كسر المعتاد مع إسعاد !
بقلم: سمر طاهر
بعيداً عن برامج الأسرار وكشف المستور
والصناديق السوداء، وبعيداً أيضاً عن برامج الفن التي تصنع من أي عابر سبيل بطلاً
خارقاً، جاءت هي لتغرد خارج السرب وتطل علينا بضيوف فوق العادة..ليسوا بالضرورة
نجوماً بالمعنى "المبتذل" للكلمة، لكنهم نجوم بشكل مختلف.
هي أيضاً نجمة لامعة بحضورها وأناقتها والأهم
معرفتها بأصول الضيافة..مثقفة وفنانة تضيف من ذكرياتها لتثري الحوار أحياناً لكن
أبداً ليس على حساب الضيف ولا من أجل الاستئثار بالضوء.
لا يمكن أن نقول أنه برنامجاً فنياً خالصاً،
ولا هو برنامج اجتماعي، هو مزيج من كل شيئ ، والشيء المؤكد أنه "مصري"
للغاية.
الفنانة الكوميدية التي بدأت من الإذاعة،
وانتقلت للفن ، أمتعتنا كممثلة في أعمال كوميدية بدون "فذلكة" ،
وأمتعتنا ككاتبة جادة وساخرة في عدد من الصحف المصرية، وقبلها بسنوات على صفحات
مجلة الشباب. كنت أنتظر كغيري المجلة كل أسبوع لأقرأ مقالها التي تستعرض فيه
المجتمع وعجائبه بعيون ابنتها، قبل أن
تجمع مقالاتها في كتابها الساخر "مذكرات نورا المذعورة" !
وفي تحفتها غير المتكلفة "بكيزة وزغلول" أمتعتنا بحوار ممتع وشخصيات صادقة، وأداء كوميدي
بسيط وتلقائي في عمل يظل – رغم السنوات – خارج المنافسة.
اختارت في سنوات لاحقة أن تطل على الأعمال
الفنية من نافذة الإنتاج، بعيداً عن أداءها التمثيلي الذي افتقدناه للغاية. وأخيراً
عوضت جمهورها بطلتها التلفزيونية المبهجة مستعينة بفريق إعداد فوق العادة أيضاً..
يظهر إبداعه وتجديده من خلال المضمون المقدم في البرنامج.. بل ويظهر معها على
الطاولة بعض أفراده أحيانا تناقشهم ويناقشونها
أمام الكاميرات لا خلفها كما هو معتاد.
ونتيجة للمجهود الإبداعي المشترك للفنانة
صاحبة الحضور الجميل مع فريق العمل المبدع، خرج البرنامج كقطعة فنية غير مزيفة
بداية من التترات وحتى نهايته.
أصبح
البرنامج المفضل لقطاع كبير من الجمهور، فهو بمثابة واحة هادئة وسط صخب الحياة في
مصر ووسط الضجيج المزعج في كافة مناحي الحياة.
في تناولها للفن تجعل " الموضوع "
هو البطل الذي تسلط عليه الأضواء بعيداً عن اختزال القضية في شخص بعينه مهما كانت
نجوميته.
أمتعتنا بحلقة عن حي شبرا.. استضافت خلالها
عدداً من النجوم، لكن يظل الموضوع هو البطل.. أمتعتنا بحلقات عديدة عن حياة الأرمن
في مصر، وعن الغناء الشعبي، وعن الفرق الموسيقية المصرية التي لمعت ثم اختفت من
الساحة، وعن صانعي الموسيقى التصويرية وخبراء المفرقعات السينمائية ، وحتى نجوم
المأكولات الشعبية !
وفي حلقة رائعة عن "الكومبارس"
الذين نحبهم ولا نعرف أسمائهم، قدمت لنا نجوماً منسيين لكنهم لامعون للغاية، كنت
أتمنى أن يطول العمر بالفنان "يوسف عيد" ليلتقي بها ، فبالتأكيد كان
سيصبح لقاءهما متعة خالصة.
أما في الحلقات القليلة التي استضافت نجماً
واحداً، مثل حلقة "حسن مصطفى"– والتي كانت من أجمل الحلقات
بالمناسبة - فقد قدمت مشوار الفنان القدير من زاوية جديدة
لم نرها من قبل، ومع ذلك فقد كانت بمثابة
رحلة ممتعة في كواليس المسرح المصري بشكل عام .. فيظل الموضوع هو البطل.. وهو
الطرح المخالف لما اعتاد عليه الجمهور وما يفضله الإعلام المصري في العموم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق