2014/02/07

عن أصدقائي والجوائز.... والغضب! بقلم: أحمد طوسون



عن أصدقائي والجوائز.... والغضب!
أحمد طوسون

بالصدفة فقدت حماستي للغضب، اكتشفت هذا الأمر الجلل في العامين الأخيرين.. قلت لنفسي ربما بسبب الذين أريقت دماؤهم على أسفلت السياسة أمام أعيننا وتجرأ البعض لتبرير ما حدث بما ارتكبه الضحايا ولم يحقق فيما ارتكبه الجناة، ربما لأننا فقدنا شيئا من إنسانيتنا ومن ضمائرنا بسبب الإعلام الذي دافعنا عنه حين حاول البعض سجنه بأفكارهم البالية في عام الحكم الإخواني على مصر، فوجدناه يطل علينا بعد 30 يونيو بخيبات الرؤية الواحدة والرأي الواحد وزرع الكراهية، ربما لأنني هرمت قليلا مع كل حلم يسقط من جرابي الصغير في وطن اعتاد اغتيال الأحلام.
لا أعرف ما قيمة هذه المقدمة الرومانسية بموضوع مقالي هذا!
لكن بعيدا عن المقدمات التي تدفعنا إليها الثرثرة، لي أصدقاء غاضبون من نتائج جوائز معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام.. البعض منهم صب جام غضبه على إحدى الفائزات، والبعض اتهم هيئة الكتاب وبعض رجالها في تسيير النتائج وفق الهوى وخلافه!
وخروجا على الدرب أردت انتقاد أصدقائي هؤلاء، أولا بدافع محبتي لهم حتى لا يصابوا بما أصابنا من أمراض ستنتهي في آخر الأمر باكتشافهم ضياع الغضب من جرابهم الصغير دون أن يتغير شيء كبير!.. ثانيا وهو الأهم أن ما يحدث في الجوائز المصرية لا يرتبط بمؤسسة أو جهة تشرف على الجائزة أو أشخاص يتوجهون بها وفق أهواء بقدر ما هو انعكاس لقاعدة مصرية عن الحب والكراهية.. إننا في مصر اعتدنا أن نحب بلا أسباب، ونكره بلا أسباب، فنرفع من نحب فوق أعناقنا ونتغاضى من أجل حبه عن كل الأخطاء، ونكره من نكره بلا أسباب ونرفض كل ما يفعله أو يقوله لمجرد أن دمه ثقيل على قلوبنا.. هذا أمر فوق الجوائز والأشخاص والمؤسسات.. الأمر المشترك بيننا كمصريين، سلطة ومعارضة، داخل المؤسسة أو خارجها.. أمر فوق ثقافي يخضع له الكافة حتى النبلاء منهم وإن تفاوتت النسب، ووجدت الاستثناءات النادرة!
لكن إذا جنبنا أصدقائي لبعض الوقت فإن ما يدهشني حقا هو عدم إعلان جائزة عن اسماء محكميها مع اعلان نتائج الجوائز.. فذلك قد يكون كافيا لوأد الغضب.. وقد يكون مدعاة لسعادة من لم يفوزوا.. لأن نتائج أي جائزة ترتبط بذائقة لجان محكميها.. وقد تعد جائزة إذا ارتبطت باسم أحد المحكمين إهانة لا تكريما إذا كان المحكم أقل إبداعا ووعيا من الأدباء المتنافسين، وهو ما يحدث كثيرا في الجوائز العربية والمصرية ومنها جوائز الدولة!
الجوائز التي تمنح لهوى الناشرين والمحكمين وعطايا للمحتاجين وللظروف الصحية والعلاقات الشخصية لا تستحق كل هذا الغضب.
 لا أمتلك تلك الرفاهية التي امتلكها أصدقائي، لا أمتلك كل هذا الغضب الذي امتلكوه بعد أن هرمت أكثر وصرت أتلمس الأعذار للجاني والضحية معا، لأننا في الحقيقة نتبادل الأدوار والوجوه والأقنعة، حسب مواقعنا المختلفة ولعبة الكراسي الموسيقية التي تلعبها معنا الحياة.
http://www.middle-east-online.com/?id=170814

ليست هناك تعليقات: