فاطمة المعدول
المثقف المصري كائن لا يعرف إلا مصلحته، يصرخ ويكتب أحياناً من أجل الوطن وأحياناً من أجل القيم، وأحياناً من أجل العدالة، ولكن في النهاية لا تحركه إلا مصالحه واهتماماته الخاصة والشخصية هو ومصالح أولاده وعائلته، وقد تتسع لتشمل أبناء قبيلته أو عشيرته، التي قد تكون الجامعة التي يعمل بها أو الكلية أو مجلس القسم!، أو اتحاد كتاب أو نقابة.
ويضيق ويتسع الاهتمام بالقضية حسب الاستفادة والإفادة!
وقد أثبتت الأيام إنانية مثقفي هذه الأيام الذين اقترحوا علي «آل ساويرس» جائزة للنقد، لذلك حينما صرحت المذيعة اللطيفة رشا الجمال في حفل توزيع جائزة ساويرس عن تخصيص جائزة للنقد اندهشت فأين هو النقد الأدبي والفني اللي مقطع نفسه في مصر؟.. مع احترامنا للنقاد شيوخ المهنة الأحياء منهم والذين رحلوا عنا، والذين تتلمذنا علي أيديهم، ولكن هل من الممكن أن يكون العمل النقدي مساوي العمل الأدبي في قيمته؟ طبعاً ممكن جداً حينما يضع الناقد الفيلسوف قواعد مذهب نقدي جديد يكون مغايراً للقديم.. ولكن هل لدينا هذا الناقد؟.. أم إن محاولات النقد الأدبي خاصة المعاصرة تسير وفق نظريات واجتهادات أبدعها فلاسفة ومفكرون من الثقافات الأخري، لذلك أي فضل وأي جائزة يستحقها الناقد الناقل؟.. إن كل عمل أدبي أو فني، يستمد جماله وديمومته من ملامسته مشاعر المتلقي والدهشة التي يسببها في الطرح، وكما نقول بالبلدي إن كل عمل فني (هو اختراع حتي لو كان واقعياً)، فأين الحركة النقدية الكبيرة التي تتشابك مع الواقع وتثير الدهشة حتي يطالبوا لها بجائزة ويتجاهلوا جائزة لأدب الطفل أو فنون الأطفال؟.. ولكن هذا هو مسلكهم تهميش ما لا يفيدهم هم وعشيرتهم فقط.
وحتي من اهتم منهم بثقافة الطفل في الحقبة السابقة، كان من أجل (سوزان مبارك) وليكون في الصورة مع حرم رئيس الجمهورية؟.. وقد كنت أصاب بالدهشة حينما كان البعض منهم يكون حريصاً علي حضور اللقاءات التي كانت تقيمها في معرض الكتاب أو المجلس القومي للطفولة والأمومة، ولا يكتفوا بذلك بل إن بعضهم كان يصر علي التحدث والتنظير؟.. دون أي دراية بما هو المنجز الموجود علي الأرض أو طبيعة الأطفال واحتياجاتهم؟
وبالطبع لم أندهش حينما انصرفوا نهائياً عن ثقافة الطفل، ولم يبق غير المؤمنين بالقضية، الذين يعملون من أجل الأطفال وليس من أجل الظهور والتقرب من الحكام.
لقد ضن المثقفون في المجلس الأعلي للثقافة علي العاملين مع الأطفال بجائزة تفوق واحدة أو تقديرية لشيوخ وشباب المهنة وتوقفت الجوائز الممنوحة لهم عند التشجيعية فقط؟.. مع العلم أن بعضهم يعمل في أدب الطفل والكتابة للأطفال في أشكالها المختلفة منذ أكثر من خمسين عاماً، وأغلبهم قدم إبداعات وإنجازات رائعة، تفوق بعض من حصلوا عليها في فروع أخري بجدارة.. ولكنه الهوي والمصالح المتبادلة.
إن الذي أنشأ لجنة ثقافة الطفل الأستاذة الكبيرة د. سهير القلماوي، والذي قدم أول فيلم أطفال كان الكاتب المسرحي الكبير سعد الدين وهبة، فأين مثقفو هذه الأيام؟
وكم أشعر بأسي شديد علي مجتمع تكون نخبته الثقافية بكل هذه الأنانية وضيق الأفق.. في نفس الوقت الذي ترصد فيه بعض الدول الخليجية جوائز بالملايين من أجل أعمال الأطفال الفنية والأدبية.. وبعضها بمبادرات فردية.. إن المثقف الذي لا يعرف أطفال وطنه لا يحب هذا الوطن.
http://www.alwafd.org/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%89/250-%D9%81%D8%A7%D8%B7%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AF%D9%88%D9%84/797738-%D9%85%D8%AB%D9%82%D9%81-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84
هناك تعليق واحد:
حين أتذكر ماذا كنا نقرأ ونحن صغار ، أشفق على أطفال اليوم في ظل أدب أطفال غير قادر على مجاراة العصر وغير قادر على أن يحبب الأطفال فيه ويغرس فيهم القيم المطلوبة
إرسال تعليق