2014/03/20

في مرافئ حيفا تتعتق الآمال!

في مرافئ حيفا تتعتق الآمال!


آمال عوّاد رضوان
 بدعوةٍ من المجلس الملّيّ الوطنيّ الأرثوذكسيّ بحيفا، ودار الأركان للإنتاج والنشر، أقام نادي الثقافي/ حيفا ندوة أدبيّة للكاتبة هديّة علي صلالحة، ناقشت رواية الآمال المعتقة، وذلك في قاعة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسية/ شارع الفرس3 حيفا، بتاريخ 13-3-2014، وسط حضور كبير من المثقفين والأصدقاء والأقارب، وقد تولّى عرافة الندوة المحامي فؤاد نقارة، فافتتح اللقاء بقراءة كلمة يوسف ناصر الذي تعذر حضوره، وتحدث كلّ مِن د. محمد خليل، ومحمّد نفاع، وعدلة شداد، وذكاء حيحي، ومداخلات عديدة أخرى، ثمّ ختمت اللقاء الكاتبة هدية علي بمداخلة حول روايتها، وكلمة شكر للحضور والمنظمين والمتكلمين، ومن ثم التقاط الصور التذكارية.
جاءَ في كلمة عريف الندوة فؤاد نقارة: هديّة علي صلالحه من مواليد بلد الزابود الشامخ قرية بيت جن الحبيبة الجليل الأعلى سنة 1968، ترعرعت في كنف أسرة محافظة مُحِبّة، لأبويْن فاضليْن وأخت صغرى لسبعة إخوة؛ أربعة شباب وثلاث أخوات. تخرجت من المدرسة الثانوية سنة 1986، وكتبت روايتها الأولى  "أجراس الرحيل" عام 1989، تتألف من 245 صفحة من القطع الكبير، من نسج الخيال، تتحدّث عن فتاة خنثى تُجسّد المعاناة، ومضمونها يناسب طلاب المرحلتين الإعداديّة والثانوية، ثم عام 2012 رواية "الآمال المعتقة"، وهي تتحدث عن واقع العرب الدروز في (إسرائيل). عام 1992 تزوجت من المحامي شكيب علي، والتحقت بجامعة حيفا وتعلمت اللغة العربية وآدابها، فحصلت على اللقب الأول والثاني وشهادة تدريس عام 1998، وأنجبت آية وريما وشيرين وتمير. وهذه الأيام تواظب على كتابة الجزء الثاني من الآمال المعتقة.
وجاء في كلمة الأديب يوسف ناصر: المجلس الملّي الأرثوذكسيّ في حيفا تحيّة عاطرة، كم يؤلِمُني ــــ لظرفٍ خاصٍّ ـــ  ألاّ أستطيعَ أن أشاركَكم اليومَ في الندوةِ الأدبيّةِ حولَ كتابِ "الآمالُ المعتّقةُ" للكاتبةِ هديّة علي الموقّرة، وألتمسُ منها ومن زوجِها العزيزِ، ومنكم جميعًا كلَّ عذرٍ، إذ كنتُ أتهيّأُ بكلِّ رغبةٍ ومسرّةٍ للمشاركةِ في هذه الندوةِ الجليلةِ، بَيْدَ أنَّ الظروفَ حالتْ دون ذلك! وإذ أُكْبِرُ في مجلسِكم الملّي الأرثوذكسيّ العريق، رئيسًا وأعضاءً، ما يُسديهِ دائمًا من أيادٍ بيضاءَ في خدمةِ الأدبِ، وتكريمِ أهلِ القلم، كمْ يطيبُ لي في هذه المناسبةِ العزيزةِ أن أعبّرَ عن إجلالي وتقديري العميقينِ للكاتبةِ المتألّقةِ هديّة علي، لِما عرفتُهُ فيها من خلقٍ سامٍ، وسَعةِ اطلاعٍ، وغزارةِ معرفةٍ في العربيّةِ وأدبِها، وما حبَاها اللهُ مِنْ حسٍّ مُرهفٍ، وموهبةٍ زخّارةٍ ألقتْ بين أصابِعها قلمًا سيّالًا تخطُّ به على القلوبِ قبلَ الورقِ، أسْنى اللآلئِ وأسمى المشاعر! لقد أهدتني الكاتبةُ هديّةُ مِن قبلُ مشكورةً كتابَها "الآمالُ المعتّقةُ"، فرُحْتُ أسيحُ في خمائلِه الشذيّةِ ورياضِهِ العاطرةِ، حتّى ألفيْتُ نفسي- ودون أن أتعرّضَ هنا للتفصيلِ- أمامَ كاتبةٍ تتّسِمُ بالجرأةِ والجسارةِ في ملامسةِ جروحٍ كثيرةٍ تتنَزَّى دمًا، ممّا يوجِعُ مجتمعَنا، وقضايا مختلفةٍ تتّصلُ بعلاقةِ أبناءِ المجتمعِ بمحيطهم، على اختلافِهِم، معَ دعوتِها بأسلوبِها الخفيّ والمتنوّعِ إلى التحرّرِ من عبوديّةِ العاداتِ والتقاليدِ الجائرةِ، وبناءِ علاقةِ سلامٍ ومساواةٍ بينَ أفرادِ المجتمعِ كافّةً. وعندي أنّ الأختَ هديّة،  بقلمِها وحرفِها، هي كوكبٌ وضّاءٌ يُطلُّ علينا من خلفِ شوامخِ الجبالِ شرقًا، في قريةِ بيتَ جنَّ الغرّاءِ، على رجاءِ أن تُبدّدَ بنورِ قلمِها، وشعاعِ حرفِها كلّ ظلمةٍ تغشى مجتمعَنا، وتُبْرِئَهُ من عِللِهِ وأسقامِهِ: من عائليّةٍ بغيضةٍ، وطائفيةٍ مَقيتةٍ، وظلمٍ يُحيق بالمرأةِ خاصّةً، وأن تكتبَ دائمًا أدبًا عاصفًا ضدَّ قيودِ الفكرِ من أجلِ الاهتداءِ إلى الحرّيةِ الضائعةِ. ذلكَ أنّ أمّةً تجري بأقدامِها، ولا تجري بعقولِها بين الأممِ، هي أمّةٌ عرجاءُ لا تستطيعُ أن تجريَ مع الأممِ إلى تحقيقِ أمانيها في موكبِ الحضارةِ السائر! أخيرًا، أضرعُ إلى العليِّ من أعمقِ أعماقِ القلبِ، أن يشملَكم جميعًا برعايتِهِ لخدمةِ الإنسانِ من أبناءِ شعبِنا والعالمِ! وللأخواتِ المشاركاتِ والأخوةِ المشاركينَ في هذه الندوةِ الجليلةِ، خالصُ محبّتي وتقديري، معَ دعائي للأختِ هديّة بكلِ توفيقٍ ونجاحٍ في ميدانِ الأدبِ الفسيح.
وكتب محمد نفاع في تقديم رواية الامال المعتقة: أهدت الكاتبة هدية علي روايتها إلى "من يقدّرون الأرض ويعطونها حقّها، إلى الذين كافحوا وصمدوا في أحداث "الزّابود، وإلى زوجي الغالي شكيب علي، إلى من يستحقّون أن يضحّى لأجلهم بكل نفيس وغالٍ، أولادي زينة الدّنيا: آية، ريما، شيرين، تمير. الآمال المعتقة رواية شجاعة وأصيلة فيها صراع، هذا الصّراع العنيف بين قيمتين إنسانيتين في منتهى السّمو، الحبّ الأوّل الذي تعثّر من قبل الحبيب، ولأسباب غاية في الجديّة، بعيدة عن التّنكر والخيانة، وبين الأمومة السّامية. هو صراع معقّد وصعب فعلا، فلو كانت الأسباب اقتصاديّة معيشية لكان الوضع أسهل بكثير، والتّحيّز كان يجب أن يبدو واضحًا وحاسمًا على حساب المستوى المعيشي، لكنّ الحل في الحالة المذكورة لا يمكن أن يكون غير ذلك، كبت الحبّ على قدسيّته فيه الكثير من التّضحيّة، أمّا التّخلّي عن الأمومة فهي خيانة لأسمى القيم. الرّواية هي نسيج اجتماعيّ تقدّميّ إنسانيّ، وهذا يعطيها قيمة هامّة ليس على حساب الشّكل أبدًا، إذ ملاءمة الشّكل للمضمون هو واحد من تعاريف الجمال. ويجدر الإشارة إلى أنّ هذه هي الرّواية الثّانية للكاتبة، وقد أصدرت مسبقا رواية "أجراس الرّحيل" عام 1989، وبين الروايتين امتدّت فترة عقدين من الزمن، وفي الفترة الفارقة بين النتاجين برزت أشعة منيرة من وضوح الرؤيا واتخاذ الموقف، وظهرت أمواج الالتزام في مدّ متلاحق، والالتزام صفة للقيم الإنسانية السامية، وقيمة الأدب والإبداع تقاس بمدى التضحية، وقد تكون التضحية بالوقت، والراحة، والجانب المادي، والصمود في مواجهة العواصف المعادية لقناعة المبدع والملتزم. فالسمك الذي يسبح مع التيار قد يكون حيا وقد يكون ميتا، أما السمك الذي يسبح ضد التيار فلا يمكن إلا أن يكون حيا، وقد اختارت كاتبتنا أن تسبح ضد التيار، ولتبرهن أنه سمكة ابداعية تنبض وتعج بالحياة، لتقف في وجه التقاليد والعادات البالية، كما لتقف وجها لوجه أمام الظلم والإجحاف، والتمييز الذي يمارس ضدّ أبناء جلدتها في هذه البلاد، وخاصة ضدّ أبناء طائفتها المعروفية (الدرزية). في هذه الرواية العديد من الملامح وخطوات التطور والتقدم، فبالإضافة إلى الواقعية والالتزام، هناك شوط هامّ في مجال اللغة والمفردات والجُمل والمقطوعات، وهنا مواجهة مُبطّنة في استلاب المرأة لحقها الطبيعي في المجتمع، وبدون إسفاف. وهناك انسجام بين إيمان البطلة الأم، والتزامها بقواعد الدين من جهة، وبين خروجها عن هذه القواعد المتزمة أحيانا، فقد ظهر هذا جليًّا في معالجتها للعلاقات الاجتماعية السائدة بين الجنسين، بدون رمزية وبدون لف أو دوران! كما وتجلّت جرأتها في معالجتها لموضوع التجنيد الإجباري ومعارضتها له، من منطلقات ضميريّة وإنسانية، والذي فُرض على أبناء الأقلية المعروفية دون سائر الأقلية العربية في البلاد .
وجاء في كلمة د. محمد خليل: أعترف مقدمًا بأنني في هذه المداخلةِ العجالة لن أستطيعَ أن أفيَ لا الزميلةَ المبدعةَ ولا آمالَها المعتقة حقهما، وما ذلك إلا لضيق الوقت، وتزاحمِ مشاغلِ الحياة، فنحن كما يبدو، سنظل محكومين بالعمل وتبعاته. وعليه فهذه قراءة لا تدعي أنها جامعةٌ مانعة، إنما هي مجرّدُ مقاربةٍ ليس أكثر. مع ذلك، فالأخذ بالقليل خيرٌ من ترك الكثير، ثم أقول:  
لكلِّ فنٍ منطلقاتُه الخاصة، ومنطلقاتُ الأدبِ أبعادٌ أربعة تحكمُهُ وهي: الإنسان والمكان والزمان واللغة. بها ومنها يتشكل النسيج الأدبي الإبداعي، وكلُّ فن آخر. بمعنى أنه ليس بإمكان أيِّ مبدعٍ أو أديبٍ تحديدًا، أن يتخطى تلك العناصرَ أو يتجاوزَها. وقد تمثلتها الكاتبة في ثنايا روايتها "الآمال المعتقة" على نحو بارز. علمًا أنه لا يكفي أن يكون الأثرُ الأدبيُ فنيًا فحسب، إنما يجبُ أن يكون أنسانيًا قبل كلِّ شيء. فيما يأتي نحاول أن نتلمسَ، على سبيل المثال لا الحصر، بعضَ السماتِ البارزة في الرواية.
* الإنسانية: تتجلى الإنسانية في الرواية، بأزهى صورها في غير لوحة فنية تعرض لها الكاتبة، فهي تضفي محبتَها وعنايتها وتعاطُفَها على الجميع، بنظرة متساوية تخلو من أية تفرقةٍ أو تمييز، كقولها "وهذا من حقهما، فلا فرقَ بين الزوجة الدرزية وبين أي فتاة يهودية أو أجنبية متحررةٍ تمارس الحبَّ مع زوجها" (ص20). وبعيدًا عن أية مشاعرِ الكراهيةِ والأحقاد، مثال ذلك قولُها "أتحقُّ لنا كلُّ هذه السعادة وعدة جنودٍ إسرائيليين ومواطنينَ وجنودٍ لبنانيين قد ماتوا اليومَ؟!"(ص50). وللإشارة فقط، فإن تلك السمةَ تعدُّ إحدى أهم السمات التي يمتاز بها أدبنا المحلي. فأدبنا المحلي، بكافة أجناسه، ومنذ أن بدأ يتشكل، وهو يحافظ على إنسانيته، بما يحمله من مبادئَ إنسانيةٍ وقيمٍ حضارية تدعو إلى الخير والمحبة والسلام، فهو يخلو نهائيًا من أية مظاهرَ عنصريةٍ تفوح منها البغضاء والكراهية العمياء.
* المحلية: ثمةَ سمةٌ أساسية ومحورية أخرى يمكن للقارئ أن يتوقف عندها طويلاً ألا وهي: المحليَّة، فهي بزمانها ومكانها، غالبة على أجواء الرواية. وهي إن دلّت على شيء فإنما تدل على مدى ارتباط الأدبِ ببيئتهِ التي أنتجته، واهتمامِ الكاتب بمجتمعه الذي أنجبَه. فالرواية جاءت ملونةً، أي أنها تحفل بموضوعات من مجالات الحياة المتعددة، كما تعرضُ للعلاقات الأسرية والزوجية والاجتماعية، والعادات والتقاليد والأعراف والقيم الدينية، التي أكل الدهر على بعضها وشرب. فالرواية تتوقف عندها وتناقشها تارةً بجدية وأخرى بسخرية لاذعة وهادفة، لكن بجرأة تستحق الثناءَ والتقدير. وللتذكير فقط، فإن المحليةَ تعدُّ نقطةَ الانطلاق الأولى، ومن السمات الأساسية البارزة لكل كاتب أو مبدع يعرِف كيف يشق طريقه نحو آفاق العالمية. هكذا فعل نجيب محفوظ وهكذا فعل محمود درويش على سبيل المثال، في كتاباتهما الأولى قبل أن ينطلقا إلى رحلة العالمية.  
* جرأة وتمرد: يمكن للقارئ أن يلحظ ما تتمتع به الرواية من جرأة لافتة، وتمرد ورفض واضحيْن، جنبًا إلى جنب تملكها لأسلوب ساخرٍ لاذع، وتلك سماتٌ تسجَّلُ لصالحها. وذلك بالنظر إلى ما تعرِضُ له من آراءٍ وتناقشُه من أفكارٍ ومواقفَ بجرأة متناهية كما ذكرت، حتى في العلاقات الأسرية والزوجية والاجتماعية والدينية والصداقة، وظروف العمل، وما يقلق الفتاة والمرأة والزوجة العربية، من همومٍ وهواجسَ وأحلام، فإنها لا تترددُ بأن تسميَ الأشياء بأسمائها، محاولةً كسرَ الحواجزِ المعيقة من أجل تجاوزِ الواقع الراهن. وقد كانت الكاتبة تتسلل، من حين لآخر، إلى داخل كل واحد وواحدة ممن حولها لتصغيَ إليهم جميعًا باهتمامٍ بالغ، وهم يبوحون بما لديهم أو يعترِيهِم، وتشاركُهم ما لديهِم من أوجاع وهموم هي من صميم واقع الحياة ونظامِ العلاقات والروابط، بين المرأة والرجل، في الأسرة والطائفة والمجتمع الصغير والكبير. وإن كنا نختلف معها في الموقف، من قضايا معينة، لاسيما حين يأتي على استحياء كقولها "بمرارة قالت: أهكذا تعتقد؟ إن مستقبلك ليس في الجيش، هكذا أوهمتني في بداية علاقتنا، ولكنك بصراحة خدعتني"(ص17). على أن اختلافَ الرأي لا يُفسدُ للود قضية كما يقال!
كذلك، يُرى الاتصال والتداخل، ما بين أحداث الرواية والكاتبة، مباشرًا وماثلاً أمامنا بكل تجلياته، مما يؤكد على أن في ثنايا النص من تكوين حياة الكاتبة الشخصية والنفسية ومن ذاتها، من فكرها وأفكارها، من رؤيتها الاجتماعية والثقافية والدينية والإنسانية، من الوعي واللاوعي الفردي والجمعي على السواء. الأمر الذي يجعل الرواية أشبه ما تكون بالمرآة التي تعكس حقيقة الكاتبة أو بعضَها في أقلِّ تقدير! وهو بالتالي ما قد يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأن الروايةَ، في منظور ما، لم تتشكلْ
من فراغٍ، إنما هي أقربُ ما تكون إلى أسلوب السيرة الذاتية.
* لغة الرواية: مما لا شك فيه بأن أسلوبَ الرواية ينساب على نحو جاذب وشائق بتسلسل منطقي مرتب ومقبول، يمكنُ أن ينفذ إلى الوجدان ويحركَ المشاعر، ويحقّقَ المتعة لدى القارئ، لاسيما مع ما تبديه الرواية من تعالق الكلام بعضِه ببعض، أو كما يُقال: بأن الكلامَ في الرواية  آخذٌ بعضُه برقاب بعض. الأمرُ الذي يثبت بأن الكاتبة تتمتع بمعرفة قوية بخبايا المجتمع وأفراده، وبمقدرةٍ فائقة على السرد الجميل، على الرغم من تطاوله بعض الشيء، خاصة وهي تعير صوتَها الساردَ إلى شخصيات الرواية. ولو تركت الشخصياتِ وجعلتها هي التي تتحدث بنفسها عن نفسها لكان أفضل. ولأن الرواية جاءت حافلةً بالتفاصيل، فالأمر، كما يبدو، أثقل كاهلها وأدى بها إلى شيءٍ من الترهل. وقد جاء الاهتمام أكثرَ ما يكون بالسردية الخبرية على حساب الأدبية أو الفنيةِ في الرواية. ومعروف أن أيةَ كتابةٍ، لأي نص، تقتصر على النظر إليه على أنه محضُ وثيقةٍ خبرية أو إخبارية، ولا تلفت إلى الجوانب الأدبية، من جمال وانزياحات ورمز وخيال ومستوى اللغة فيه، سوف تظل قاصرةً وغيرَ مكتملة. من جهة أخرى، نحن لسنا ماضيًا فحسب بل حاضرًا ومستقبلاً! فالأصالة لا غنى عنها، هذا صحيح، لكن المعاصرةَ والحداثةَ ما زلنا نسمع عنهما! فالكاتب، كما يُفترض، لا يُترجم أو يصوِّر ما هو كائن أو موجود فحسب، بل ما هو ممكنٌ أو بالأحرى ما يجب أن يكون! لقد أولت الروايةُ للعقل حيزًا أكبر من حيز الخيال والعكسُ هو الأصحُّ وهو الأفضل في نظري، لأن الخيال في الأدب يجب أن يتقدم على العقل.
وقد يلحظُ القارئ بأن التوسعَ في سرد التفاصيل قد جاء أفقيًا لا رأسيًا، بمعنى أن الرواية، في ما عرضت له من حوادثَ وأحداثٍ، لم تسبرْ غورَ مجتمعنا المحلي إلى العمق، كما يبدو، وإنما اكتفت بالتحرك أفقيًا. مما أوقعها في عملية السرد النمطي السطحي من دونِ أن تنفذَ إلى طبقات أعمق، وبذلك تكون قد فوتت الفرصة أيضًا على القارئ ولم تمكنْه من الغوص إلى أعماق النص، ومن ثَمَّ إلى أعماق المجتمع. فالمجوهراتُ لا تطفو على السطح، كما هو معروف، وإنما تكمن في الأعماق. فكان من باب أولى ضرورةُ استثمار دلالات اللغة وتفعيل حمولاتِها وطاقاتِها الكامنة، بغيةَ إتاحةِ الفرصة أمام مهارات القارئ، وتمكينه من التفاعل المنتج لا مجردَ الانفعال المستهلِك.
مهما يكن، فإنه لا يساورني أدنى شك بأن "الآمال المعتقة" روايةٌ تستحق منا كلَّ ثناء وتقدير، فالجهد المبذول فيها واضحٌ للعيان، والفائدة والمتعة قد تحققت، فنحن بحاجة إلى كل نقطة ضوء بإمكانها أن تضيء ولو جانبًا واحدًا من حياتنا المعتمة. وتثبت "الآمال المعتقة" أننا بصدد مبدعة تتمتع بمخزون معرفي وثقافي ولُغوي لا ينضب، وهو ما سوف يؤهلُها لأن تترجمه على أرض الواقع مستقبلاً، إلى مزيد من العطاء الإبداعي الجديد والمتميز، وإنها لقادرةٌ على فعل ذلك، فقدمًا إلى الأمام! ونحن بالانتظار، وشكرًا!
وجاء في مداخلة ذكاء حيحي: لقد اقتنيت كتاب "الآمال المعتقة" أوّلا من باب التّشجيع لزميلة مرهفة الحسّ، تلك الإنسانة الّتي التقيتها بطريق الصّدفة في أحد الاستكمالات، وقد تعهّدتُ أمامها أن اقرأ الكتاب، وأرسل بتعقيبي المتواضع أمام إبداعها المميّز. أشكر لها دعوتها مع علمها أنّني لست ممّن يذيع صيته، ولست إلّا معلّمة للعربيّة في مدرسة حرفيش الثّانويّة. إن دلّ ذلك على شيء فهو يدلّ على نفسها الّتي لا تبالي بالشّخص اسمًا أو جاهًا، بل معدنًا وجوهرًا. بدأ إبحاري في الرّواية وقد كان مشوبًا بالدّهشة والتّأمل وكثرة الاستغراب. بدأ استغرابي عند حديثها عن تلك القرية الرّيفيّة بأنماطها البشريّة وسلوكها في (إسرائيل)، الّتي بين قوانينها "قانون التّجنيد الإجباري"، وحديثها عن تلك الصّبغة العسكريّة الّتي يتحدّث عنها الكثيرون ويستنكرها الآخرون، وفي صرختها تخبّط بين القبول والرّفض.
لقد أظهرت هديّة الإيمان بالنّبوءة وقراءة الفنجان واستطلاع البخت عند شريحة كبيرة من النّاس، وجعلت ذلك عن شيخ تقيّ يزور مكان العبادة "الخلوة"، وهو ذو وقار وهيبة، وجعلت قي روايتها محطات تعود مرّة بعد أخرى لتتذكّر ما قاله، وطرقت أبوابا كثيرة تعني لنا نحن النساء الكثير، فمن مثل هديّة يستطيع أن يتحدّث عن مهنة التّعليم ومشاقّها؟! إضافة إلى تخوّف المجتمع من القيل والقال الّذي يحيط الفتاة من كلّ جانب، ومكانة المطلّقة في المجتمع، وما تواجهه من صعوبات في التّأقلم لواقعها الجديد مع قلب ينبض بالمشاعر.
لا يمكنني في لقاء كهذا أن أتطرّق إلى كلّ ما استرعى انتباهي وشدّني، ولكن حتّى الأسماء الّتي اختارتها هديّة راقت لي، فـ "مجدي" إذ جعلته في موضع المجد قلبا وقالبا، و"ثريّا" هذه المرأة الّتي تميّزت بالفطنة والأنوثة والمعرفة والوعي والحب، فكيف لا تكون ثريّا في سمائها؟! أمّا نضال الّذي ناضل مشاعره وكبت أحاسيسه، وجعلها تتخلّى عن حبّها ليس لذنب اقترفه هو، بل لنقص عانى منه..
    هديّة! أريد ان اقول لك هذه الرّواية شدّتني بكلّ مفاهيمها، فبكيت وابتسمت وضحكت وتألّمت وتذكّرت، وخيبةُ أملِ ثريّا في نهاية الرّواية هي خيبة أمل مجتمع بأكمله، يعاني من براثن الاتّجار بالمخدّرات، الّذي يُسقط الإنسان من سمائه السّابعة إلى أرضه السّفلى. استمتعت، ولا يسعني إلّا أن أتمنّى لك رقيّا في حياتك.
وجاء في كلمة عدلة شدّاد خشيبون: كلمة في حقّ كاتبة تعتّق الآمال بجرار ثروتها اللّغوية، لتخرج بأبهى صورة، تُمسك بين كفتيك الآمال المعتّقة، فتشعر بثقل بين راحتيك، ولا تفتح الكتاب قبل أن تمتّع النّظر بجميل الغلاف، فشمعةُ تنير ووردة تفوح بشذى جميل، ووميض بين ظلام حالك أصرّ على البريق. 
تقرأ المقدّمة لكاتب أضاء ظلام الفكر بفكر نيّر، وخطّ ملاحظاته بموضوعيّة جريئة، وتبدأ تبحر وبحرك خيال، وتقلع وفضاؤك واسع تغوص ومحيطك عميق، فحبرها ينساب مجسّدًا أحداث واقع لرواية نضال مجدي ثريا مروج وغيرهم. أمّا عن الثّالوث الأدبي اللّغة الإنسان والزّمنكانيّة، فقد لعب دورًا بارزًا في تذويت الأحداث من واقع إلى واقعيّة حيّة، فلغة الكاتبة رقيقة إلى حدّ الجرأة، جريئة إلى حدّ بعث الخيال في واقع حالم بأحلى تغاريد الحياة. الأماكن التي تذكرها كاتبتنا في آمالنا المعتّقة هي أماكن مألوفة ونعرفها، مرورًا من سهل طمرة إلى النّاصرة والزّابود وحيفا وغيرها. والزّمن زمن حرب وانعتاق لحرية الفرد وخاصّة الجنود، حيث تُلزمهم أوامر التجنيد الاحتياطي بالمثول دون تردد. فترة قاسية تحمل بين ساعاتها صراعات كثيرة بين المثول والهروب.
زمن صرخ به المحتاج أمام المخدرات القادرة على تخدير ضميره قبل جسده، ولا تصلح إلا لسجن وجدانه قبل بدنه، وأسر الحرية وكبح جماح الإنسانية العاتبة. أمّا الإنسان فهو أنت وأنا بأسماء أخرى، فأنا ثريا وأنت مجدي، أنا مروج وأنت نضال، وكلّنا أحلام وفداء. ليس في عنوان الرّواية مفارقة، ولا توقع ما لا تتوقع، فهو من العناوين الدّالة على الحدث، فتشعر بأنّ الآمال معتّقة، وتُسكرنا  بنبيذ ليس محرمًا على أصحاب الإرادة القويّة والثّقة العالية. الكاتبة أبدعت في اللعب على أوتار الرّمز، وقرع طبول المفارقة هنا وهناك، لتُدخل القارئ في متاهة الخيال، والاستعراض الذي يتوقعه حينًا ويخذله حينًا اخر.
أسقطت الكاتبة هدية علي النّزعة الرّجوليّة في التّقليد الشّرقي، لترسخَ بعض العادات التي لا نستطيع أن نتركها ما دمنا في مجتمعنا ...وكلمة مجتمعنا أكثرت منها كاتبتنا وإن دلّ ذلك على شيء، فدلالته على تمسّك إلصاق هذه العادات لهذا المجتمع. ذكرت كاتبتنا بعض عادات وتقاليد أعراسنا وأتراحنا، وكان من الصّعب عليّ فهمها لو لم أرتوِ من نهر مصطلحات خاصّة ببيئة الكاتب، فكثيرة هي المصطلحات التي كنت بحاجة لترجمتها في رواية هدية، لآنّ قاموسها كان قاموس القريةِ الوادعةِ الجميلةِ الحبيبةِ التي ترعرعت فيها وقويت أوتارها بحضنها. بورك هذا الابداع الرّائع المتجذُ بالأصالة والعراقةِالمتحبرُ بعادات تنحني لها الهاماتُ
 احترامًا، وأدام الله هذا المدادَ المتلّون في انتقاء أجمل العبارات، فرائحة حروفك كاتبتي الجميلة مبتلّة بعطر الأصالة وعبير العادات. شكرًا لعدسة تخترقُ الواقعَ لتكتبَ عنه بصدقٍ، ودام حبرُ محبرةِ الأفكارِ تنسجُ لنا كفّ الوجعِ على نول السّعادة، وتبلسمُ جراحَ فراغِنا بأعذبِ الكلماتِ.
وجاء في كلمة هديّة علي: مساؤكم أدبيّ ممتع أيّها الحضور الكريم، وشكري جمّ عميق للمجلس الملّي الوطني الأرثودكسي، ودار الأركان للإنتاح والنشر، وخاصّة الاستاذ المحامي فؤاد نقّارة الذي بادر وعمل على إنجاح هذه الأمسية، وتقديري عظيم للوجوه الكريمة التي لا أعرفها، والوجوه التي أعرفها، والذين قطعوا مسافة ساعة وأكثر لحضور الأمسية في هذا المكان الجليل المبارك. هذا العمل الأدبي الذي بين أيديكم كُتب بين السّنوات 1990- 1992 على شكل مسوّدة، وتمّ تنقيحه بين السّنوات 2010-2012، ويرجع الفضل لمضمونه للأديب القدير والأستاذ محمد نفّاع، حيث قدّم لروايتي الأولى: "أجراس الرّحيل" التي صدرت عام 1989، حيث نقلت مضمونها الخيال وهي تتحدث عن معاناة فتاة خنثى، ويناسب مضمونها جيل المرحلتين الإعدادية والثّانوية، وعندها نصحني بتدوين الواقع، فلم أجد أفضل وأمتع وأولى بالمعالجة من واقع بعض الشخصيّات المرموقة والمهمشة في قريتي الحبيبة بيت جن، ولذلك كان الإهداء الأول إلى من يقدّرون الأرض ويعطونها حقّها، إلى الذين كافحوا وصمدوا بعزّ وكرامة في أحداث الزابود. أستقي الأفكار من آمال وأحلام وآلام النّاس فيها، باذرة بين صفحاته بعض المعاناة لمعظم أبناء المجتمع العربي الدرزي في إسرائيل، وخاصّة الفتاة التي تعاني من الحصار العاطفي والاجتماعي والثّقافي والسّلطوي والذّكوري في تلك الفترة، وأيضًا قضية الانتماء. فلربما فكريًّا وروحيًّا تنبض بعروقهم القوميّة العربيّة، ولكن جسديًّا ينجرّون وراء الانتماء الصهيوني، لأسباب توفر وأضعها بين علامتي تعجب واستفهام، "الحياة الكريمة" وهذا ما جعل الشخصية المركزية في الرواية "ثريا الماضي"، وليس عبثًا اختيار الاسم، فالثّريا هي مجموعة الكواكب في السماء، وسميت كذلك لكثرة كواكبها، وكم نقول شتّان بين الثّرى والثّريا، لعلوّ قيمة وأهمّيّة الثّريا. أما العائلة الماضي فيعود ذلك إلى ماضي العرب العريق، زمن الجاهليّة والعصور اللاحقة الأمويّ والعباسي حتّى سنة 1258، وحرق المكتبة وسقوط بغداد، ولهذا تكتب البطلة في مذكراتها (لهفتي عليك يا أيام الجاهلية، أيّام العرب الحقيقيين أيّام نصر الأخ لأخيه، فهو مع أخيه على ابن عمّه، ومع ابن عمّه على الغريب، ولكن اليوم الغريبُ تغلغل بيننا وهو معنا على ابن عمنا وعلى أخينا، وحتى على أنفسنا رغمًا عن أنفنا، والثمن سنوات ضياع تدملون بها الحضيض ولم هذا؟ حَمَلَها أن تختار وتتزوج بعد صراع طويل مع نضال المُعاني من ضعف جنسيّ من  مجدي سليمان المنعوت أحيانا بالمجد، وما هذا إلا تفضيل بعض أو معظم أبناء الشعب العربي، ومن ضمنه الدّرزي الذي بدمه النّضال المجد، أي العيش تحت كنف (إسرائيل) وليس أي دولة عربيّة أخرى، رغم إيذائه، لها وليس عبثًا شوّه مجدي في الرواية بمتاجرته أوّلًا أخاها الحبيب وليد  (ص244). نعم عليها التمعن بكلماته ليس فقط على محنة فداء أيّام خدمته في الجيش، وإنما لتتأكد من أقوال هذا المجنون عن نضال. أصحيح هو من ضحّى من أجلها وتخلّى عنها، لأنّه يحبّها ولا يريد أن يظلمها، وهو يشعر بمدى مناشدتها للاستقرار تحت كنف الزّوجيّة، ويحسّ بتفجر أنوثتها أمام الرجولة. أهذا مذكور في الدّفتر إيّاه؟ هل ستردم أيّام العشرة الجميلة مع مجدي، وترجع لتتخبط بمشوار حياة تائه مع نضال؟ هل حقًّا الواجب يُملي عليها أن تقف جانبه، ولا تتركه وحيدًا في محنته؟ أم تنعمها بالغزل المترف وتذوقها للذة الحياة مغ المجد، يثييانها عن مساءلته وعن نصرته بنضاله، وقد تشوّقت للحظة الولوج لنفسها عند التقاء الجسدين؟
أمّا "فداء" فقد فدا روحه لأجل القضيّة. أمّا "أحلام" فلي وقفة طويلة لي معهما في الجزء الثّاني من الآمال المعتقة، والمعتّق هو الخاص بالنبيذ المحرّم على بني معروف، ولكن كلّما عتّق أصبح أغلى ثمنًا وأطيب طعمًا. بدأت بفتح الدرج المقفل، لنقل الأفكار الموشوشة المثقلة ذاكرتها بالآمال، والمترعة نفسها، وشرعت تخبّر أوراق مذكراتها مستهلّة بالعبارة التالية: "أنا رغم كلّ شيء سعيدة، ونار بيتي ولا جنّة المجهول، وآمالي المحرّمة المشبعة بالوجد والحنين، المشرعة أبوابها للمجد والنضال، كلما عتّقت أصبحت أكبر وقعًا، وأكثر قيمة وأغلى ثمنًا". أود التنويه لأسلوب الرّواية، باستخدامي للضميرين أنا والغائبة هي له هدف، ومذكراتها التي كتبتها بالضّمير الأول تتحدث عن ماضيها العريق، فعندما يقول الشّخص أنا إنّما يعتزّ ويفتخر، وهي كجمعيها تعتز وتفتخر بماضي العرب، وأنا الكاتبة هدية كتبت عنها بضمير الغائبة هي، لأنها بعد خطبتها للمجد لم تدّون ولم تحبّر أوراقها، وبقيت الأفكار تتكدس في ذاتها المعطوبة ص،273، "لن أعيد ما ذكرته سابقًا، بأنها بعد الخطوبة لمجدي، وبعد الزواج لم تدّون المذكرات، ولم تحبّر أوراقها بما يهاجمها من أفكار وأحداث وهلوسات. وإن سطرت مرّة على بعض قصاصات الأوراق، ما يدور في خلج مفتون مزّقته وأخفته في مغاور نفسها الهائمة بالمجد، وكأن تكتب، عندما تعجّ الذّاكرة بالماضي يأتيني مجدي بلمساته المسحورة، وبضمة واحدة منه أحسب أن الماضي مجرّد ماض، ولن يعود ولا دخل لحياتي به الآن". هناك أمر آخر أريد توضيحه، وخاصّة لمن واجهني أو تحدّث بغيابي، فلامني على وجود بعض الإباحيّة بالرواية، فأنا حقيقة أحترم رباط الزّوجيّة هذا الرّباط المقدّس، وأحبذ العلاقة السليمة بين الزّوجين ومن ضمنها العلاقة الجنسية، ولهذا كان أيضًا إهدائي لزوجي، وإلى كلّ من يتدثر بزوجته، وكأنها عباءة حريريّة يشدّ نعومتها لجسده العار،ي وتاجٌ ملوكيّ يسطع فوق هامته، ولا ينتعلها كحذاء يدوس به وَحْلَ أوهامه وجموحه وضعفه، وص19 جاء "وككل مرّة في الليالي السّعيدة يدثر مجدي زوجته ثريا بحبه وبرجولته، ويبثها لواعج شوقه، ويغمرها بعطائه السخي من شتّى ضروب الحبّ، وأمّا هي فلا تبخل عليه ولا تحرمه من خيرات جسدها، ولا تتوانى للحظة في تحقيق ما يرغب به، وهُما في دفق النشوة وبلوغ قمّة البسط والسّعادة، فالسّنوات العجاف وليالي الحرمان التي "مرقتها"، بعد طلاقها من زوجها الأوّل، تُلحّ عليها لأن تكون كريمة معه ولأبعد حدود الكرم، وليس هذا فقط، وإنّما مأربها وهدفها يتعدى ذلك، وهي تحترم "الرباط المقدس" رباط الزوجيّة، ومستعدة للتضحية حتى بمبادئها، كي تحافظ على سلامة البيت، وكي يتعلق بها زوجها أكثر، وكي لا "تزوغ عيناه" على الجنديات الجميلات اللاتي يتربصن لإيقاع الضحيّة، وهنّ قادرات على إغراء أي رجل، وكم بالحري مجدي الذي يُشعّ جَمالًا ورجولة، وتتمناه أية فتاة، عدا عن ذلك هو من علّمها وعوّدها على ألّا تخجل في سهرات الحبّ الجميلة هذه، وهذا من حقهما، فلا فرق بين الزوجة الدرزية وبين أيو فتاة يهوديّة أو أجنبيّة متحرّرة، تمارس الحبّ مع زوجها الذي يَعبدها ويعشقها، ويجد اللذة التي بحث عنها سابقًا في مغامراته التي لم يُخفِها عنها، وبالطّبع قبل أن يتزوجها، ولكنّه يؤطد دومًا أنّه بلغ أقصى متعته فقط مع زوجته الغالية الحبيبة ثريا، ولا يخفى عليها ما اكتشفته من خلال حرثها للقصص والروايات التي كانت مدمنة على قراءتها قبل الزواج، أن إحدى أسباب فشل العلاقة الزوجية بين الأزواج حين يشتمّ أحدهما روائح الخيانة، هي الخجل في ممارسة الجنسيّة، فيفعلان ذلك فقط لإنجاب الأولاد وكواجب عليهما، وقد يضطرّ أحدهما للبحث عن اللذة خارج هذا الإطار المقدس، فتسمح المرأة لنفسها بالتّعري من خجلها أمام عشيقها، وينفض الرّجل غبار تحرره الجنسي على العاهرات.
شكرًا للأخت الشّاعرة آمال عوّاد رضوان، التي لوْلاها لما تعرّفت أنا وزميلاتي الأديبات المبتدئات على هذه الأجواء الأدبية الجميلة الرّائعة. شكرًا لكم جميعًا، فوجودكم هدية أخرى أستقبلها. شكرًا لمن وقف وساهم بكلمة طيبة وهم: خلود فوراني، المحامي كميل مويس، محمد نفاع، د.رباح حلبي، د. محمد خليل، وهيب وهبة، د. يوسف ناصر، علي صلالحة، د. بطرس دلة، نادية صالح، نائلة قراقرة أبو منة، ذكاء حيحي، عدلة شداد خشيبون، روضة غنايم، علي رافع، محمّد علي سعيد، فاطمة ذياب، وسعاد قرمان.

ليست هناك تعليقات: