أقامت جماعة يوتوبيا الأدبية أمسية نقدية بعنوان
(الحداثة والتصوير في شعر المتنبي) شارك فيها كل من الناقد الدكتور مصطفى عطية والناقد
محمد ابو السعود. والشاعران عبدالله صبري وسيد القاضي. وأدارها الشاعر أحمد عبدالحافظ.
قال الدكتور مصطفى
عطية في كلمته إن الذائقة الفنية وشروطها الجمالية من الصعب
أن تأتي من خارج جماليات الثقافة نفسها ، فلابد أن تتأسس أية توجهات جديدة على الموروث
الجمالي في الثقافة ، ومن ثم ينبني عليها الجمالي والرؤيوي المستهدف ، ومن يفعل غير
ذلك، فكأنه يغرس شتلة في أرض بور ، يجهد نفسه في سقيها ماء ، ولا يعلم أن التربة قد
لفظتها .
وأضاف أنه من المهم
ألا تتخلى أي ثقافة تروم التجدد والانفتاح عن امتداداتها التراثية، آخذة في الحسبان
أن التلاقح مع ثقافات أخرى ، وأفكار مستجدة ، لا يعني محو الموروث، بل يمكن من خلاله
إعادة قراءته واستكشافه ، وقد يكون التراث فيه من الإضافة والمغايرة ما يبز الوافد
المستحدث ومن هنا تأتي دراستنا
لشعرية المتنبي ، على أساس إعادة النظر في هذه الشعرية من منظور الحداثة والمغايرة
والإضافة والتجديد ، وإعادة قراءة العالم من حوله بمنظور جديد . هنا كما يسمى حداثة النص،أي النص الذي أتى بالمغايرة لغة وطرحا
وأسلوبا ، محاولاً أن يتمرد علي التقليد المنتشر . :موروثا كان أم معاصراً وهذا يفترق عند حداثة
الزمن المنحصرة في التجديد بحكم الزمن وتطور الناس والحياة والمجتمع .
وأشار
عطية إلي أن تطوير أية ثقافة بشكل صحيح لا يتم إلا عبر استنطاق التراث
والبناء عليه وقال أنه يستحيل التطوير إلا من خلال المنجز التراثي وإلا صار
الخطاب أشبه بالقشرة الجافة سرعان ما تسقط وهذا يعني أن تأمل التراث
الإبداعي وتعمقه ضروري لاستكشاف مناطق جديدة قد نكون غفلنا عنها . حيث يمكن
النظر إلى الحداثة كمذهب أدبي وفكري وجمالي عبر محورين : الذات المبدعة ،
والنظرة إلى الوجود . فعلى قدر تفرّد الذات المبدعة ، ونظرتها إلى العالم
حولها ، قبلها وبعدها ، وارتقائها إلى مستويات إنسانية سامية ، تكون تميز
تجربتها .
وقال عطية من هنا
كانت شعرية المتنبي عالية المستوى ، تمثل تجديدا ورؤية مختلفة عن سابقيه ،
وإن أبحر في نفس بحارهم شكلا ، ولكنه جددا فلسفة ورؤى وبناء جماليا . ومن
هنا نقرر أن شعرية المتنبي القائمة علي قراءة العالم والناس قراءة وجودية
شاملة متأملة مستخلصة العبر والدروس ، فهو يرتفع فوق الواقع ويقرأه من علٍ ،
ويفيض شعره حكمة وافية شفافة .
وقدم
الناقد محمد ابو السعود ورقة بحثية عن تأثر الشعراء بالمتنبي. وتحدث فيها
أيضا عن تنوع موضوعات المتتبي وبلاغة التشكيل الفني لنصوصه.
وعن
الحداثة قال الشاعر عبدالله صبري إن القصيدة التي تتحدث عن البادية
والجِمال والصحراء ليست بالضرورة قصيدة تقليدية وأن محاورة التراث والبناء
عليه أفضل من القطيعة والهدم. مضيفاً
أن الحداثة هي رؤية متكاملة للعالم والأشياء تعتمد علي استحداث مناطق
وفضاءات وأنساق شعرية مغايرة لم يسبق لأحد التطرق إليها وهو ما يتوفر في
نصوص بعض الشعراء في تراثنا العربي أمثال المتنبي وأبو تمام والمعرِّي .
وقدم الشاعر أحمد عبدالحافظ ورقة بحثية تناولت الجوانب التاريخية عن المتنبي وحياته ونشأته وألقي مقتطفات من أشهر أبياته .
وألقى الشاعر سيد القاضي نماذجا من نصوص المتنبي منها قصيدة " وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ " التي يقول فيها المتنبي :
وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ
مَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ.
ما لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي
وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ.
إنْ كَانَ يَجْمَعُنَا حُبٌّ لِغُرّتِهِ
فَلَيْتَ أنّا بِقَدْرِ الحُبّ نَقْتَسِمُ
قد زُرْتُهُ وَسُيُوفُ الهِنْدِ مُغْمَدَةٌ
وَقد نَظَرْتُ إلَيْهِ وَالسّيُوفُ دَمُ
فكانَ أحْسَنَ خَلقِ الله كُلّهِمِ
وَكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ
كما ألقى قصيدة " دَمْعٌ جرَى فقضَى في الرَّبْعِ ما وجَبَا "
دَمْعٌ جرَى فقضَى في الرَّبْعِ ما وجَبَا
لأهلِهِ وشَفَى أنّى ولا كَرَبَا
عُجْنا فأذهَبَ ما أبْقَى الفِراقُ لَنا
منَ العُقُولِ وما رَدّ الذي ذَهَبَا
سَقَيْتُهُ عَبَراتٍ ظَنّهَا مَطَراً
سَوائِلاً من جُفُونٍ ظَنّها سُحُبَا
دارُ المُلِمِّ لها طَيفٌ تَهَدّدَني
لَيلاً فَما صَدَقتْ عَيني ولا كَذَبَا
وعن
نشاط جماعة يوتوبيا الأدبية قال الشاعر شامل العزيزي إن جماعة يوتوبيا
تركز اهتمامها في موسمها الأول علي قضايا الشعر لأن معظم أعضائها المؤسسين
شعراء. وتضم يوتوبيا مجموعة من شعراء الفصحى والعامية المقيمين بالكويت
منهم أحمد الحج وربيع حامد ونبيل صبري وخلف كلكول .
وقال
الشاعر ربيع حامد " إننا في يوتوبيا نريد أن نقدم نشاطاً ثقافياً مختلفاً
يعبر عنا وعن رؤانا الخاصة للإبداع ، ونسعى للتواصل مع الجميع ونسعى إلي
المساهمة في إثراء الواقع الثقافي والحركة الأدبية بالكويت " .
يذكر
أن جماعة يوتوبيا الأدبية هي جماعة أدبية تعنى بإقامة الفعاليات الثقافية
والفنية .وقد أسسها الشاعران أحمد عبدالحافظ وعبدالله صبري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق