1435هـ/يونيو2014م،وكما عودت المجلة قراءها فقد تميز باحتوائه على عدد من الدراسات والأبحاث الجادة والعميقة.
          افتتاحية العدد كتبتها الدكتورة أسماء أحمد العويس؛رئيسة تحرير المجلة،وقد عنونتها ب«حُسن سياسة النفس»،ومما جاء فيها قولها: «إن فقه السير إلى الله حسن سياسة النفس حتى تستمر على انطلاقها إلى الله تعالى،ولذلك فإن للنفس حالة النشاط والقوة،وحالة الفتور والإدبار،ولكل منهما فقه خاص للتعامل مع النفس،فقد جاء عن عبد الله بن عمر قال:قال صلى الله عليه وسلم:(فإن لكل عابد شرة،ولكل شرة فترة،فإما إلى سنة،وإما إلى بدعة،فمن كانت فترته إلى سُنة فقد اهتدى،ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك)-أخرجه أحمد في المسند وإسناده صحيح-،وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله:(إن للقلوب شهوة وإدباراً فاغتنموها عند شهوتها وإقبالها،ودعوها عند فترتها وإدبارها)،وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه:(إن لهذه القلوب شهوة وإقبالاً وإن لها فترة وإدبارها،فخذوها عند شهوتها وإقبالها وذروها عند فترتها وإدبارها).
          فعلينا أن نُحسن سياسة أنفسنا ففي حالة الإقبال نُكثر من الأعمال الصالحة والعبادات ونلزمها بنوافل الأعمال والسنن،ونأمرها بأداء التكاليف ليلاً ونهاراً،وفي حالة فتورها نلزمها الفرائض الواجبة من العبادات،ونعاملها برفق ولين حتى تقبل،فإذا أقبلت شددنا عليها مرة أخرى،والنصيحة الغالية في هذا الموطن لا تكن مع نفسك كالعصا فتكسر،أو كالليمون فتعصر،وإنما كن حكيماً في تعاملك معها،ووجهها حين إدبارها إلى عمل سهل ويسر ولا يحتاج إلى مجهود لبذله،ولكنه في نفس الوقت عمل إيجابي فيه أجر من الله تعالى،وعلى الإنسان أن لا يسبق إلى حُسن الظن بنفسه،فيخفى عنه مذموم شيمه ومساوئ أخلاقه... ».
                البحث الأول الذي ضمه العدد الرابع من مجلة عيدان الخيل بين طياته كتبه الدكتور محمد الأمين ولد أن؛أستاذ في جامعة نواكشوط بموريتانيا،وقد وسمه ب:«الحوار الديني بين أهل الذمة والمسلمين في الأندلس:قراءة في الخلفيات والدلالات »،وقد ذكر في ملخص بحثه أن المسلمين في الأندلس أقاموا دولة تعايشت تحت ظلها عناصر بشرية مختلفة تمكنت بمرور الزمن من الاحتكاك والاختلاط،فقد كان للصلات الوثيقة بين المسلمين ورعاياهم من النصارى واليهود،فعلها من خلال الحوارات الدينية التي كانت تدور بين أصحاب الثقافات المختلفة في الأندلس،لقد اتسم الحوار الديني بين المسلمين وأهل الذمة بالأندلس بطابع السلم الذي هو أساس التعامل الذي يدعو إليه الإسلام،على الرغم من حدة النبرة التي اتخذها الجدل أحياناً بين تلك العناصر المختلفة في الدين،وقد حافظ النصارى واليهود في الأندلس على ثقافتهم الدينية الخاصة بهم،التي تستمد مصادرها من كتبهم المقدسة،وانفتحوا على الثقافة العربية الإسلامية،وهذا ما ساعدهم على فهم الإسلام.
          وقد أشار الباحث في خاتمة بحثه أن هذا الحوار شكل دليلاً على احترام الإسلام للرأي الآخر المخالف في الدين والملة،بما في ذلك من قبول للتنوع والتعدد داخل المجتمع الواحد،مما أسهم في إشاعة جو من التعايش والحوار بين مكونات المجتمع الواحد،وأبان الحوار عن روح التسامح الديني الذي يكفله الإسلام لغير المسلمين،إذ يعطيهم حق تباين عقائدهم والدفاع عنها،كما أبان أيضاً عن حقد اليهود للمسلمين والإسلام ومحاولتهم وصفه بالتناقض،كما فعلوا مع كتبهم المقدسة،ورغم التباين في المبادئ والآراء بين المسلمين وأهل الذمة،فإن ذلك لم يقد إلى الصدام والصراع،ذلك أن الأديان والمعتقدات مهما اختلفت تدعو إلى حفظ أسباب الاستقرار والسلام بما يؤدي إلى إغناء الحضارة وازدهارها،وقد دار الحوار الديني بين المسلمين ورعاياهم من أهل الذمة باللغة العربية،وهو أمر بالغ الدلالة على مدى تعرب اليهود والنصارى بالأندلس الإسلامية.
            وتعرض الأستاذ الدكتور عبد الكريم بن محمد بناني؛ رئيس جمعية البحث في الفكر المقاصدي في المغرب إلى موضوع :«منهجية إصلاح الكتاب عند المحدثين ومقارنتها بمنهجية العدول الموثقين »،وقد وصف دراسته بأنها جاءت وفق منهجية المقارنة،وقد قسمت إلى مبحثين اثنين:الأول يتناول ما اتفق عليه المحدثون والموثقون من اصطلاحات تعتني بإصلاح الكتاب أو الوثيقة وإن اختلفت منهجية العمل بها،والمبحث الثاني يوضح ما انفرد به كتاب الحديث النبوي الشريف من اصطلاحات تبرز خصوصيتهم في هذا المجال.
      وقد خلص الباحث إلى وضع التوصيات التالية:
     أولاً:أهمية الاعتناء بالمقارنة بين مناهج العلماء في شتى الميادين للاستفادة من مكامن القوة التي تخول وضع تصورات منهجية جديدة لبعض العلوم،والإفادة من المناهج المختلفة وفق مقاربة علمية توحد الرؤى والمناهج بشكل علمي توافقي.
          ثانياً:أهمية المناهج الحديثة عموماً وارتباطها بعلوم أخرى تؤكد صحة هذه المناهج ودورها في تقريب هذه العلوم وتيسير سبل الاستفادة منها.
         ثالثاً:الإفادة من منهجية إصلاح كتب الحديث النبوي الشريف بعد تحقيق هذه المنهجية  وربطها بباقي المناهج الأخرى التي لها علاقة كمنهجية إصلاح الوثائق العدلية عند الموثقين أو غيرها من المناهج-إن وجدت-في دراسة وفهم وتحقيق النصوص الشرعية.
            وقد خصص الأستاذ الدكتور محمد عبد الله سعادة؛ عميد الدراسات العليا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي،بحثه لدراسة:«رُب دراسة نحوية دلالية»،وقد ذكر في مستهل بحثه أن رُب أداة يستعملها المتحدثون،منهم من يريد بها التقليل،ومنهم من يجعلها للتكثير،كل حسب مراده،ومنها لغات متعددة في نطقها،ويهدف الدكتور محمد عبد الله سعادة في بحثه هذا إلى الحديث عن المعيارية في وجوب تصدرها ووجوب تنكير مجرورها،وفي أنها زائدة في الإعراب،وأن مجرورها غالباً يأتي موصوفاً في مثل:رب رجل عالم لقيت،وقد تزاد(ما)بعدها في نحو:ربما،ومما جاء في مقدمة البحث :«وردت رُب في أساليب العرب شعراً ونثراً،وفي الأحاديث النبوية،ويأتي السؤال أهي اسم أو حرف،وهل تفيد التقليل أو التكثير،أو تفيد الأمرين معاً حسب السياق وما إعرابها،وهل لها تعلق بما بعدها،وغير ذلك،وهذا يعد إشكالاً يتطلب الدراسة حوله،ولذا اخترت هذه الأداة للدراسة،واضعاً لها خطة حسب الأمثلة والشواهد التي مرت بنا في كتب السابقين من شعر ونثر،حيث وردت(رُب)في معلقة امرئ القيس أربع مرات،مرتين ظاهرة،ومرتين محذوفة بعد الفاء أو الواو،وكان إذا وردت(رُب)في حديث شريف يتم توجيه الإعراب فيه حسب المعنى المقصود منه...
        ومما دفعني إلى اختيار تلك الأداة للدراسة تحقق شروط خاصة فيها:مثل تصدرها،وتنكير مجرورها،ودخولها على الضمير،وذكر العامل فيها أو حذفه... ».
               وأما الباحث شعبان أحمد بدير؛ الأستاذ المساعد بجامعة العلوم الحديثة بدبي،فقد ناقش في بحثه جملة من القضايا التي ترتبط ب:«القراءة السريعة وتنمية قدرات العقل»، وقد أوضح هدفه من إنجاز هذا البحث في لفت الأنظار نحو القراءة السريعة بصفتها مهارة من المهارات اللغوية المهمة التي تحتاج إلى تطوير عند القارئ الحر والمتخصص،حتى يستطيع مواكبة الانفجار المعرفي والثقافي الهائل والكثرة   في أعداد المؤلفات والمطبوعات على مستوى العالم.
          وقد أشار الباحث إلى أهمية القراءة السريعة وفوائدها،مثل :توفير الوقت والقضاء على الملل،وتنشيط الذاكرة،وتحسين الاستيعاب،وتحسن كمال الفكر،ومن بين النتائج التي توصل إليها الدكتور شعبان أحمد بدير من خلال بحثه هذا:
-أن القراءة السريعة برنامج عقلي جديد يحوي نظاماً متكاملاً يقود الفكر الإنساني إلى التدرج والتطور في استيعاب الحركة السريعة للمعرفة.
-أن القراءة السريعة تحتاج إلى مهارات وطرائق لتحقيقها،مثل:تحديد الأهداف والنظرة العامة وتحديد السرعة المبدئية وفق معادلة تحديد السرعة.
-أن القراءة السريعة من الوسائل المهمة و المؤثرة في النفاذ إلى قدرات العقل البشري الهائلة وغير المستغلة،والعقل البشري له دخل كبير في تسريع القراءة أو بطئها،حيث إن المشكلات الشائعة للقراءة والتعلم يمكن اختصارها في استخدام العقل،لأن العقل هو المحرك الرئيس لعملية القراءة ويجب أن نبحث عن أفضل الطرائق للارتقاء به في هذا الجانب.
   وقد جاء في التوصيات التي قدمها الباحث:
1-ضرورة الاهتمام بتعليم القراءة السريعة للتلاميذ منذ مراحل تعليمهم الأولى،وخصوصاً بعد الصف الثالث الابتدائي،عندما نتأكد من إجادتهم للقراءة ونطق الحروف والكلمات نطقاً صحيحاً.
2-الاستفادة من التقنيات الحديثة والأفكار المبدعة في تسريع القراءة،مثل:الخرائط الذهنية،والصور اللمحية التي تعرض على أجهزة العرض السريعة.
3-تكثيف الدورات التدريبية حول القراءة السريعة في المؤسسات والهيئات،وخصوصاً التعليمية والإعلامية منها.
4-أن تأخذ القراءة حظها المناسب من الوقت في الخطة الدراسية في مادة اللغة العربية.
5-العمل على الاستفادة من قدرات فصي الدماغ،وإحداث التقارب بينهما،لإحداث كمال الفكر وتسريع القراءة عن طريق التجارب العملية في المدارس حتى نخرج جيلاً عملياً وعلمياً راقياً.
       وتطرق محمد سيف الإسلام بوفلاقة من عنابة بالجمهورية الجزائرية إلى موضوع:«الواقع التعليمي للغة العربية-المعوقات والحلول-»، وقد جاء في ملخص بحثه:« يهدف هذا البحث إلى دراسة الواقع التعليمي للغة العربية،فيركز على واقع استعمال اللغة العربية مادة وطريقة في الميدان التعليمي،ويسلط الأضواء على المعوقات التي تعترض العملية التعليمية في مختلف المراحل،كما يُقدم جملة من الاقتراحات والحلول للنهوض بتعليم لغتنا العربية،ويؤكد على أن النهوض بتعليمها ينطلق من تكوين معرفة موضوعية بواقعها.
     وينقسم البحث إلى قسمين رئيسين:
          القسم الأول موسوم ب«مفاهيم للتحديد»،وقد اجتهدنا فيه بغرض تقديم مجموعة من التعريفات التي ترتبط بالموضوع،وتقدم إفادة عميقة للمهتم بتعليمية اللغة العربية،وهي:«التعليمية»،و«اللغة»،و«التعليم والتعلم»،و«تعليمية اللغات»،و«التربية»،و«البيداغوجيا».
              أما القسم الثاني فهو معنون ب«تعليم اللغة العربية:المعوقات والحلول»،وقد ناقشنا فيه جملة من القضايا التي ترتبط بالمعوقات التي تعترض تعليم اللغة العربية،واستعرضنا مجموعة من  التجارب،والرؤى، والحلول التي قدمها مجموعة من الدارسين في إطار سعيهم لإيجاد حلول ناجعة للارتقاء بتعليم اللغة العربية.
             وختمنا البحث بفذلكة قدمنا فيها مجموعة من التوصيات التي توصلنا إليها من خلال فحصنا لواقع تعليم اللغة العربية».
      وقد اعتمد محمد سيف الإسلام بوفلاقة في بحثه هذا على مجموعة كبيرة من المصادر والمراجع الثمينة من بينها:
1-أعمال ندوة تيسير النحو المنعقدة في:23-24 أبريل2001م بالجزائر. 
 2-دراسات في اللسانيات التطبيقية-حقل تعليمية اللغات لأحمد حساني. 
3- دروس في اللسانيات التطبيقية، لصالح بلعيد.  
4- كيف تلقي درساً،لمعروف زريق.
5-اللسانيات التطبيقية وقضايا تعليم وتعلم اللغات،لحسن مالك.
6-  مدخل إلى فهم اللسانيات-إبستمولوجيا أولية لمجال علمي-، لروبير مارتان،:ترجمة:عبد القادر المهيري.
 7-الموجه الفني لمُدرسي اللغة العربية، لعبد العليم إبراهيم.
8- محاضرات في اللسانيات التطبيقية، لنواري سعودي أبو زيد. 
9-  المعجم الأدبي،للدكتور جبور عبد النور.     
10-معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب لمجدي وهبة وكامل المهندس.
 11- نصوص أعمال الندوة الدولية مكانة اللغة العربية بين اللغات العالمية،المنعقدة بالجزائر أيام:10-12 شعبان1421هـ-الموافق6-8نوفمبر2000م.
13- نظريات في اللغة ، لأنيس فريحة.
14- علم اللغة التطبيقي وتعليم العربية،لعبده الراجحي.
15- تدريس اللغة العربية للكبار،للدكتور خير الله عصار.
16- تكنولوجيا التعليم وتقنياته الحديثة،لرشراش أنيس عبد الخالق.
17- التربية وطرق التدريس، لصالح عبد العزيز وعبد العزيز عبد المجيد،وغيرها من المصادر والمراجع الأخرى المتنوعة. 
             وقد اختتمت مجلة عيدان الخيل عددها الرابع بمقال الدكتور عباس هاني الجراخ الموسوم ب:«المخطوطات الناقصة:أنواعها وطرائق تحقيقها»،وقد سعى من خلال هذا البحث إلى الكشف بمنهجية سليمة عن أنواع المخطوطات الناقصة،وطرائق تحقيقها ونشرها،وبيان اختلاف مناهجهم في محاولة بنائها،وقد ذكر الدكتور عباس هاني الجراخ في خاتمة بحثه أن:«المخطوطة الناقصة هي تلك التي اعتورها النقص في أولها فيذهب بعنوانها واسم مصنفها،أو يكون النقص في داخلها،أو في آخرها،أو في أولها ووسطها،أو تلك التي أصابها الخرم...
       والمخطوطات الناقصة يجب أن لا تهمل على الإطلاق،وبمقدور المحققين من أهل التجربة والمراس أن يضطلعوا بمهمة إخراجها على وفق المنهج العلمي في التحقيق،وعلى المحقق أن يستعين بإخوته وهم يرشدونه إلى مخطوطات أخرى لا يعرفها قد تقبع في مكتبات غير مفهرسة أو لاتصل لها اليد،أو يأخذ بملاحظاتهم النقدية في حالة إعادة تحقيق ما نشره من قبل،ذلك أن نقد التحقيق متمم لعملية التحقيق نفسها،ولابد من التعاون لإخراج كنوز تراثنا بالصورة العلمية...».

ليست هناك تعليقات: