2012/02/03

النتاج النكد/ د.طارق محمد حامد

النتاج النكد

د.طارق محمد حامد
تمخض المشهد المصري الثوري عن أحداث جسام كان من أهمها إسقاط رموز النظام الفاسد ولكن ظل الأذناب يعبثون بمقدرات الأمة المصرية وهذا العبث هو عبث ممنهج نسج خيوطه كالعنكبوت و امتدت أذرعه الآثمة لتلتف علي إرادة الأمة و الاستحقاقات الثورية ،و نفثت السم الزعاف في جسد المجتمع لكي تجعله جثة هامدة لا حراك فيها ،وكان ذلك عقبا لكل خطوة نحو الاستقرار ،فحينما اختارت الأغلبية خارطة الطريق نحو الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي واختارت الانتخابات أولا ثم الدستور فما كان من النخبة إلا أن عملوا بشكل ممنهج علي إجهاض هذا المد الثوري الأبيض نحو الريادة المرجوة للدولة المصرية علي المستوي الدولي والإقليمي وكان ذلك من خلال الخط الإعلامي للقنوات الفضائية المغرضة وربما الممولة لصالح إجهاض المشروع النهضوي المصري لابتعاث الدور الرائد للأمة المصرية علي الصعيدين العربي والدولي ،والخط الآخر لهذا العبث الممنهج للنخبة المدعومة من طرف ثالث مجهول لنا أطلق عليه في الفترة الأخيرة (اللهو الخفي ) وما هو بخفي ،كان بث طائفة من الشباب المغرر بهم ومجموعة من البلطجة والخارجة علي القانون لإشاعة الفوضى والانفلات الأمني من خلال الجريمة المنظمة والفوضى الخلاقة التي تهدف إلي بث الرعب بين طبقات الأمة وفي النهاية بعد مجموعة من الأحداث المتلاحقة كأحداث شارع محمد محمود التي سبقت إجراء أول انتخابات للمرحلة الأولي من مجلس الشعب وسبقها أحداث السفارة ثم أحداث مجلس الوزراء وحرق المجمع العلمي وماسبيرو والآن أحداث مذبحة مباراة الأهلي والمصري ،وكلها تصب في تصور واحد وهو اغتيال الدولة المصرية ،وهذا ما تتمناه النخبة ويتمناه اللهو الخفي وذلك لقرب اكتمال الملامح النهائية للدولة المصرية الجديدة والتي بدأت تتضح ملامحها ومرجعيتها الإسلامية ،وهذا ما أقض مضاجع هؤلاء وهؤلاء ،فعملوا منذ البداية علي تحقيق هذه الرؤية وهذا التصور وهو اغتيال دولة والانقلاب علي الشرعية الثورية والشرعية الدستورية الديمقراطية .
هذا النتاج النكد الذي تم إفرازه في المجتمع المصري لكي لا تنهض مصر ولا تقوم بالدور المنوط بها علي المستوي العربي والدولي ،لماذا لم يتم هذا العبث الممنهج إلا في مصر ،لماذا ؟
هل لأن لمصر دور محوري رائد في القضايا المصيرية في فلسطين وغيرها من الدول العربية وهل لأن مصر هي قلب العروبة النابض وأسد الإسلام الرابض فإذا نهضت وانتفضت نهض و انتفض العالم العربي ومن ورائه العالم الإسلامي .
ليس هذا غريبا علي مصر فهي مستهدفة منذ فجر التاريخ الهكسوس والحيثيين والاحتلال البطلمي ثم الروماني والحملات الصليبية و الزحف التتري الأحمر ثم الاحتلال الفرنسي والانجليزي ثم العقول النخبوية الحاكمة لمصر التي خلفها الاحتلال التي أغرقت مصر في خطايا سياسية وأيدلوجية جعلتنا نرزح تحت الثالوث النكد الفقر والجهل والمرض حتى إذا استفاق الشعب وزحف نحو التغيير وأسقط الفساد والفاسدين ،وزحف نحو البناء كما قال الإمام الشعراوي رحمه الله :ثم ليهدأ ليبني الأمجاد ،وحتى جاءت المرحلة الفارقة والمفصلية في تاريخ مصر وهذا التحول الديمقراطي الرائع ،وقف لنا المجهول بالمرصاد مستكثرا علينا هذا العرس وكأنه قد كتب علينا ألا نفرح وكأنه قد كتب علينا ألا نهنأ عيشا وكأنه قد كتب علينا ألا نتقدم ونتحول نحو العرس الديمقراطي
وقف لنا المجهول الغادر يعبث بمقدراتنا و ركض بأقصى سرعة ليجهض هذه الثورة ويحول دون تحقيق وقطف ثمارها ،وسخر كل وسائله العفنة وسخر كل أذنابه لاغتيال الدولة حتي يتركها جثة موات لا حياة بعدها فنكون لغيرنا تبعا ونكون لغيرنا ذيولا ،وأتساءل ما هي الغلة التي ستجني من وراء دولة موات وما هي المكاسب التي ستحصلون عليها من وراء جسد دولة لا حراك فيه ؟ أتوجه للفئة النخبوية و الآخر الداعم لها بهذه الأسئلة .
أفيقوا يا سادة واتقوا الله في مصر فإن الله حافظها وحارسها واعلموا أن علي البواغى تدور الدوائر ،وأختم بقول شاعر النيل حافظ إبراهيم :
أنا إن قدر الإله مماتي لا         تري الشرق يرفع الرأس بعدي
كم بغت دولة علي وجارت       ثم زالت وتلك عقبي التعدي

والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

ليست هناك تعليقات: