2014/02/05

عطر شاه .. متن وهامش يتعانقان في جديلة واحدة..بقلم: مدحت عبد الدايم

عطر شاه .. متن وهامش يتعانقان في جديلة واحدة 
كتب: مدحت عبد الدايم
 سبعة أيام سأقضيها في فندق فاخر، ينقسم اليوم هنا بين ندوات ولقاءات مع أصدقائي الكتاب المقيمين هنا، أو أولئك الذين جاءوا مثلي لاستلام جوائزهم، لكن قمر سعادتي لم يكتمل، أمي ليست معي، لن تشاركني لحظة النجاح التي حلمت بها، على سلم الطائرة تذكرت نفسي منذ أربعة عشر عاما، حين وصلت وعائلتي للسعودية، ألقيت نظرة الوداع الأخيرة ثم أغمضت عيني، أهاب الصعود، غفوت وأنا أعانق حزني المكتوم، هز أبي ذراعي بخفة وقال: "أنظري لقد وصلنا، اتفرجي على البلد من فوق" بدا لي المشهد خاليا من كل شيء سوى اللون الأصفر. إنها "عطر شاه" وفقا لرواية "نسرين البخشونجي" الصادرة عن "مجموعة النيل العربية" والتي تنتظم في جديلتين، أو متن وهامش، يشكلان معا مجرى لنهر واحد، من خلال قصة "عطر" الكاتبة الصحفية والروائية التي تحتفي مع زملائها بفوزها بإحدى الجوائز الدولية الأدبية قبل توجهها لاستلامها، وسط فرح البعض وغيرة الآخرين، ومن خلال قصة "شذى" التي تتعرف على "كريم" في دورة لإدارة الأعمال، وبعد توغلها في بحر الولع به، تطلب منه مقابلة والدها، فيختفي لبضعة أيام، وفي لحظة مكاشفة يقول لها بتردد: أنا بهائي، ليملأ الذهول فضاء المكان، ولتدلف الرواية إلى أجواء جديدة، أقل ما يمكن أن توصف به، أنها تقتلع شجيرات الأمل والحب دون رحمة، فالإسلام لا يسمح بهذه الزيجة وإن أجازها القانون، كما أن ديانة "كريم" وفقا لبطاقة الهوية "مسلم" وهنا يقفز السؤال من تلقاء ذاته: كيف يمكن لإنسان أن يعيش عمره منتميا لدين على الورق وآخر داخل أعمق نقطة في الروح؟ تعزف البخشونجي باقتدار على وتر حاد، من خلال إثارة العديد من القضايا الاجتماعية الشائكة فـ "عبير" زميلتها الجامعية التي تزوجت عرفيا من شاب مسيحي لأنها لا تحتمل الحياة بدونه، تم القبض عليهما في الشقة التي يلتقيان بها، ليجبر الشاب على إشهار إسلامه حتى لا يدخلا السجن بقضية آداب، أما "سامح" الملحد فيريد أن يثبت للجميع أنه تخلى بسهولة عن كل عاداته وأفكاره القديمة، فيما تكشف عن عورات التطرف والعصبية الطائفية المقيتة عبر مذابح البوسنة والهرسك المصورة، ومذابح لبنان، وفلسطين، وانفجار كنيسة القديسين بالإسكندرية، بينما ترى في صورة "محمد بوعزيزي" مفجر ثورة الياسمين أيقونة لغضب الشباب العربي، وأن الحشود في مصر رفعت سقف مطالبها الثورية عندما أصاب الغرور السلطة الحاكمة، والأمر كذلك ترصد الرواية كيف صار موت الأبرياء في مصر، على الطرق، وقضبان السكك الحديدية، وفي المستشفيات من الإهمال، واصطياد الشباب كما الطيور في المظاهرات واقعا يوميا مريرا، فيما تنتقد البخشونجي في روايتها من يبحثون عن "السبوبة" عبر سلسلة لا منتهية من الكتب التي يتكون عنوانها من كلمة "ثورة" تليها أي كلمة أخرى، ذلك والثورة لم تنته بعد

ليست هناك تعليقات: