باقة الوردة البكماء
بقلم: سعاد محمودالأمين
ذات أصيل دلف عند بائع الورد، وشرح له حاله دون تحفظ ،إن كان يعيره باقة ورد تناسب المناسبة،
عيد ميلاد أحلي حبيبة بعيدة..،أومأ بائع الورد برأسه رافضا، دون أن يتكبد مشاق لحظة تعاطف معه، انصرف يتأمل كيانه المهزوم.
كانت عيناه كسيحتين فى توصيل أى تعبير ينخر فى دواخله الحساسة ، تدمعان دون سبب كينبوع
فى طريقة للجفاف،إنه يحبها وهى لاتدري ولاتريد أن تدري، غارقة فى تيهها، ترتدي ذلك
الفستان الأبيض المخملي الذى فصل على جسدها، كأنها ولدت به، وشعرها المتنكب كتفها يداعبه النسيم فيتبعثر فتصده بأناملها الرقيقة، يراها كالحورية، توزع ابتسامتها على الجميع دون
زيادة أو نقصان، كان يريدها أن تخصه بإلتفاتة أو كلمة معبرة أو نظرة تطفئ تلك النار
المشتعلة فى قلبه، يعيش فقرا مدقعا، شكّل تركيبة جسده النحيل وانكساره، تمنى لو استطاع
أن يهديها هدية تميّزه..عن الآخرين...فقد امتلأ المكان بالورود والأساوروالمنحوتات..الغالية
الثمن التي تليق بها.
عندما اقترب منها، شعر كأنه يطفو فى فراغ عريض،
لم يكن منها بهذا القرب من قبل،تاهت حباله الصوتيه وهربت الحروف وتمتم :
ــ عيد ميلاد سعيد..هيلينا
بيده المرتعشة مد باقة الورد..نظرت إليها فى دهشة.. وصرخت..اجتاحه
عصفا داخليا مريعا فتعثر بظله وسقط أمامها.. فقذفته بباقة ورده..وابتعدت..وذابت وسط
المدعوين.
حانقا على بائع الورد، يجرجر أقدامة الطافية
نحو المقبرة..تحت الشاهد الرخامى فى تلك المقبرة الأنيقة..وضع باقة الورد البكماء فى
مكانها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق